تزايد حالات السرطان بين الشباب والسبب مجهول!

تشخيص مرض السرطان في أي مرحلة من العمر يُعَدُّ تجربةً مؤلمة، وما يُزيد القلق هو الارتفاع الملحوظ في انتشاره بين الشباب، كما كشفت دراسة حديثة. يُشكِّل هذا التحدي حافزًا لعلماء الأوبئة للعمل على فهم أسباب هذا الارتفاع والعمل على إيجاد حلول.

لفت هذا التزايد المقلق منذ مدة انتباه الباحثين، مثل بنجامين كوه، الطبيب الباحث في جامعة الأمم المتحدة الوطنية في سنغافورة وزملاؤه، أرادوا فهم ما حدث مؤخرًا، تحديدًا في الولايات المتحدة، فتحتم عليهم متابعة البيانات لمعرفة ما إذا تغيرت الأمور للأفضل أم للأسوأ.

في العام الماضي، تمت مراجعة بيانات السرطان العالمية لثلاثة عقود، واكتشفوا أن هناك زيادة في حالات الإصابة بالسرطان بين البالغين دون سن الخمسين بدءًا من تسعينيات القرن الماضي.

تشير الأبحاث إلى أن سرطانات البالغين تختلف عن أنواع السرطانات التي تؤثر في نفس أعضاء الجسم للأشخاص الأكبر سنًا، وبالتالي تؤثر هذه الاختلافات في خيارات العلاج. لذا يجب علينا أن نفهم أي فئات عمرية تؤثر فيها أنواع السرطانات وكيفية حدوثها.

بغض النظر عن الآراء العالمية، تُعد البيانات المتعلقة بالفئات السكانية المحددة مفيدة لوضع سياسات الصحة العامة وتحديد أولويات تمويل البحث. عمومًا، يظل العمر العامل الأكبر لزيادة خطر الإصابة بالسرطان، خاصةً وأنه مرض ينجم عن تراكم طفرات جينية.

ومع ذلك، تبقى تطورات المرض في فئات الأعمار الأصغر مستمرة، ولا يزال خبراء الصحة في حيرة بشأن هذه التطورات.

في العديد من البلدان، ولا سيما في الولايات المتحدة، يمكن أن تكون زيادة معدلات إصابة البالغين الشبان بالسرطان ناتجة عن مجموعة متنوعة من العوامل: تغير في نمط النظام الغذائي وأساليب الحياة ونمط النوم، بالإضافة إلى السمنة المفرطة واستخدام المضادات الحيوية وتلوث الهواء.

يتباين النمط الذي يتغير به معدل حدوث حالات الإصابة بالسرطان على مر الزمن. فبرامج فحص السرطان تزيد من اكتشاف حالات السرطان، ونأمل أن تكون هذه الحالات في مراحل مبكرة لعلاجها بفاعلية أكبر. من ناحية أخرى، تسهم برامج التطعيم في منع حدوث بعض أنواع السرطان.

مع ذلك، هناك دراسة دولية لعام 2022 أشارت إلى زيادة في حالات السرطان في مراحل مبكرة بشكل غير متوقع. هذا الارتفاع لا يمكن تفسيره فقط بزيادة برامج الفحص، والتي عادةً ما تستهدف الأشخاص فوق سن 50.

رغم أن هذه الدراسة الجديدة لم تأخذ في الحسبان تأثير برامج فحص السرطان وبرامج التطعيم، إلا أنها بفحص مصادر البيانات الموجودة تقدم لمحة شاملة ومحدثة حول معدلات الإصابة بالسرطان لمن هم دون سن 50 بين عامي 2010 و2019 في الولايات المتحدة.

حدد كوه وزملاؤه إجمالي 562,145 شابًا وشابة في 17 سجل مرتبط بحالات تشخيص السرطان الحديثة في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، واستخدموا هذه السجلات لتقدير معدلات الإصابة على مستوى السكان على مدى العقد حتى عام 2019.

مصطلح «الإصابة» يشير إلى الحالات الجديدة المشخصة في السكان خلال فترة زمنية معينة.

بشكل عام، ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان لدى من هم دون سن 50 إذ شُخصت ثلاث حالات إضافية لكل 100,000 شخص في عام 2019 مقارنة بعام 2010.

إلقاء نظرة على مجموعات الأعمار المحددة ومعدلات الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان يكشف المزيد، ويشير إلى العوامل الرئيسية المحتملة التي قد تسهم في ازدياد عبء السرطان.

كتب كوه وزملاؤه في ورقتهم المنشورة: «سرطانات الجهاز الهضمي كانت لديها أسرع معدلات انتشار بين جميع سرطانات البداية المبكرة».

هذا يشمل سرطان القولون والمستقيم، وهو الشكل الأكثر شيوعًا من سرطانات الجهاز الهضمي لدى الشبان في عام 2019، وسرطانات الزائدة الدودية وقناة المرارة والبنكرياس، إذ ارتفعت معدلات هذه السرطانات بشكل ملحوظ خلال العقد المدروس.

حتى الأشخاص الذين يفترض أنهم في ذروة شبابهم وصحتهم، والذين تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عامًا، يتأثرون بزيادة الإصابة بالسرطان أيضًا. ارتفعت معدلات الإصابة بجميع أنواع السرطان، وخاصةً سرطانات الجهاز الهضمي، في هذه المجموعة العمرية، بينما استقرت أو انخفضت معدلات الإصابة بالسرطان لدى البالغين الأكبر سنًا.

هذا الانتشار المتزايد لسرطانات الجهاز الهضمي يعكس نتائج المراجعة الدولية لعام 2022، والبيانات الحديثة من أستراليا، ودراسات أخرى تمتد عبر قارات متعددة. قد يكون هناك صلة بين استهلاك الأطعمة المصنعة بشكل كبير وزيادة هذا النوع من السرطانات.

بالطبع، فإن هذه الأنواع من الدراسات تعتمد بشكل كبير على البيانات المتاحة لديها، لذا قد لا تعكس النتائج الصورة الكاملة.

توصل كوه وزملاؤه إلى أنه قد يكون هناك تشخيص غير دقيق أو غير كافٍ بين السكان الذين يعانون نقص الخدمات، مثل الأفراد السود؛ وبالتالي، تتطلب هذه النتائج تفسيرًا حذرًا. نشرت الدراسة في مجلة JAMA Network Open.

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1