الدخول في حالة الهيبناغوجيا يمكن أن يعزز من قدرتك على حلّ المشاكل وتعزيز التفكير الإبداعي

هل حلمت يومًا في إمكانيةِ تعزيزِ قُدرات تفكيرك الإبداعي ومهارات حلّك للمشاكل في أقل من دقيقة؟ إليك الطريقة!

يبدو أن طريقة “أديسون” و”دالي” تعمل حقًا.

وفقًا لدراسة حديثة، يبدو أن تقنية النوم التي كان يستخدمها “توماس أديسون” و”سيلفادور دالي” و”ألبرت آنشتاين” تعمل فعلًا، وبإمكانك تسخير أثرها القوي في أقل من دقيقة واحدة.

الهيبناغوجيا: هي فترة انتقالية مدتها دقيقتين تقريبًا وتسمّى بالهيبناغوجيا أو الهلوسة التنويمية. وهذه الحالة ليست في طبيعة الحال ما يشبه النقر على المفتاح الكهربائي للضوء، فقد أظهرت التجارب أن خلال هذه الحالة، تسترخي عضلات جسمك وتكون مدركًا لما يدور حولك في الغرفة، ومع ذلك فقد تبدأ أيضًا بتخيّل بعض الأصوات والأطياف.

مصطلح “نم على الأمر قليلًا”:

أظهرت التقارير أن العديد من العباقرة لجؤوا إلى الهيبناغوجيا لتعزيز قدرات تفكيرهم الإبداعي.

فقد زُعم أن “أديسون” كان يمسك بكرة فولاذية أثناء قيلولته؛ فعندما تسترخي عضلات كفّه، تسقط الكرة على الأرض محدثة صوت ارتطامٍ يدفعه للاستيقاظ، ما يطرح حالة مثاليّة لفكرة جديدة للمضي قدمًا في هذا الاكتشاف.

أدى هذا أيضًا الفنان التشكيلي الاسباني “دالي” للتوصل إلى أفكار فنية جديدة، مع فرق بسيط وهو استخدامه لملعقة.

وفي دراسة جديدة في معهد باريس لدراسات الدماغ توصلوا إلى أن الهيبناغوجيا لا تعزز قدرات التفكير الإبداعي فحسب، بل تكشف أيضًا ما يتم في الدماغ بدقة خلال هذه الحالة.

“وجدتّها” (صراخ عالم وجد حلًا للغز ما)!

ألحق الباحثون بالدراسة ما يزيد عن مائة شخص قادرين على النوم بسهولة خلال وقت مقبول، وأعطوا كل شخص منهم عددًا من مسائل الرياضيّات لحلّها، بالإضافة إلى تزويدهم بطريقة مملة خطوة بخطوة للعثور على الإجابة الصحيحة.

هناك طريقة بديلة لحلّ أفضل وأسرع لم يتم عرضها على الخاضعين للدراسة، وهو ما أدركه بسرعة عدد قليل من المتطوعين واستخدموها.

أما المتطوعين الباقين الذين لم تسعفهم أذهانهم لاستدعاء طريقة الحلّ البديلة بعد مرورهم على 60 مسألة رياضيّة، فقد أُعطُوا 20 دقيقة استراحة للاسترخاء على كرسيّ وعيونهم مغمضة ممسكين بكوب بلاستيكي، وقد طُلب ممن يسقط الكوب من يده أن ينادي فورًا بالشيء الذي كان يدور في دماغه قبل لحظة سقوط الكوب.

خلال هذه التجربة، استخدم الباحثون خوذ EEG مثبتة على رؤوس المتطوعين لرصد نشاط أدمغتهم، وذلك من أجل أن يتعرفوا ما إذا كان المتطوع قد تجاوز الهيبناغوجيا إلى المرحلة التالية من النوم العميق.

بعد انتهاء فترة القيلولة، عاد المتطوعون لحل مسائل الرياضيات، وكانت المفاجأة أن الذين قضوا بعض الوقت في الهيبناغوجيا دون انتقالهم للنوم العميق قد ساعدهم ذلك حقًا في استحضار طريقة الحلّ البديلة.

قالت الباحثة والمؤلفة الفرنسية “سيليا لاكو”: “إن الثواني الخمسة عشر الأولى من مرحلة الهيبناغوجيا الأولى يضاعف ثلاث مرات من فرص العثور على تلك القاعدة الخفية للحلّ البديل والوصول إلى ما يُعرف بحالة” نشوة إيجاد حل للغز ما Eureka “، وأضافت:” أن هذا التأثير العجيب يختفي بمجرد وصول المتطوعين لمرحلة النوم الأعمق “.

لكن الأمر ليس سهلًا كما يبدو، فقد لزم بعض المتطوعين ما يزيد عن 94 قيلولة لاكتشاف ذلك الحل البديل وبدء وضوح قاعدته.

إضافة إلى ذلك، فقد اختلف ما يدور في أذهان المتطوعين قبل إسقاطهم للكوب من يدهم، وبدا غريبًا وغير مفهومًا بل لا يمت بصلة مع الحالة الإبداعية للشخص بعد قيلولته، كرؤية خيول تجول المشافي أو أرقام أو رقص الخ.

في سياق متصل، قالت الباحثة والمؤلفة الفرنسية “دلفين أودييت” لموقع Live Science أن النتائج المذكورة أعلاه لا تعني أن هذه التجارب ليس لها دور في اكتشاف ظاهرة الإبداع، وإنما هي منطلق لأبحاث أخرى تنبثق من هذه النقطة.

قد يحتاج هذا النوع من الأبحاث إلى تنظيمه بشكل مختلف بعض الشيء للتوصل إلى نتائج أكثر متانة حول السبب والنتيجة، وبما أن الناس لم يستيقظوا بشكل عشوائي، فإن هؤلاء المتطوعون الذين استغرقوا في نوم أعمق قد يكونون مختلفين عن أولئك الذين استيقظوا على الفور بعد قيلولتهم.

الصورة الأعمّ للاكتشاف: خلال فترة الهيبناغوجيا في التجربة عينها، اكتشف الباحثون نمطًا محددًا من موجات ألفا وموجات الدلتا في أدمغة المتطوعين، والتي يمكن أن تكون مفيدة للتنقيب في ظاهرة التفكير الإبداعي؛ الأمر الذي لا يزال لغزًا إلى حد كبير لعلماء الأعصاب.

وقالت أودييت في بيان صحفي: “لقد أُهمِلت دراسة مراحل النوم نسبياً من قبل علم الأعصاب الإدراكي حتى الآن، ويفتح هذا الاكتشاف مجالًا جديدًا استثنائيًا للدراسات المستقبلية، وخاصة آليات الدماغ للإبداع”.

  • ترجمة: وجيه الشبعان
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1