فيروس نقص المناعة البشرية يُقاوم الأدوية عبر تعديله لهياكله البروتينية

اكتشفَ باحثون في معهد Salk، بالتعاون مع المعاهد الوطنية للصحة، الآليات الجُزيئية التي اكتسب من خلالها فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) المقاومة لدواء دولوتغرافير، وهو أحد أكثر الأدوية المضادة للفيروسات فعالية في علاج فيروس نقص المناعة البشرية.

وقد كشفت الدراسة الجديدة التي نُشرت في 21 يوليو 2023 في Science Advances، كيف يمكن للتغييرات في الهياكل ثلاثية الأبعاد للبروتين الأساسي HIV، أن تؤدي إلى مقاومة دولوتغرافير، وكيف يمكن للمركبات الأخرى التغلب على هذه المقاومة، إذ تحافظ بقية الأدوية على فعاليتها ضد فيروس HIV.

يقول الأستاذ المساعد في Salk Dmitry Lyumkis، المؤلف الرئيسي المشارك ورئيس Hearst Foundation Developmental: “لقد حُددت الآلية التي يُطور بها الفيروس القدرةَ على مقاومةِ الأدوية مثل دولوتغرافير، وهو أمرٌ مهم يجب أخذه بعين الاعتبار لتطوير علاجات أخرى في المستقبل”.

تعتمد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية على قدرة الفيروس على دمج مادته الجينية في جينوم الخلايا البشرية، وتحويل الخلايا المُضيفة بشكل أساسي لمصانع منتجة لعدد هائل من نُسخ فيروس HIV.

ويعمل دولوتغرافير والأدوية المشابهة على إيقاف إنزيم مهم يُمكّن الفيروس من دمج الحمض النووي الخاص به في جينوم المضيف، ومن دونه لن يتمكن فيروس نقص المناعة البشرية من أن يصيب الخلايا البشرية بشكل فعال.

إن فيروس نقص المناعة البشرية هو فيروس سريع التحور، وهناك عدد متزايد من سلالات فيروس نقص المناعة البشرية التي تقاوم دولوتغرافير.

واكتشف مختبر Lyumkis البنية الثلاثية الأبعاد لبروتينات الاندماج التي ترتبط بالحمض النووي، وكذلك كيفية ارتباط الأدوية مثل Dolutegravir معها بشكل تنافسي، ومنعها من الارتباط بالحمض النووي. لكن الباحثين لم يتمكّنوا من معرفة سبب توقف الفيروس عن الاستجابة ل Dolutegravir.

في الدراسة الجديدة، ابتكر ليومكيس نسخًا من البروتين مع الطفرات المحتملة التي تجعل فيروس نقص المناعة البشرية مقاومًا ل Dolutegravir. ثم حددوا بنية كل مجموعة مُطفرة، وكشفوا لماذا فقد الدواء فعاليته بالارتباط بالأشكال المتحورة من بروتين HIV الاندماجي.

قيّم العلماء “لياقة” الفيروس المُطفر (قدرته على إنتاج النسل) ونشاط الإنزيم لفهمٍ أفضل لمسببات مقاومة الأدوية لدى المرضى.

يقول ليومكيس: “لقد فوجئنا تمامًا بحجم المقاومة التي تتمتع بها هذه السلالات المُطفرة”.

وأضاف: “لقد تعطلت قدرة Dolutegravir على العمل بشكل كامل”.

اختبر الباحثون فعالية عقار 4 d التجريبي لفيروس نقص المناعة البشرية، الذي يعمل على حجب البروتينات التي تسبب المقاومة لدولوتجرافير وهو حاليًا في مرحلة التجارب قبل السريرية.

يمنع العقار التجريبي بشكل فعال قدرة فيروس نقص المناعة البشرية على دمج جينومه بجينوم الخلايا البشرية. يشير هذا إلى أنه يمكن استخدام 4 d أو أحد مُشتقاته بشكل فعال في علاج الفيروس لدى المرضى الذين ظهرت لديهم مقاومة Dolutegravir.

كما أن آلية تطوير هذا العقار عبر دراسة بنية الهياكل البروتينية يمكن أن تُشكّل انطلاقة في علوم تطوير أدوية جديدة للتغلب على مقاومة الأدوية.

يقول روبرت كريجي المؤلف المشارك: “الطريقة التي يغطي بها الجزيء رباعي الأبعاد للبروتين الهدف تشبه تغطية مجموعة من البروتينات بصفيحة عازلة يمكن تصنيعها في مركبات أخرى”.

والخطوةُ اللاحقة هي دراسة المتغيرات التي قد تظهر مستقبلًا، وآلية تأثيرها على الاستجابة للأدوية وقدرة الفيروس على تطوير مقاومة لها.

بعد ذلك، سيدرس العلماء كيفية تطوير المتغيرات المتكاملة -بما في ذلك تلك التي لم تظهر بعد في المرضى ولكنها ممكنة في المستقبل- وكيف تؤثر على الاستجابة لأفضل الأدوية المستخدمة سريريًا، وكذلك قدرة فيروس نقص المناعة البشرية على إصابة البشر.

  • ترجمة: وداد عنتر
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1