مؤلِفان يقاضيان شركة OpenAI بسبب تدريب برنامجChatGPT على كتبهما، هل سيربحان الدعوى؟

تخيل أَنك تقرأ كتابًا وتخزن بعض تفاصيله في دماغك وتتأمل الأفكار الواردة فيه، ثم يسألك شخص ما عن شيء متعلق بالكتاب وتزودهُ بردٍ مكتوب، هل ستتفاجأ إذا حاول مؤلف الكتاب مقاضاتك بسبب انتهاك حقوق النشر؟

هذا بالضبط ما تواجههُ شركة OpenAI.

رفع كُلًّا من مُنى عوض مؤلفة روايتي (الأرنب) و (13 طريقة للنظر إلى فتاة سمينة) وبول ترمبلاي، مؤلف رواية (الكوخ في نهاية العالم) دعوى قضائية ضد شركة OpenAI الاسبوع الماضي، زاعمين أَن الشركة استخدمت كتبهم لتدريب برنامج ChatGPT (وهو أحد برامجهم في الذكاء الاصطناعي) دون موافقتهم.

وقد ذكرت صحيفة الغارديان أَن هذه هي الدعوى الأَولى ضد برنامج ChatGPT بما يتعلق بحقوق النشر.

الاختلاف الوحيد عن السيناريو الذي أشرتُ إِليه هو أَنهُ بدلًا من أَن يقرأ الإِنسان كتابًا، فإن شركة OpenAI متهمة بالسماح لبرامج الذكاء الاصطناعي بنسخ كتاب إلى قاعدة بياناتها الداخلية والتدرب عليه.

ما هي فرصة نجاح الدعوى؟

تقوم برامج الذكاء الاصطناعي المتهمة على نماذج لغوية واسعة، والتي تتدرب على البيانات التي تكون بشكل أعمال مكتوبة; من أجل توفير استجابات لغوية طبيعية لدى طلبها من المستخدمين.

فأساس الدعوى هو أَن الذكاء الاصطناعي لدى شركة OpenAI قد درب برامجه على رواياتهم وأنتج ملخصات دقيقة عنها عندما طُلِبَ منهُ ذلك.

والجدير بالذكر، أَن الدعوى لا تُحدد أجزاء بعينها من روايات (عوض) و (ترمبلاي) كان قد تم نسخها وتقديمها بشكلٍ غير قانوني في الملخصات.

تزعم الدعوى القضائية أَن شركة OpenAI تستخدم “مكتبات الظل Shadow Libraries” تلك المكتبات التي تنشر بشكل غير قانوني آلاف الأعمال المحمية بحقوق النشر (باستخدام أنظمة التورنت Torrent Systems).

يستند ادعاء (عوض) و (ترمبلاي) إلى ورقة بحثية أجرتها شركة OpenAI في عام 2020 تكشف أَنَ 15% من مجموعة بيانات التدريب الخاصة بهم تأتي من “فئتي الكتب على الإنترنت” وهذا مصطلح لمصدر من مصادر الذكاء الاصطناعي على الانترنت.

لكن الدعوى القضائية تواجه بعض العقبات المباشرة.

سيحتاج المتقاضون إلى إثبات أَن شركة OpenAI قامت على الأرجح بنسخ أعمالهم، وسيحتاجون أَيضًا إلى إثبات احتمال تعرضهم لبعض الخسائر الاقتصادية. فلا تمتد حماية حقوق النشر إلى حماية الأَفكار بشكلٍ حاسم.

تقتصر حماية حقوق التأليف والنشر على الشيء المكتوب. وعلى الرغم من أَن نسخ شيء ما إلى قاعدة بيانات قد يكون انتهاك، إلّا أنهُ من غير المُحتمل أَن يتسبب هذا العمل بمفردهِ في إلحاق ضرر كبير بالمصالح الاقتصادية للمؤلفين.

يكمن الخطر الحقيقي في أَن تقنيات شركة OpenAI يمكن أَن تقوم ببعض المهام التي يمكن للمؤلفين البَشّر القيام بها.

كيف يُطَبق القانون الاسترالي؟

إِنَ تقنيات شركة OpenAI هي مجرد الجيل الأول لما تبدو عليه هذه التكنولوجيا. لا شك أَن العديد من المؤلفين -وغيرهم من الأشخاص المبدعين- بدأوا في التساؤل عمّا سيحدث عندما تتطور هذه التكنولوجيا والتقنيات المماثلة.

