الذكاء الاصطناعي كابيلا يترجم بكاء الأطفال
يرصد تطبيق الشركة الناشئة الجديد كابيلا (Cappella) أصوات الأطفال ويترجمها إلى رؤى واقتراحات للآباء والأمهات الجدد.
إذا سألت الآباء عمّا يواجههم من مشاكل، ستكون إجاباتهم بأن أصعب التحديات التي تواجههم هي تفسير الصراخ الأليم لطفلهم في منتصف الليل. هل الطفل جائع؟ هل لديه اضطراب في المعدة أو مغص؟ أو ربما يحتاج للتغوط لا أكثر!
والأصعب من الشعور بالعجز عند مواجهة تلك المشاعر غير المفهومة، هو تجربة كل الحلول من غير الوصول إلى نتيجة، أو فهم الموقف، أو معرفة ما الذي يمكن فعله لتخفيف آلام طفلهم. من السهل أن تؤدي مثل هذه المشكلة، وفي حال نقصان ساعات النوم الجيد، إلى الشعور بعدم الكفاءة والإحباط وحتى الاكتئاب!
وبهدف مساعدة الأهل في استعادة راحة البال والنوم الجيد ليلاً، قام العاملون في تطبيق كابيلا الجديد بتشكيل فريق من المهندسين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي MIT) وجامعة بيركيلي (Berkeley) وجامعة ستانفورد (Stanford)، وذلك لمعاونتهم في الإجابة عن أسئلة منتصف الليل المبهمة تلك. فطوّروا تطبيقاً يقوم برصد صوت الطفل ثم يترجمه ليعرف الآباء ما الخطب. ويعمل هذا التطبيق باستخدام تقنيات متوفرة بالفعل في أغلب المنازل في الولايات المتحدة.
إذ أجرت ابولين ديروتش (Apolline Deroche)، المؤسِسة والمديرة التنفيذية لكابيلا، مقابلة مع منصة (Freethink) العلمية أثناء معرض سي إي إس لعام 2024 (CES 2024). وقالت ابولين: “يستبدل التطبيق ببساطة أجهزة مراقبة الأطفال التقليدية.” وأكملت: “يقوم التطبيق أيضاً بأكثر من ذلك بكثير، وأهم وظيفة ندعمها أننا نترجم بكاء الأطفال.”.
يعمل نظام التطبيق بشكل ثنائي الجهاز، فواحد من الهواتف بالقرب من سرير الطفل، والآخر عند الأبوين. عندما يصدر الطفل أصواتاً، يبدأ البرنامج بتحليلها مستخدماً الذكاء الاصطناعي لمعرفة إن كان جائعاً أو نعساناً أو يشعر بعدم الارتياح أو حتى بالألم. بعد ذلك يرسل التطبيق إشعاراً للوالدين يبلغهم ذلك الشعور، بالإضافة إلى توفيره نصائح مخصصة لأي مشكلة ممكنة.
وفقاً لكلام ديروتش، شكّلت الشركة علاقات تعاون مع المشافي لتنمية نمط التعلم الآلي عند التطبيق. إذ جمعت عينات لبكاء الأطفال في حين قام الأطباء والممرضون بتصنيف الحالات بالاستناد إلى السياق والمعلومات السابقة والإشارات المرئية. فعلى سبيل المثال، إذا استجابت الممرضة لطفل يبكي، ومصّ الطّفل أصابعها، مع العلم باقتراب موعد الإطعام، عندها يسجل التطبيق تلك الحالة بالشعور بالجوع على نقيض غيره، مثل الحاجة لإطلاق الغازات.
أتيح لنموذج الذكاء الاصطناعي أن يتدرب على كم هائل من هذه البيانات المسماة، ثم يستعمل صيغ رياضية معقدة بغية تصنيفها وتنظيمها.
ولمعرفة التفاصيل التي يعتمد الذكاء الاصطناعي عليها في عمله؛ وضحت ديروتش ذلك بكلامها: “لا وجود لقاعدة متّبَعة. فنحن لا نبحث عن نبرة صوتية أو تواتر ما، نحن لا نبحث عن أي شيء بالتحديد لأننا ندرب النماذج لكي تكتشف طريقتها لتصنيف ذلك البكاء بالاعتماد على نفسها.”.
ولكن عند اختبار التطبيق بتشغيل أصوات بكاء لم تكن جزءاً من نظام التدريب، قد نجح وببراعة! وعلى ذلك تطرح ديروتش رأيها بأن التطبيق بمقدوره حل وتفسير أصوات الأطفال المشفرة بطريقة أدق وأصحّ من الإنسان بل وحتى التفوق على المحترفين منهم.
يحتوي التطبيق على مزايا أخرى إلى جانب ترجمة تمتمة الأطفال، إذ يوفر للأهل إمكانية المراقبة من خلال بث فيديو مباشر، التطبيق مزوّد أيضاً بنظام متابعة لغذاء الطفل ونومه ومواعيد تغيير الحفاضات. ومع ذلك، نوهت ديروتش إلى أن تلك المعلومات لا تُستَخدَم في كشف سبب البكاء بل أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على الصوت لوحده، أما تلك الإضافات كانت لمعاونة الوالدين وتوفير الراحة.
“إنه يمثل كل ما تحتاجه بشكل أساسي.” وتقول ديروتش أيضاً: “نعمل على معالجة مشكلة فوضى التطبيق التي يعاني منها الآباء الجدد، حين يظهر على أحد التطبيقين تتبع النوم، وعلى الآخر تتبع التغذية أو غير ذلك.”.
وجدت ديروتش أن التقييمات الأولية كانت ايجابية. وبينت ذلك قائلة: “الأشخاص الذين استعملوا تطبيقنا أحبوه. لقد تلقينا بعض الرسائل الرائعة للغاية حيال كيف يجب أن نفعل هذا أو نضيف ذاك.”.
تم إطلاق تطبيق كابيلا بشكل رسمي للأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل آي أو إس (iOS) خلال الأشهر الماضية، ولكن تسعى الشركة إلى طرحه لأجهزة نظام الأندرويد (Android) قريباً. وعلى المدى البعيد، تطمح ديروتش للاعتماد على هذا الذكاء الاصطناعي واستخدامه كحجر أساس لكثير من الأدوات الأخرى لمساعدة الوالدين ولكن بمنفعة أكبر. أما الخطوة الثانية، فتهدف للدخول إلى ما سمّته ديروتش “الجانب الطبي من الأمور” واكتشاف طرق لترجمة دلائل البداية للمشاكل الصحية، مثل أمراض الجهاز التنفسي ولكن بشكل مُبكِر. إضافة لهذا، إنها تأمل مساعدة الأهل في ملاحظة الاضطرابات السلوكية، كالتّوحد مثلاً، انطلاقاً من نتائج الأبحاث التي تقول أن التشخيص المبكر للأمراض يؤدي لنتائج علاجية أفضل.
وفي النهاية، تؤكد ديروتش “بوسعنا فعل ملايين الأشياء الأخرى لمساعدة الأهل في المستقبل”.
- ترجمة: حسن شاهين
- تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
- المصادر: 1