ما مقدار الكافيين الذي يعتبر أكثر من اللازم؟

الكافيين يمكن أن يساعدك على الشعور بالنشاط، ولكن هل هناك حدّ لمدى قدرة جسمك على التعامل معه؟

في أرض لاتيه توابل اليقطين وماكياتو الكراميل، كثيرًا ما يشترك الأمريكيون في إضافات الكافيين. في الواقع، يستهلك معظم الناس في الولايات المتحدة الكافيين يوميًا، بشكل أساسي في شكل قهوة وشاي ومشروبات طاقة، ولكن هل هناك شيء اسمه الكثير من الكافيين؟

توصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأن لا يستهلك الأشخاص أكثر من خمسة ملليجرام تقريبًا من الكافيين لكل كيلوغرام (2.2 رطل) من وزن الجسم يوميًا، وهو ما يصل إلى 400 مجم تقريبًا لشخص يبلغ وزنه 79 كجم (175 رطلاً)، وعلى الرغم من أنك قد تكون قادرًا على تناول المزيد دون عواقب سلبية، إلّا أنّ هناك نظريًا حدًا لكمية الكافيين التي يمكن لجسمك التعامل معها. يقول خوسيه أنطونيو، عالم الرياضة والتمارين الرياضية في جامعة نوفا الجنوبية الشرقية: «من الممكن أن تموت بالتأكيد بسبب جرعة زائدة من الكافيين». ولحسن الحظ، فإنّ استهلاك هذا القدر الكبير من الكافيين أمر صعب حقًا. ويقول: «نحن نتحدث عن جرعات متعددة الجرامات» في حدود 10 جرامات أو أكثر، ففي المتوسط، يحتوي كوب من القهوة المقطّرة سعة 8 أونصات (حوالي 240 ملليلتر) مُحضّر في المنزل على قرابة 100 ملغ من الكافيين، لذلك يحتاج معظم الأشخاص إلى استهلاك أكثر من 100 كوب في جلسة واحدة قبل أن يبدؤوا في الوصول إلى المنطقة الخطرة.

ومع ذلك، يمكن أن تختلف كمية الكافيين الموجودة في فنجان من القهوة المُخَمّرة تجاريًا بشكل كبير، إذ يحتوي كوب قهوة ستاربكس ذات اللون الداكن الكبير على حوالي 260 ملجم من الكافيين، بينما تحتوي القهوة متوسطة السخونة من دانكن على 210 ملجم، ويمكن أن تحتوي بعض مشروبات الطاقة على ما يصل إلى 300 ملغ في علبة سعة 16 أونصة (473 مليلتر). ويمكن أن تكون حبوب ومساحيق الكافيين خطيرة إذا اُستهلِكت بكميات كبيرة، ويجب استخدامها بحذر.

الكافيين، وهو مُنبّه للجهاز العصبي المركزي، يمنع تأثيرات المواد الكيميائية المسببة للنوم، مثل الأدينوزين، في دماغك وفي مجرى الدم، وهو يعزز أيضًا الدورة الدموية للكورتيزول.

والأدرينالين، وكلاهما يتسبب في نبض قلبك بشكل أسرع، ورفع مستويات الطاقة لديك إلى الذروة. عندما يستهلك الشخص الكثير من هذا المُنشِّط، يمكن أن يبدأ في الشعور بالتوتر أو الإثارة المفرطة وقد يواجه صعوبة في النوم.

بعض الحالات الصحية النادرة يمكن أن تجعل تناول الكافيين أكثر خطورة. متلازمة QT الطويلة (LQTS) هي حالة وراثية سُميت نسبة إلى التأخر الذي تنتجه في النشاط الكهربائي للقلب كما هو مرسوم بواسطة مخطط كهربية القلب (ECG)، ويؤثّر على واحد من كل 2000 شخص، ففي ظل ظروف معينة، قد تؤدي هزة الأدرينالين المفاجئة إلى إصابة شخص مصاب ب LQTS بسكتة قلبية. يقول جريجوري ماركوس، طبيب القلب في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو: “المثال الكلاسيكي هو شخص يغوص في حمام السباحة وفجأة [يفقد وعيه]”. نظرًا لأن الكافيين يمكن أن يسبب ارتفاعًا مشابهًا في الأدرينالين في مجرى الدم، فقد يحتاج الأفراد الذين يعانون من متلازمة QT الطويلة إلى توخّي الحذر بشأن استهلاكهم للكافيين.

