باحثون يطورون نظام تتبع وإنذار مبكر للأوبئة الفيروسية بالاعتمادِ على الذكاءِ الاصطناعي
طورَ باحثون منْ معهدِ سكربيس للبحوث نظامًا آليًا -نوعٌ منْ تطبيقاتِ الذكاءِ الاصطناعيِ- يمكنهُ تتبع التطور الجزيئي للفيروساتِ الوبائيةِ، والتنبؤ بظهورِ المتغيراتِ الفيروسيةِ ذاتِ الخصائصِ الجديدةِ المهمةِ.
في ورقةٍ بحثيةٍ في Cell Patterns في 21 يوليو 2023، استخدمَ الباحثونَ بياناتٍ عنْ متغيراتٍ SARS -CoV -2 المسجلةَ ومعدلاتُ وفياتِ COVID -19، وأظهروا أنَ النظامَ كانَ يمكنُ أنْ يتنبأَ بظهورِ سارس – CoV -2 الجديدةَ (VOCs) وهيَ “المتحوراتْ المثيرةَ للاهتمامِ” قبلَ التصريحِ عنها منْ قبلِ منظمةِ الصحةِ العالميةِ (WHO).
تشيرُ النتائجُ التي توصلوا إليها لإمكانيةِ استخدامِ هذا النظامِ بشكلٍ مباشرٍ وآني لتتبعِ الأوبئةِ الفيروسيةِ في المستقبلِ.
يقول أبرزَ مؤلفي الدراسةِ ويليامْ بالتشْ (دكتوراه، أستاذٌ في قسمِ الطبِ الجزيئيِ في سكريبسْ للبحوثِ): “هناكَ قواعدُ لتطورِ فيروسٍ وبائيٍ لمْ نفهمها، ولكنْ يمكنُ اكتشافها واستخدامها بشكلٍ عمليٍ منْ قبل مؤسساتِ الصحةِ العامةِ والخاصةِ، عبرَ الاستفادةِ منْ أدواتِ الذكاءِ الاصطناعيِ“.
يتخصصَ فريقُ بالتشْ في تطويرِ نماذجِ محاكاةٍ حاسوبيةٍ تعتمدُ على الذكاءِ الاصطناعيِ لإلقاءِ الضوءِ على الاختلافاتِ الجينيةِ وتأثيرها على الأعراضِ وآليةِ اجتياحِ تلكَ الأوبئةِ.
في هذهِ الدراسةِ، أجروا تطبيقٌ عمليٌ للنظامِ على جائحةٍ COVID – 19. تمتْ برمجةَ هذا النظامِ باستخدامِ استراتيجيةٍ تسمى التغايُر المكاني القائم على العملياتِ الغاوسية (وهيَ نماذجُ إحصائيةٌ لتحديدِ علاقةِ الارتباطِ بينَ مجموعاتٍ منْ القيمِ)، لربطِ ثلاثِ مجموعاتِ بياناتٍ تغطي مسارَ الوباءِ: التسلسلاتُ الجينيةُ لمتغيراتِ SARS – CoV – 2 التي أصابتْ الأشخاصَ حولَ العالمِ، وتردداتُ تلكَ المتغيراتِ، ومعدلَ الوفياتِ العالميِ ل COVID – 19.
يقولَ Loguercio: “استخدمتْ هذه الطريقة الحسابية بيانات منْ قواعد بيانات متاحة للجميعِ ويمكن تطبيقهُ على أيِ مصدرٍ يوفرُ خرائطَ جينية”.
مكّنَ البرنامج الباحثينَ منْ تتبعِ مجموعاتِ التغييراتِ الجينيةِ التي تظهرُ في السلالاتِ المتحورةِ منْ SARS – CoV – 2 حولَ العالمِ.
تشير هذهِ التغييراتِ -التي تتجهُ عادةً نحوَ زيادةِ معدلاتِ الاجتياحِ وتخفيضِ معدلاتِ الوفياتِ- إلى تكيفاتِ الفيروسِ معَ إجراءاتِ الحجرِ الصحيِ، وارتداءُ أقنعةِ الوجهِ (الكماماتُ الطبيةُ)، واللقاحاتُ، وتزايدَ المناعةِ الطبيعيةِ حولَ العالمِ، والتنافسيةُ المستمرةُ بينَ متغيراتٍ SARS – CoV – 2 نفسها.
يقولَ بالتشْ: “يمكننا ملاحظة أنَ المتغيرات الجينية الرئيسيةَ تظهرُ وتصبحُ أكثر انتشارًا، إذ تغير معدل الوفياتِ أيضًا، وكلَ هذا كانَ يحدثُ بشكلٍ استباقي قبلَ التصريحِ عنْ هذهِ السلالاتِ المتحورةِ بشكلٍ رسميٍ منْ قبلِ منظمةِ الصحةِ العالمية”.
أظهرَ الفريقُ أنهُ يمكنهمْ استخدامُ نظامِ التتبعِ هذا باعتبارِ النظامِ “كاشفٍ للتحويرات” يمكنهُ التحذيرُ المبكرُ فيما يتعلقُ بالمتغيراتِ الجينيةِ المرتبطةِ بالسلالاتِ المهمةِ وتأثيرها على انتشارِ الفيروسِ ومعدلاتِ الوفياتِ.
يقولَ بالشْ: “إحدى الفوائدِ الأساسيةِ في هذا العملِ هوَ أنهُ منْ المهمِ ألا نأخذَ في الاعتبارِ عددًا قليلًا منْ السلالاتِ البارزةِ فحسبَ، ولكنْ يجبُ أيضًا مراعاةَ عشراتِ الآلافِ منْ المتغيراتِ الأخرى غير المحددةَ، التي نسميها” المادةَ المظلمةَ للمتغيراتِ “، ويقصدَ بذلكَ تشبيهَ تلكَ السلالاتِ بالمادةِ المظلمةِ في الفضاءِ كونها مجهولة ومهمة في الوقت نفسهِ.
لاحظَ الباحثونَ أنهُ يمكنُ استخدامَ نظامٍ مماثلٍ لتتبعِ التطورِ التفصيليِ للأوبئةِ الفيروسيةِ المستقبليةِ لحظةً بلحظةٍ.
منْ ناحية المبدأُ، سيتمكنُ العلماءَ منْ التنبؤِ بالتغيراتِ في مسارِ الجائحةِ -على سبيلِ المثالِ، الزياداتُ الكبيرةُ في معدلاتِ الإصابةِ- في الوقتِ المناسبِ لاعتمادِ تدابيرِ الصحةِ العامةِ المضادةِ المناسبةِ.
يتوقعَ بالتشْ وزملاؤهُ أيضًا أنْ يوفرَ هذا النظامِ وسيلةً لفهمِ بيولوجيا الفيروسِ بشكلِ أفضلَ وبذلكَ تعزيزِ تطويرِ العلاجاتِ واللقاحاتِ، وهوَ يستخدمُ حاليا للكشفِ عنْ التفاصيلِ الرئيسيةِ لكيفيةِ عملِ بروتيناتٍ SARS – CoV – 2 المختلفةَ معًا في تطورِ الوباءِ.
يقولَ كالفيرلي: “إنَ هذا النظامِ والآليةِ التي يعملُ بها لها العديدَ منْ التطبيقاتِ المستقبليةِ المحتملةِ”.
- ترجمة: وداد عنتر
- تدقيق لغوي: غفران التميمي
- المصادر: 1