ماذا يحدث لبياناتك إذا غادرت إحدى منصات وسائل التواصل الاجتماعي؟

يلعب الإنترنت دوراً مركزيًا في حياتنا. لقد نشأت وكثيرين ممن هم في مثل عمري برفقة تطوير وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المحتوى.

أنشأت أنا وأقراني مواقع شخصية على GeoCities، دوّنا علىLiveJournal، كسبنا صداقات على Myspace وتجولنا على Nexopia. تشغل العديد من هذه المنصات السابقة والمساحات الاجتماعية أجزاء كبيرة من ذكريات الشباب، ولهذا السبب أصبحت شبكة الإنترنت شبكة معقدة من الارتباط والاتصال.

يتناول بحث الدكتوراه الذي أجريته الكيفية التي أصبحنا بها (قاعدة بيانات) مرفقة بالبيانات التي أنتجناها طيلة حياتنا بطرق نستطيع أو لا نستطيع أن نتحكم بها.

ماذا يحدث لبياناتنا عندما نترك إحدى المنصات؟ ماذا ينبغي أن يحدث؟ هل تريد أن تقول شيئًا؟

إنتاج كميات هائلة من البيانات:

ننتج البيانات كل يوم كجزء من عملنا واتصالاتنا والأعمال المصرفية والسكن والنقل والحياة الاجتماعية. فنحن في كثير من الأحيان لا ندرك وبالتالي لا نستطيع أن نرفض كمية البيانات التي ننتجها، ونادرًا ما يكون لنا رأي في كيفية استخدامها أو تخزينها أو نشرها. ويؤثر انعدام السيطرة هذا سلبًا علينا، والآثار غير متناسبة عبر التقاطعات المختلفة للعرق والجنس والطبقة. ويمكن أن تُستخدم المعلومات المتعلقة بهوياتنا في الخوارزميات ومن قبل الآخرين لقمع شخصياتنا وتمييزنا ومضايقتنا وخداعنا وإيذائنا بأي شكل.

وكثيراً ما يُنظر إلى خصوصية البيانات الشخصية على غرار الانتهاكات التي ترتكبها الشركات واختراقات السجلات الطبية وسرقة بطاقات الائتمان. وتبين البحوث التي أجريتها عن مشاركة الشباب وإنتاج البيانات على المنصات الشعبية التي ميزت أواخر التسعينات إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (مثل GeoCities وNexopia وLiveJournal وMyspace) أن هذه الفترة هي حقبة من خصوصية البيانات التي لا يُنظر إليها غالباً في سياقنا المعاصر.

وغالبًا ما تكون البيانات شخصية وتُنشئ ضمن سياقات محددة من المشاركة الاجتماعية والرقمية. ومن الأمثلة على ذلك المدونات اليومية والكتابة الإبداعية وصور السيلفي والمعجبين. ويمكن أن يكون لهذا المحتوى الذي ينشئه المستخدم عمرًا طويلًا ما لم تُتخذ إجراءات لحذفه بعناية، فالإنترنت يبقى إلى الأبد.

القوة الهائلة التي تمتلكها قرارات خصوصية البيانات:

من المفترض أن تتأثر القرارات حول ما يجب أن يحدث لآثارنا الرقمية بالناس الذين صنعوها.

يؤثر استخدامها على خصوصيتنا واستقلاليتنا وعدم الكشف عن هويتنا، وهو في نهاية المطاف مسألة سلطة. وعادةً عندما يتوقف أو يختفي موقع أو منصة، يتخذ موظفو الشركة القرارات حول البيانات على أساس مخصص.

تبقى البيانات الخاصة (التي تُنتج على منصة وتحتفظ بها الشركة) في تقدير الشركة، وليس الأشخاص الذين قاموا بإنتاجها. وفي كثير من الأحيان، فإن الخيارات التي توفرها المنصة للمستخدمين لتحديد خصوصيتهم أو حذفها لا تزيل جميع الآثار الرقمية من قاعدة البيانات الداخلية. وبينما تُحذف بعض البيانات بشكل منتظم (مثل بريد ياهو الإلكتروني)، يمكن أن تبقى بيانات أخرى على الإنترنت لفترة طويلة جدًا.