يُشير قانون مور Moore’s Law (وهو قانون يقول بتضاعف قدرة التكنولوجيا الرقمية كل عامين تقريبًا) إلى أَن معدل تطور التكنولوجيا قد يكون متسارعًا.

ماذا سيحدث إذا تم رفع دعوى مماثلة في أستراليا؟ هل ستتدخل قوانين التعامل العادل لدينا Fair Dealing وتحمي تطوير التكنولوجيا، أم أنها ستنحاز إلى المؤلفين؟

تُسمّى هذه القوانين في الولايات المتحدة بمبدأ الاستخدام العادل Fair Use في قوانين حقوق النشر.

في الماضي، تم تطبيق مبدأ الاستخدام العادل لتحقيق التوازن بين التقنيات الجديدة ومصالح حقوق النشر. فحالة مُسجل كاسيت الفيديو من سوني هي خير مثال مشهور على ذلك.

في قضية سوني، سمحت غالبية المحكمة العليا الأمريكية لأصحاب المنازل بتسجيل برامجهم التلفزيونية المفضلة ومشاهدتها لاحقًا، طالما أنهم لن يحتفظوا بالتسجيلات. بالمقارنة، أستراليا لم تُجيز هذا حتى عام 2006.

سمح الاستخدام العادل أَيضًا لفرقة الراب 2-Live Crew بإعادة صياغة جذرية لأغنية روي أوربيسون Pretty Woman ومحاكاة ساخرة لها.

وضعت أستراليا فعليًا جوهر بعض قرارات الاستخدام العادل الأمريكي في قانون حقوق الطبع والنشر. يحتوي قانون حقوق الطبع والنشر الأسترالي على أحكام بشأن التسجيل على فترات زمنية والتعامل العادل مع المحاكاة الساخرة.

ومع ذلك، رفضت أستراليا مرارًا إدراج مبدأ الاستخدام العادل ضمن إطار قانونها.

بدلاً من ذلك، تعتمد أستراليا على قانون شبيه إلى حد ما، معروف باسم مبدأ التعامل العادل. فالدعوى المرفوعة من منى عوض وبول تريمبلاي ضد شركة OpenAI ستفشل على الأرجح في أستراليا.

الأفكار ليست محمية

يحمي القانون الأسترالي الأعمال المكتوبة -كما في الولايات المتحدة- ولكن ليس الأفكار; لأن الناس يحتاجون أن يكونوا أحرارًا في استخدام الأفكار في أعمالهم اللاحقة.

فيجب أَن ينطبق المنطق نفسه على النماذج اللغوية الواسعة لدى شركة OpenAI.

ويظهر حاجز هائل في الأفكار الأساسية لقانون حقوق التأليف والنشر، فقد تم ابتكار حق المؤلف وصقله في عصر كان فيه البَشّر فقط من يقومون بالكتابة والنسخ. هذا يعني أَن المفاهيم الأساسية في القانون الذي يحمي الحصول على كفاف العيش والانتهاك والاستثناءات ما هي إلّا أمور مرتبطة بالإنسان فقط.

قد يكون هذا بمثابة جبل لتسلقه في أي

دعوى قضائية تتعلق بحقوق التأليف والنشر. فإذا لم يرتكب أَي من البَشّر فعلًا من أفعال الانتهاك، فقد يكون من الصعب إلقاء المسؤولية على أفراد البَشّر على الرغم من أن المؤلف قد يشعر بالظلم.

ومع ذلك فإِن المشكلة الأساسية هي أَن القانون الأسترالي لا يتضمن قاعدة قانونية مفتوحة مثل مبدأ الاستخدام العادل، والتي يمكن أن تحقق توازنًا جيدًا بين التكنولوجيا والمؤلفين.

ولا يزال يتعين علينا إجراء نقاش حول السياسة هنا حول كيفية إدارة الصراع الذي يلوح في الأفق بين التقنيات المتطورة بسرعة والمؤلفين الذين يعتمدون على كتاباتهم في كسب عيشهم.

قد تفشل مقاضاة شركة OpenAI لكنها الإشارة الأولى نحو تحوّل كبير في قوانين حقوق النشر بسبب الذكاء الاصطناعي.

  • ترجمة: وجيه الشبعان
  • تدقيق علمي ولغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1