في سبتمبر 2022، طلبت طالبة جامعية مصابة ب (LQTS) مشروب طاقة اسمه (charged lemonade) من سلسلة مطاعم Panera Bread، ويحتوي هذا المنتج على ما بين 260 و390 ملغ من الكافيين المضاف، بحسب الشركة. وبعد أن شربت المشروب، أصيبت بسكتة قلبية وماتت، وفي أكتوبر 2023، رفعت عائلتها دعوى قضائية ضد Panera لعدم الكشف بشكل مناسب عن محتوى الكافيين الموجود في المشروب. وقال متحدث باسم Panera في بيان لشبكة إن بي سي نيوز: إنّ الشركة قامت منذ ذلك الحين بتعزيز تصنيف الكافيين الخاص بها “من باب الحذر الزائد”. يقول ماركوس: «إنّ هذا النوع من المواقف نادر للغاية».

الكافيين يسبب الإدمان ولكن ليس بالطريقة التي تتبادر إلى ذهن الناس عندما يفكرون في معظم اضطرابات تعاطي المخدرات. تقول لورا جوليانو، عالمة النفس في الجامعة الأمريكية، التي تدرس استخدام الكافيين، من بين موضوعات أخرى: «يمكن لشخص ما أن يعتمد جسديًا على الكافيين ولا يعاني مما نعتبره استخدامًا مثيرًا للمشاكل»، ولكن إذا قررت التوقف عن تناول الكافيين، فقد ترغب في القيام بذلك تدريجيًا. يمكن أن تشمل أعراض الانسحاب الصداع، والتعب، وعدم القدرة على التركيز، وأحيانًا آلام الجسم الشبيهة بالإنفلونزا، وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة، على الرغم من أنها يمكن أن تكون أكثر خطورة بالنسبة لبعض الأفراد. يقول جوليانو: «لقد سمعت العديد من القصص من أشخاص ظنوا أنهم مرضى، لكن تبين أن الأمر يتعلق بانسحاب الكافيين».

توصي الكلية الأمريكية لأطباء النساء والأمراض النسائية بأن تحد النساء الحوامل من استهلاك الكافيين إلى 200 ملغ تقريبًا (يعادل فناجين من القهوة المصنوعة في المنزل) في اليوم أو أقل. الكثير من الكافيين قد يسبب أيضًا نوبات الذعر والقلق عند الناس، وقد يختار بعض الناس الحد من تناولهم الكافيين لهذا السبب. ومع ذلك، تختلف الجرعة الدقيقة اللازمة لتحفيز التوتر، اعتمادًا على حساسية الشخص للكافيين ومستوى الإجهاد الحالي. هناك مكون وراثي لتحمّل الكافيين – على وجه الخصوص، جين يسمى CYP1 A2 يحدد مدى سرعة (ومدى دقة) استقلاب الجسم للدواء. يعتبر الأشخاص الذين يعانون من المتغير (البطيء) من الجينات أكثر حساسية لآثار الكافيين.

بالنسبة لمعظم الناس، على الرغم من ذلك، فإن الكافيين آمن إن استُهلِك باعتدال، ويمكن أن يكون مفيدًا، على عكس المعتقد الشائع. يقول ماركوس: « هناك بعض الأدلة على أن الأشخاص الذين يستهلكون الكافيين يوميًا قد يقلّ لديهم خطر عدم.

انتظام ضربات القلب، أو نُظُم القلب غير المنتظمة التي يمكن أن تؤدي إلى توقف القلب. بناء على بحثه، يميل الأشخاص الذين يستهلكون الكافيين إلى أن يكونوا أكثر نشاطًا، مضيفين ما يقرب من 1000 خطوة إضافية يوميًا، في المتوسط، مقارنة بمن لا يستهلكونه، كما أظهرت مجموعة كبيرة من الأبحاث أن الكافيين يمكن أن يحسًن الأداء الرياضي، وتشير دراسات أخرى إلى أن شرب القهوة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان الفم أو سرطان البلعوم، على الرغم من أن هذا قد يكون أو لا يكون نتيجة مباشرة للكافيين.

لذلك، إذا لم تكن تتجنب الكافيين لأسباب صحية أو دينية، أو لأسباب شخصية أخرى، فاستمتع بفنجان اللاتيه الخاص بك دون قلق.

  • ترجمة: نور موازيني
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1