في بعض الأحيان، تُجمع هذه البيانات من قبل أرشيف الإنترنت، وهو مكتبة رقمية على الإنترنت. وبمجرد أرشفته، يصبح جزءًا من تراثنا الثقافي الجماعي، ولكن لا يوجد إجماع أو معايير لكيفية التعامل مع هذه البيانات. وينبغي دعوة المستخدمين إلى النظر في الطريقة التي يريدون بها جمع بياناتهم على إحدى المنصات أو تخزينها أو حفظها أو نشرها أو إتلافها في أي سياقات.

ماذا ينبغي أن يحدث لمعلوماتنا على الإنترنت؟

في بحثي، أجريت مقابلات مع المستخدمين حول آرائهم بشأن أرشفة وحذف البيانات الشخصية. تفاوتت الردود بشكل كبير: في حين أُصيب البعض بخيبة أمل عندما اكتشفوا اختفاء مدوناتهم من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أُصيب آخرون بالرعب من استمرار وجودها. وغالبًا ما تتوافق هذه الآراء المختلفة مع الاختلافات في سياق الإنتاج مثل الحجم الأصلي لجمهورهم وحساسية المادة وما إذا كان يتضمن المحتوى صور أو نص أو يستخدم لغة غامضة أو صريحة أو يحتوي على روابط لمعلومات محددة مثل الصفحة الشخصية الحالية على الفيسبوك.

يناقش الباحثون في كثير من الأحيان ما إذا كان ينبغي استخدام المحتوى الذي ينتجه المستخدم للبحث وتحت أي ظروف. في كندا، يؤكد بيان سياسة المجلس الثلاثي للأبحاث الأخلاقية أن المعلومات المتاحة للجمهور ليس لديها توقعات معقولة للخصوصية. ولكن هناك تفسيرات تشمل متطلبات وسائل التواصل الاجتماعي المحددة للاستخدام الأخلاقي. ومع ذلك لا يسهل التمييز بين القطاعين العام والخاص في السياقات الرقمية.

وساعدت اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي على تغيير المعايير التي تعالج بها الشركات البيانات الشخصية وما وراءها، عن طريق توسيع نطاق الحقوق في النظر في فرض قيود على الوصول إلى البيانات الشخصية وتعديلها وحذفها ونقلها. تُعد المادتان 17 و19 من GDPR بشأن الحق في المحو (الحق في النسيان) خطوة هامة نحو حقوق الخصوصية الرقمية الفردية. أما الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فلديها وضع قانوني يسمح لها بإزالة آثارها الرقمية، إذا أسهمت في إلحاق الضرر الشخصي أو تقديم معلومات غير دقيقة.

الحق في السلامة على الإنترنت:

ومع ذلك، جادل الكثيرون بأن التركيز على الخصوصية الفردية من خلال الموافقة المدروسة ليس في وضع جيد في السياقات الرقمية التي غالبًا ما يتم فيها تجربة الخصوصية بشكل جماعي. كما أن نماذج الموافقة المدروسة تديم التوقعات بأن الأفراد يمكن أن يحافظوا على الحدود حول بياناتهم وينبغي أن يكونوا قادرين على توقع الاستخدامات المستقبلية لها.

واقتراح أن مستخدمي المنصات يمكن أن يتولوا مسؤولية حياتهم الرقمية يضع عليهم الدافع لمراقبة أنفسهم باستمرار والحد من آثارهم الرقمية. معظم إنتاج البيانات هو خارج سيطرة المستخدم، وذلك ببساطة بسبب البيانات الوصفية التي تُنتج من خلال الانتقال عبر الإنترنت.

إذا كانت شبكة الإنترنت مساحةً للتعلم واللعب والاستكشاف والاتصال، فإن تخفيف المخاطر المستقبلية باستمرار من خلال توقع كيف ومتى يمكن استخدام المعلومات الشخصية بنشاط يعمل ضد هذه الأهداف.

  • ترجمة: حنان الميهوب
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1