استخدام أطباء الخصوبة للحيوانات المنوية الخاصة بهم مشكلة واسعة الانتشار بشكل مفاجئ

تعتبر اختبارات الحمض النووي المنزلية بالسنبة للكثير من الناس طريقةً ممتعةً لمعرفة المزيد عن أصلهم، وربما بناء شجرة العائلة. أما بالنسبة لآخرين، فيمكن أن تكشف عن أسرار عائلية دفينة ومؤلمة في كثير من الأحيان، مثل عشرات (ربما مئات) الأشخاص الذين ولدوا بواسطة التلقيح الصناعي واكتشفوا الآن فقط أن أباءهم البيولوجين ليسوا من كانوا يظنون، وإنما الطبيب الذي أكمل العملية.

كيلي روليت، على سبيل المثال، التي أجرت اختبار الحمض النووي الخاص بها من خلال موقع https: //ancestry.com/ في عام 2017 وصُدمت عندما كشفت النتائج أنها لا تنتمي إلى والدها. وبدلًا من ذلك، اكتشفت أنها على صلة برجل يُدعى جيرالد مورتيمر، والذي اتضح أنه الطبيب الذي ولدّها وهي طفلة. رفعت روليت دعوى قضائية، وتبين لاحقًا أن أعضاء جمعية أمراض النساء والولادة في إيداهو فولز كانوا على علم بسلوك مورتيمر.

لكن، وكما ذكرت جاكلين مروز في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذا النوع من الاكتشافات التي تشبه جيري سبرينغر ليست صدفة أو حدثت مرة فقط. فالناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم يتوصلون إلى نفس النتيجة، ويكتشفون معلومة غيرت حياتهم وما كانوا ليعرفوها لولا الشعبية المتزايدة لاختبارات الحمض النووي المنزلية.

في عام 2019، أكد تحليل الحمض النووي أن طبيب الخصوبة الهولندي جان كربات (الذي توفي عن عمر يناهز 89 عامًا في عام 2017) قد أنجب ما لا يقل عن 49 طفلًا من نساء راجعنه في عيادته في روتردام. ولكن حتى هذا العدد الكبير قد يكون أقل من الواقع، فقد ادعى أن عددهم قد يصل إلى 60 طفلاً. ويُعتقد وفقًا للتقارير في ذلك الوقت أنه قد زوّر بيانات وأوصاف المتبرعين.

وليس من الواضح تمامًا مدى شيوع هذا النوع من السلوك (المعروف أيضًا باسم الاحتيال في الخصوبة)، فالحالات التي ظهرت إلى النور لا تمثل سوى جزءٍ ضئيلٍ من ملايين الأطفال الذين ولدوا بواسطة التلقيح ٍالصناعي وغيره من علاجات الخصوبة المتقدمة. ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يختارون إجراء اختبار الحمض النووي، قد تظهر أمثلة إضافية على هذا النوع من الممارسات الخاطئة.

قالت الدكتورة جولي كانتور، الحاصلة على دكتوراه في القانون، والمحاضِرة في القانون في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس والمتخصصة في قانون الصحة والحقوق الإنجابية.

ل IFLScience: “إذا لم يقارن الحمض النووي للأطفال الرضع بشكل روتيني مع الحمض النووي لآبائهم البيولوجيين المفترضين للتأكد من تطابق الجينات، فلن نعرف حقاً كم مرة يحدث هذا”.

ونأمل أن يكون عدد أطباء الخصوبة المحتالين الذين لم يتخيلوا أبدًا منذ عقودٍ عندما بدلوا الحيوانات المنوية أن اختبار الحمض النووي المنزلي سيصبح شيئًا معروفًا وأن سرهم سيُكشف قليل. ويعتبر هذا السلوك ليس فقط خيانة بشعة للثقة وخيانة صارخة لأخلاقيات الأطباء، لكن، وبسبب سهولة اختبار الحمض النووي في الوقت الحالي، يعتبر سلوكًا غبيًا جدًا.

