الأطباء يبتكرون طريقةً جديدةً للطباعة ثلاثيّة الأبعاد داخل الجسم

يتفاعل هذا الحبر المتوافق حيويًّا مع الموجات فوق الصوتية لإنشاء هياكل طبيّةٍ حيويّةٍ داخل الجسم.

الأجهزة

يقول فريقٌ من الباحثين في جامعة ديوك وفي كليّة الطبّ بجامعة هارفارد إنّهم طوّروا طريقةً جديدةً للطباعة ثلاثيّة الأبعاد داخل جسم الإنسان، وذلك عن طريق إرسال موجاتٍ فوق صوتيّةٍ بحبرٍ متوافقٍ حيويًّا قابلٍ للحقن.

نُشِرَت هذه الطريقة كما هو مفصّلٌ في ورقةٍ بحثيةٍ جديدةٍ في مجلّة ساينس، ويعتمد بحث الفريق على حبرٍ حسّاسٍ للضوء مطوّرٍ مسبقًا، يتصلّب عند تعرّضه لأشعّة الضوء، ممّا يسمح للعلماء ببناء هياكل طبيّةٍ حيويّةٍ معقّدةٍ ببطء.

لكن لا يمكن للضوء أن يخترق سوى بضعة ملليمتراتٍ في نسيج مريضٍ معيّنٍ، وفقًا لتصريحٍ حول البحث. وعلى الرغم من ذلك، فمن الممكن للموجات الصوتيّة أن تخترق مسافةً أبعد من ذلك بكثير.

يمكن للعمليّة الجديدة، التي يطلق عليها اسم “الطباعة الصوتيّة العميقة الاختراق” (DVAP)، أن تأخذ المفهوم إلى أبعد من ذلك، وهذا يسمح للعلماء بترميم العظام أو حتّى إصلاح صمّامات القلب المعطّلة — مع التخلي تمامًا عن الحاجة إلى الجراحة المفتوحة الاجتياحيّة للجسم.

قال المؤلّف المشارك والأستاذ المشارك في الهندسة الطبيّة الحيويّة في جامعة ديوك جونجي ياو في البيان: “يعتمد DVAP على التأثير الحراريّ الصوتيّ، والذي يحدث عند امتصاص الموجات الصوتيّة وزيادة درجة الحرارة لتصلّب حبرنا”.

وأضاف ياو: “يمكن للموجات فوق الصوتيّة أن تخترق بعمقٍ يفوق ما يخترقه الضوء ب 100 مرةٍ خلال وقتٍ تبقى فيه محصورةً مكانيًّا، وبذلك يمكن الوصول إلى الأنسجة والعظام والأعضاء بدقّةٍ مكانيّةٍ عاليةٍ، لم يكن من الممكن الوصول إليها بطرق الطباعة القائمة على الضوء”.

وبمجرّد وصول “الحبر الصوتيّ” المتوافق حيويًّا إلى المنطقة المستهدفة، يمكن لمسبار الموجات فوق الصوتيّة المُصَمّم خصيصًّا أن يصلّبها في مكانها لإنشاء هياكل معقّدة.

“الحبر بعينه هو سائلٌ لزجٌ، لذلك يمكن حقنه في منطقةٍ مستهدفةٍ بسهولةٍ لا بأس بها، وعند تحريك مسبار الطباعة بالموجات فوق الصوتيّة، فإنّ المواد الموجودة في الحبر ترتبط ببعضها البعض وتتصلّب”، حسب ما قال واي شريك تشانغ، المؤلّف المشارك والمهندس الحيويّ المشارك في مشفى هارفارد بريغهام والنساء، في البيان.

وأضاف تشانغ: “بمجرّد الانتهاء من ذلك، يمكنك إزالة أيّ حبرٍ متبقٍّ لم يُصَلَّب بعد عبر محقنةٍ”.

والأفضل من ذلك كلّه، وجد العلماء عدّة أساليبٍ لصياغة إصداراتٍ جديدةٍ من “الحبر الصوتيّ”، بدءًا من السقالات المتينة الشبيهة بالعظام إلى صمّامات القلب الأكثر نعومةً ومرونةً.

في سلسلةٍ من ثلاث اختباراتٍ، طوّر الفريق بنيةً خاصّةً لإغلاق قسمٍ داخل قلب الماعز لمنع الدم من التجمّع داخل العضو، وتصلّب النسيج الجديد وارتبط بالنسيج الآخر بسلامةٍ دون أيّة مضاعفاتٍ. كما عالج الفريق عيبًا عظميًا داخل ساق دجاجةٍ.

وبيّن العلماء أيضًا أن هيدروجيل الحبر الصوتيّ الخاص يمكن أن يُطلِق ببطءٍ دواءً معالجًا كيميائيًّا داخل الكبد.

ولكن، كما هو الحال دائمًا، يجب إجراء المزيد من الأبحاث قبل أن نتمكّن من معرفة فيما إذا كانت التقنية ذاتها يمكن أن تعمل لدى البشر.

قال تشانغ في البيان: “ما زلنا بعيدين عن إدخال هذه الأداة إلى العيادات، إلّا أنّ هذه الاختبارات أكدّت من جديدٍ إمكانات هذه التكنولوجيا”. “إنّنا متحمسون للغاية لرؤية أين يمكن أن تتابع إنجازاتها انطلاقًا من هنا.”.

  • ترجمة: هبة الزبيبي
  • تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
  • المصادر: 1