ماذا يحدث في جسمك أثناء الحمّى؟

عند المرض، غالبًا ما يعاني الناس من الحمّى. ولكن ماذا يحدث في جسمك مع ارتفاع درجة حرارته؟

تستيقظ في منتصف الليل مرتعشًا. أنت تعاني من الحمّى أو ارتفاع مؤقت في درجة حرارة الجسم.

تنشأ الحمّى عندما يقاوم نظام الدفاع في الجسم العدوى، كما يمكن أن تحدث بسبب أشياء أخرى، بما في ذلك أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، أو قد تحدث كأثر جانبي لبعض الأدوية.

ولكن ماذا يحدث في الجسم أثناء الحمّى؟

تختلف درجة حرارة جسم الإنسان قليلًا من يوم لآخر ومن شخص لآخر، ولكنها عادةً ثابتة عند 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت). وهذا يخلق بيئة مثالية لخلايا الجسم لتعمل بكفاءة. حيث يعمل جزء من الدماغ يسمى منطقة ما تحت المهاد مثل منظم الحرارة، إذ يراقب درجة حرارة الجسم باستمرار ويدير الأقراص الداخلية لكبحها إلى ما يقرب من 37 درجة مئوية.

يقول الدكتور بول أورورك، أستاذ مساعد في الطب بجامعة جونز هوبكنز لموقع Live Science أنه أثناء العدوى، وعندما تكتشف خلايانا المناعية الغزاة مثل البكتيريا أو الفيروسات، فإنها تطلق مواد كيميائية مسببة للحمى تسمى البيروجينات. ثم تنتقل هذه المواد الكيميائية إلى الدماغ، حيث تعمل على الخلايا العصبية الحساسة لدرجة الحرارة في منطقة ما تحت المهاد، مشيرة أن الوقت قد حان لرفع درجة الحرارة في الجسم.

ونتيجة لذلك، تطلق هذه الخلايا العصبية مواد شبيهة بالهرمونات تسمى البروستاجلاندين – وعلى وجه التحديد، مادة تسمى PGE2 – لحرف قرص منظم حرارة الجسم وتحفيز بدء الحمى.

وقال أورورك: «عادة نعتبر أن الحمّى بدأت عندما تصل درجة حرارة الجسم إلى أكثر من 38 درجة مئوية (100.4 درجة فهرنهايت)».

يمكن لمنطقة ما تحت المهاد رفع درجة حرارة الجسم بعدة طرق. فعلى سبيل المثال، يمكنه إرسال إشارات لتوجيه الأوعية الدموية إلى الانقباض، مما يقلل من كمية الحرارة التي تتبدد عبر سطح الجلد. كما أنه يحفز الارتعاش لتوليد أكبر قدر ممكن من الحرارة.

وتشكل هذه العمليات الفزيولوجية مجتمعة جزءًا من خط الدفاع الأول للجسم ضد العدوى، والمعروف باسم الالتهاب الحاد. إذ يعد الهدف الرئيسي السيطرة على العدوى ومنعها من الانتشار.

ومن المفارقة أن الناس قد يصابون بقشعريرة مصحوبة بالحمى، على الرغم من ارتفاع درجة حرارة الجسم. وذلك لأن منطقة ما تحت المهاد زادت مؤقتًا منظم الحرارة الداخلي للجسم إلى مستوى “طبيعي” أعلى. وبينما يحاول جسمك الوصول إلى خط الأساس الجديد هذا، تشعر نسبيًا بالبرد.

فلماذا يحتاج الجسم للحرارة؟

قال أورورك إن أحد الأسباب المحتملة هو زيادة صعوبة تكاثر البكتيريا أو الفيروسات وإصابة خلايا الجسم. وأضاف إن ارتفاع درجة حرارة الجسم قد يحول الجهاز المناعي إلى “آلة قتال” أفضل. على سبيل المثال، عندما ترتفع درجة حرارة الجسم، تنتج الخلايا بروتينات الصدمة الحرارية (HSPs)، التي تنشط المسارات المناعية لمحاربة العدوى. عادة ما تنظم الخلايا إفرازات HSPs أثناء الالتهاب، وذلك سعيًا من الجسم لحماية نفسه من الغزاة.

قالت الدكتورة كيتي أوهير، وهي استشاري مشارك في قسم الطب في جامعة ديوك لموقع Live Science: «قد يعاني الطفل الأكبر سنًا أو الشخص البالغ، وبدرجة معينة، من الحمى لبضعة أيام (يومين أو ثلاثة)، دون الحاجة بالضرورة إلى الحصول على الكثير من العناية الطبية».

وأضافت أنه في حال كنت قلقًا بشأن أعراضك، أو يبدو أنها لا تتحسن، فيجب عليك الاتصال بطبيبك الخاص للحصول على الرعاية الصحية.

في بعض الأحيان، عندما يصاب الأطفال بحمّى شديدة، على سبيل المثال، يمكن أن يصابوا بتشنجات تسمى نوبات الحمّى. وعلى الرغم من أنها قد تكون مخيفة، إلا أنها تستمر لبضع دقائق فقط، وعادة ما تكون غير ضارة. ومع ذلك، قالت أوهير، يجب على الآباء الاتصال بطبيبهم الخاص للحصول على الرعاية الصحية في أي وقت يعاني فيه طفلهم من هذه التشنجات، حتى لو كان ذلك أثناء الحمّى.

كما تضيف أوهير إن درجة الحمّى مهمة. إذ قالت: «من الجيد أن تحصل على نصيحة من طبيب الرعاية الصحية الخاص بك وذلك بناءً على تاريخك الصحي حول مقدار الحمّى التي قد تسبب لك مشكلة».

وقالت أوهير أنه اعتمادًا على عمرك، يمكن للأدوية المتاحة دون وصفة طبية، مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين، أن تساعد في تخفيف أعراض الحمّى. كما إن إزالة طبقة من الملابس وأخذ حمام بارد وشرب السوائل الباردة يمكن أن يساعد في تخفيفها.

إن زيادة درجة حرارة جسمك أثناء الحمّى تتطلب الكثير من الجهد. عادةً للحفاظ على درجة حرارتك، أنت تحتاج إلى طاقة إضافية بنسبة 10% أكثر مما تستخدمه لكل زيادة بمقدار 1 درجة مئوية (1.8 درجة فهرنهايت) في درجة حرارة الجسم. وقال أورورك: «لذلك من المهم أن تبقى مرتاحًا».

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
  • المصادر: 1