الآثار المدفونة في أيرلندا القديمة قد تكون طريقاً للحياة الأخرى

كشف مسح أُجري لمنطقة بالتينغلاس في أيرلندا عن أول تجمع لهياكل أثرية نادرة وغامضة من العصر الحجري الحديث تم العثور عليها في البلاد.

ولم يتم العثور قبل هذا الاكتشاف الأخير إلا على حوالي 20 من هذه الخنادق الضيقة الممدودة للغاية في ايرلندا، وهي شائعة في جميع أنحاء جزر بريطانيا. وحتى ذلك الحين، كانت اكتشفت فقط بمفردها أو في أزواج.

والآن، تم العثور على خمسة هياكل أثرية معاً، مما يمنح الخبراء رؤية جديدة عن الغرض الذي تم استخدامها من أجله بالضبط.

اسم ‘هياكل’ هو بقايا لافتراضات قديمة بأن الانخفاضات قد تكون “مسارات” تركتها عربات رومانية. وأصبحت أسباب بنائها أكثر غموضاً فقط، مع كشف المزيد من الهياكل عبر القرون الأخيرة بالقرب من الآثار الكبيرة الأخرى مثل ستونهنج.

حُفر معظمها بين 4000 و2400 قبل الميلاد. وتم التنقيب عن بعضها في الأرض مع قلة التفاصيل الداخلية، وأُضيفت أعمدة خشبية لبعضها في فترة وجيزة أو بعد ذلك بوقت قصير. وهذا ليس كافيا بالنسبة لعلماء الآثار للاستمرار.

أجرى عالم الآثار جيمس اودريسكول من جامعة إبردين في المملكة المتحدة مسحاً لمنطقة بالتينغلاس، باستخدام تقنية ليدار لإرسال نبضات ليزرية إلى الأرض وكشف الأشكال والأنماط التي كانت مخفية آلاف السنين بسبب عوامل التجوية والاستخدام الزراعي.

يبدو أن خمسة من تلك الأشكال هي هياكل أثرية، وهي الأولى التي يتم اكتشافها هنا – على الرغم من أن المنطقة معروفة بالفعل بأهميتها الأثرية. وأطولها يبلغ طوله 427 مترًا (1401 قدم).

كتب عالم الآثار جيمس أودريسكول من جامعة أبردين في المملكة المتحدة في مقالته المنشورة: “يقدم التكوين الفريد والموقع والتوجه لهذه الآثار نظرة داخلية إلى الجوانب الطقوسية والاحتفالية للمجتمعات الزراعية التي سكنت منطقة بالتينغلاس، ويُشير إلى التنوع في الشكل والوظائف المحتملة لهذه الآثار لدى المجتمعات الزراعية الأولى”.

بينما يعترف أودريسكول بعدم وجود الكثير من الأدلة القاطعة على كيفية استخدام الهياكل الأثرية هذه، إلا أن هناك بعض الدلائل: مثل موقعها بالنسبة للمواقع المعروفة للدفن، وتوجهها بالنسبة لمسار الشمس، وتوجيهها في سياق التلال والأودية.

تلمح تلك الدلائل كما لاحظ في البحث السابق، إلى أنه قد تم استخدام هذه الممرات لنقل الموتى إلى مثواهم الاخير، برفقة موكب جنائزي. ولم تكن مواقع المقابر مرئية في بعض الحالات هنا حتى وصول الموكب إلى نهاية الهياكل، وربما كان ذلك متعمداً.

كتب اودريسكول “ربما تكون الهياكل في بالتينغلاس التي وجهت المسافر إلى مثواه الأخير في ضريح الدفن، تقع عمداً بعيداً عن الأنظار للموكب الذي يجري داخل أو خارج الهياكل.

وبدأت تظهر الهياكل الجماعية للمرة الأولى في بداية العصر الحجري الحديث لأوروبا الغربية (حوالي 7000 قبل الميلاد)، حيث جمعت مجموعة من الناس كانوا متفرقين سابقاً. وتم بناء هذه المجمعات الأكبر حجماً، بما في ذلك الهياكل الأثرية، باستخدام الكثير من الوقت والعمل والمواد التي كانت ستتجاوز موارد مجتمع واحد بمفرده.

كتب أودريسكول: “إن إجراء مزيد من التحليل لهياكل بالتنغلاس الأثرية، بالإضافة إلى نماذج ايرلندية على نطاق واسع، يحمل إمكانات كبيرة لفهم الممارسات الطقوسية والاحتفالية في العصر الحجري الاوسط”.

تم نشر البحث في مجلة Antiquity.

  • ترجمة: سحر محمود
  • تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
  • المصادر: 1