وليس من الواضح سبب قيام أطباء الخصوبة بذلك في المقام الأول، ففي بعض الحالات، قد يكون السبب هو عدم القدرة على الحصول على الحيوانات المنوية المجمدة. أما في حالات أخرى، فقد يكون ذلك مجرد إساءة استخدام للسلطة أو كما تقول كانتور: “قد تنحصر الإجابة في مقولتين بديهيتين – من مقولات اللورد أكتون” فساد السلطة “إلى” الحصول على المال “.

وأضافت كانتور: “قد يكون التفسير الأكثر استحسانًا هو أن المريضة لم تستطع الحمل أو أن الحيوانات المنوية المتاحة لم تُشكل أجنة أو حمل، لذلك فكر في المساعدة. أما التفسير الأكثر شناعة فهو أن الطبيب أراد أن ينجب أطفاله بالعشرات وربما تكون الحقيقة في مكان ما بينهما”.

ويبدو أنها مشكلة كبيرة بشكلٍ كافٍ لدرجة أن بعض الولايات شعرت بالحاجة إلى التدخل وصياغة قوانين جديدة للتعامل مع ممارسات الخصوبة المراوغة مثل هذه، وإن كان ذلك في كثير من الأحيان بناءً على طلب الضحايا أنفسهم.

وفي ولايتي إنديانا وكاليفورنيا، أقرت حكومتا الولايتين مشروعي قانونين يعتبران استخدام الحيوانات المنوية غير المصرح بها جناية (وقد أُقرّ القانون الأخير بعد أن اكتشف الأزواج في إحدى عيادات الإخصاب أن أجنتهم كانت تزرع في نساء أخريات في عام 1995). ويحق للمتضررين مقاضاة المسؤولين عن ذلك. وفي الوقت نفسه، في ولاية تكساس، يُعتبر ذلك شكلًا من أشكال الاعتداء الجنسي وسيسجل أي شخص يُضبط وهو يستخدم حيوانات منوية غير مصرح بها (أو بويضات وأجنة غير مصرح بها) كمتحرش جنسي.

في حين أن الأمثلة المذكورة أعلاه تُظهر أنه في بعض الحالات، ألهمت حوادث احتيال الخصوبة المثبتة في بعض الحالات تشريع قانون للتصدي للجريمة بشكل مباشر، إلّا أنها عملية بطيئة وتستغرق وقتًا طويلاً. وتقول كانتور: “يجب أن تتحلى بالصبر والحافز”. لذا، في كثير من الأحيان، استخدم الضحايا المزيد من التهم “المتنوعة” لإيصال صوتهم ومحاكمة الجناة.

وتوضح كانتور: “لسوء الحظ، لم يواكب القانون التكنولوجيا تمامًا، وأحيانًا لا تتوافق أسباب الدعوى المتاحة كما القفل والمفتاح. لقد رفع الناس دعاوى قضائية يزعمون فيها أشياء مثل الإهمال، والإخلال بالعقد، والتسبب في الكرب العاطفي، وحاولوا إيجاد حل من خلال تلك الدعاوى القانونية المتنوعة”.

في عام 1992 – قبل سنوات من بزوغ فجر الاختبار المنزلي- نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا عن حادثة وقعت في ولاية فرجينيا، حيث حوكم طبيب خصوبة يُدعى سيسيل ب. جاكوبسون لإخباره المريضات بأنهن حوامل بينما لم يكن كذلك، واتضح لاحقًا أنه استخدم حيواناته المنوية لتلقيح مريضاته دون علمهن أو موافقتهن. وقد حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات ب 52 تهمة احتيال وشهادة زور، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست. ويُعتقد أنه قد يكون أبًا لأكثر من 70 طفلًا.

وقد اعتُبرت القضية برمتها غريبة للغاية لدرجة أنها ألهمت إنتاج فيلم تلفزيوني في التسعينيات بعنوان “صانع الأطفال”: قصة د. سيسيل جاكوبسون، الذي أدى فيه جورج دزوندزا دور جاكوبسون.

والآن، تظهر حالات مماثلة في ولايات أخرى، منها فيرمونت وكونيتيكت. والفرق أنها تظهر لأن أطفال التلقيح الصناعي (مثل روليت) يستخدمون اختبارات الحمض النووي المنزلية.

  • ترجمة: ايمان عزيزة
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1