علماء يكشفون الستار عن اللقطات الاولى لخلية تبني “طريقها الجزيئي السريع”
حَقَّق فريق من العلماء في أسبانيا إنجازًا كبيرًا بإلتقاط أول صور عالمية مُفصلة عالية الدقة لشبكةِ أنابيب النقل الدقيقة في خليةِ إنسان، مما ساعد في تفسير اللغز طويل الأمد عن كيفية تكوين تلك الأنابيب الدقيقة خلال انقسام الخلية، لذلك سيوفر ذلك الاكتشاف التقدم في العلاجات المستهدفة للسرطان ولحالات عديدة أُخرى.
يقول (توماس ساري) عالم الكيمياء الحيوية بمركز التنظيم الجينومي في برشلونة: «تعد الأنابيب الدقيقة من المكونات الأساسية للخلايا، لكن جميع الصور المتوفرة في الكتب للحظات الأولى لتكوينها في هيئة نماذج أو رسوم متحركة بناءً على التكوينات الموجودة في الخميرة، لكن الآن، يمكننا استكشاف كيفية تنظيمها بعد تَمكننا من رصد تلك العملية وهي جارية داخل الخلايا البشرية وعَلمنا كيف تبدو. كما يمكن أن يؤدي ذلك الاكتشاف إلى اسكتشاف نُهج علاجية جديدة لمجموعة كبيرة من الاضطرابات نظرًا للدور المحوري الذي تلعبه الأنابيب الدقيقة في علم الأحياء الخلوية».
تمثل الأنابيب الدقيقة الطُرق السريعة في الخلية المستخدمة في نقل المكونات بين مختلف المناطق، كما تلعب دور محوري في عملية انقسام الخلية، حيث تعمل كالوهق تربط وتفرق الكروموسومات المتضاعفة مما يسمح للخلية بالانقسام إلى خليتين.
تُبنى الأنابيب الدقيقة من بروتينات تعرف بالتوبولينات خلال عملية تُسمى (تنوي الأنابيب الدقيقة) عن طريق مركب مجمع حلقة جاما توبولين (γ-TuRC) الذي يتعامل كمخطط لتوجيه عملية تكونهم.
أنشأ استكشاف أن γ-TuRC البشري يعرض أربعة عشر صفًا من التوبولين بدلًا من الثلاث عشر صفًا المتوقعة اللازمين للأنابيب الدقيقة لتعمل الخلايا بشكلٍ صحيح لغزًا للعلماء، كما ظهرت بنية γ-TuRC الحلقية مفتوحة على عكس المتوقع، لكن ساعدت الصور الأولية عالية الدقة للأنابيب الدقيقة وγ-TuRC معًا على كشف ذلك اللغز، كما اضطر الفريق إلى إبطاء تلك العملية السريعة لرؤيتها في المعمل.
تشرح (كلوديا بريتو) عالمة الأحياء الخلوي بمركز التنظيم الجينومي: «اضطررنا لإيجاد ظروف تسمحلنا بتصوير أكثر من مليون أنبوبة دقيقة خلال عملية التنوي قبل أن تصبح طويلة جدًا وتحجب عمل γ-TuRC وتمكنا من تحقيق ذلك باستخدام الأدوات الخاصة بالعلم الجزيئي لمعملنا، ومن ثم تجميد الأنابيب الدقيقة في أماكنها».
ا
ستخدم الباحثين المجهر الإلكتروني المبرد وبعض العمليات المعقدة لمعالجة الصور لتحديد البنية ثلاثية الأبعاد للمركب γ-TuRC خلال عملية تكوين الأنابيب الدقيقة، ووُجِدَ أن γ-TuRC يبدء عملية التنوي ثم تنمو الأنابيب الدقيقة وتخضع لتغيير الشكل، حيث يغلق بمهارة ويخزن توبولين واحد بعيدًا بحيث يتوافق مع تصميم الأنابيب الدقيقة، كما اُكتشف ألية غلق جديدة أيضًا. وأظهرت أن نمو الأنابيب الدقيقة يساعد نموذج γ-TuRC في اكتشاف شكله الصحيح.
يقول (أوسكار لوركا) عالم البيولوجيا البنيوية بالمركز الوطني لأبحاث السرطان في أسبانيا: «تصورنا عملية بدأ تكوين الأنابيب الدقيقة، ونرى أن γ-TuRC البشري هو حلقة مفتوحة تنغلق بكفاءة لتصبح قالب مثالي لبدء عملية تنوي الأنابيب الدقيقة، لكن اكتشفنا أيضًا أن إغلاق تلك الحلقة يسلتزم وضع الوحدة الأولى من الأنابيب الدقيقة في مكانها، وعند تحقق ذلك تعمل منطقة محددة من γ-TuRC البشري كمرساة تثبت هذه الوحدة، مما يؤدي إلى إغلاق الحلقة وبدء عملية تكوين الأنابيب الدقيقة».
يمكن لأي مشاكل في الأنابيب الدقيقة إنتاج العديد من المشاكل الصحية -بما في ذلك السرطان- كما يمكن أن يؤدي الاضطراب في وظيفتها إلى تفاقم أمراض مثل الربو وأمراض القلب، وقد تسهم في تطور الاضطرابات التنكسية العصبية.
بالرغم من أن الأنابيب الدقيقة هدف لبعض علاجات السرطان، تمتلك تلك الأدوية أثار جانبية مؤسفة على الخلايا الصحية أيضًا، كما تمتلك الأورام القدرة لتصبح مقاومة لتلك الأدوية مع الوقت. لذلك يعد اكتشاف المزيد عن الأنابيب الدقيقة وعملية بناءها ذو قيمة.
حيث يفسّر ساري: «كما وضح بالمزيد من العمل، كيف ترتبط المنظمات ب γ-TuRC وكيف يؤثرو على التغيرات التوفيقية خلال عملية التنوي، فيمكن لذلك تغيير كيفية عمل الأنابيب الدقيقة، وسيوفر ذلك في نهاية المطاف مواقع يمكن استهدافها لمنع الخلايا السرطانية من إكمال دورة الخلية».
- ترجمة: فاطمة حسام
- تدقيق لغوي: فاطمة قائد
- المصادر: 1