ما الذي يجعل مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالأمراض؟
أظهر العلماء أنّ أحد أنواع البروتين المسؤولة عن إنذار الخلايا المناعية لتقوم بمكافحة الأمراض يتواجد بنسبة قليلة لدى مرضى السُّكَّري؛ مما يجعلهم أكثر قابليّة للإصابة بالأمراض.
ترتفع احتمالية العدوى لدى مرضى السُّكَّري من النمط الأول وذلك بسبب ضعف جهازهم المناعي؛ مما يعني أنهم غالبًا ما يصابون بالأمراض.
يحدث مرض السُّكَّري من النمط الأول عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج كميّاتٍ كافية من الإنسولين فيضطر مرضى السُّكَّري من النمط الأول للاعتماد على جرعات الإنسولين، ويساعد الإنسولين سكّر الدم على الدخول للخلايا ويُستخدم فيما بعد لتوليد الطَّاقة.
يقاوم مرضى السُّكَّري من النمط الأول الفيروسات والجراثيم وغيرها من الكائنات الحيَّة الدقيقة التي تتسبب في حدوث الأمراض وتدعى: (العوامل الممرضة) بصعوبةٍ بالغة. غير أنّه لا يزال الباحثون عاجزين عن إدراك سبب عدم مقاومة الأمراض التي يتعرض لها مرضى السُّكَّري من النمط الأول.
وقد توصّل فريقٌ من الباحثين الدوليين مؤخّرًا إلى أنّ العلاقة التي تربط بين مرضى السُّكَّري من النمط الأول والقابلية للإصابة بالأمراض من المحتمل أن تُعزى إلى البروتينات الموجودة في الدم.
وللتأكّد من هذا الاعتقاد، قام الباحثون بإجراء فحوصات دموية لمجموعةٍ من المتطوعين في الدراسة ليتحققوا من كيفية استجابة البروتينات لديهم عند تعرّضهم لثلاثة أنواعٍ من العوامل الممرضة الجرثومية.
بلغ عدد المتطوعين في الدراسة 299 متطوّعًا، منهم 243 مصابًا بمرض السُّكَّري من النمط الأول، و56 من الأصحّاء الذين لا يعانون من أية أمراض. جرى الاختبار على ثلاثة عوامل ممرضة مختلفة وهي: المُبْيَضَّةُ البَيضاء، والعُنْقودِيَّةُ الذَّهَبِيَّة، والمُتَفَطِّرَةُ السُّلِّيَّة.
ثمّ مزج الباحثون هذه الأنواع الثلاثة من العوامل مع عيّناتٍ دمويّة أُخذت من كافّة المتطوعين.
ويفترض الباحثون بأن مركبات البروتين الدقيقة الموجودة في الدم والتي تُدعى (السيتوكينات/ Cytokines) قد أظهرت استجابةً مختلفة لهذه العوامل الممرضة عند مرضى السُّكَّري. والسيتوكينات (هي مركّبات بروتينية تقوم باستدعاء الخلايا المناعية إلى أماكن العدوى)؛ فهي تلعب دور المرسال الخلَوي الذي يساعد في تنظيم استجابة الجسم للعوامل الممرضة، والآليّة التي تتم بها مقاومة العدوى.
ولاختبار إنتاج السيتوكين وَجَب على الباحثين أن يقوموا بعزل خلايا دموية خاصّة تحتوي على الخلايا المناعية وتدعى: (خلايا الدم المحيطية وحيدة النواة/ PMBCs)؛ وذلك من خلال فصل عيّنات الدم في جهاز الطرد المركزي الذي يعزل ال PMBCs عن البلازما ومكونات الدم الأخرى. وقد مزج الباحثون خلايا ال PMBCs التي تم عزلها مع العوامل الممرضة السابقة وقاموا بقياس كميّة السيتوكين في كلّ مزيج.
وبعد مضي 24 ساعة، قارن الباحثون بين كميات السيتوكين التي نتجت كاستجابةٍ لكلٍّ من العوامل الممرضة في عيّنات الدم المأخوذة من مرضى السُّكَّري والمتطوعين الأصحاء. وقد تبيّن أنّ عيّنات دم مرضى السُّكَّري التي تم مزجها مع المُبْيَضَّةُ البَيضاء والعُنْقودِيَّةُ الذَّهَبِيَّة احتوت على كميّاتٍ أقل من السيتوكين مقارنةً بعيّنات المتطوعين الأصحاء. ومن ناحيةٍ أخرى، فقد حَوَت عيّنات دم مرضى السُّكَّري الممزوجة بالمُتَفَطِّرَةُ السُّلِّيَّة الكمية ذاتها من السيتوكين بالمقارنة مع عيّنات دم المتطوعين الأصحاء.
وأوضح فريق الباحثين أنّ هذه النتائج تؤكّد أنّ مرضى السُّكَّري من النمط الأوّل يكون إنتاج السيتوكين لديهم أقلّ عمومًا مقارنةً بالأصحاء. وجميع أنواع السيتوكين التي قام الباحثون بإجراء الاختبار عليها تلعب دورًا في إحداث ردات فعلٍ التهابية لمكافحة العوامل الممرضة الجرثومية والفطرية. وقد توصّلوا لنتيجةٍ مفادها أنّ النقص في إنتاجِ السيتوكين قد يكون السبب في جعل مرضى السُّكَّري من النمط الأوّل أكثر عرضةً للإصابة بهذه الأمراض.
وتعتبر هذه الدراسة بمثابة الخطوة الأولى لإدراك تأثير إنتاج السيتوكين على الجهاز المناعيّ لدى مرضى السُّكَّري من النمط الأوّل، إلّا أنّ التساؤلات حول هذا الموضوع لا زالت مستمرة. ويقترح الفريق أن يتمّ البحث مستقبلاً في العوامل الأخرى التي تخفض إنتاج السيتوكين، مثل: العمر، والجنس، والعوامل البيئية.
كما أفادوا أيضًا أنّ هذا النوع من الأبحاث من شأنهِ أن يساعد على تطويرِ معالجاتٍ دوائيّة جديدة تعمل على زيادة إنتاج السيتوكين لدى مرضى السُّكَّري من النمط الأول.
- ترجمة: آلاء نوفلي
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1