في أول حالة موثّقة، حيوان برّي يعالج الجرح بالنبات الطبي

الإنسان ليس الحيوان الوحيد المعروف باستخدام الطبيعة كخزانة طبية لتهدئة آلامه وأمراضه، لكنّ استخدام المواد لعلاج الجروح هو سلوك شوهد حتى وقت قريب في رئيسيات واحدة فقط: الشمبانزي.

و بفضل دراسة نُشرت مؤخرًا من قبل فريق دولي من الباحثين، يمكننا إضافة نوع آخر إلى هذا النادي الحصري.

كتب الباحثون: «على حدّ علمنا، هذه الدراسة هي أول توثيق منهجي لعلاج الجرح المفترض النشط بمادة نباتية نشطة بيولوجيًا في الأنواع غير البشرية».

قبل عدة سنوات، لاحظت عالمة الرئيسيات في معهد ماكس بلانك إيزابيل لومر وزملاؤها قردًا ذَكرًا من نوع إنسان الغاب السومطري (بونغو أبيلي) يُدعى راكوس يخصص أكثر من نصف ساعة لتحضير واستهلاك وتطبيق متكرر لنبات طبي معروف على جرح مفتوح على وجهه.

بدأ الذكر الناضج، الذي يُقدر أنه في الثلاثينيات من عمره، بتلطيخ جرحه بعصائر الأوراق الممضوغة، مستخدمًا أصابعه عدة مرات فقط، حتى غطى الجرح بالكامل بلب الأوراق، ونظرًا لأنه لم يلطخ أي أجزاء أخرى من جسده، تعتقد لومر وزملاؤها أنه كان يعالج إصابته عمدًا.

وقد لاحظ الباحثون هذا السلوك في حديقة جونونج ليوزر الوطنية بإندونيسيا. رأوا راكوس يجمع الأوراق بعناية من النبات المتسلق Akar Kuning (Fibraurea tinctoria) في 25 يونيو/حزيران 2022، بعد ثلاثة أيام من ملاحظة الجرح المفتوح على وجهه لأول مرة في مشاجرة مع ذكر آخر.

لطالما استخدم tinctoria في الطب التقليدي لعلاج الجروح وغيرها من الحالات مثل السكري والزحار والملاريا.

وقد كشف تحليل التركيب الكيميائي للنبات عن خصائص مضادة للبكتيريا ومضادة للالتهابات ومضادة للفطريات ومضادة للأكسدة تساعد جميعها في التئام الجروح.

نظرًا لأن F. tinctoria له تأثيرات مسكّنة قوية، فقد يشعر الفرد بارتياح فوري من الألم، مما يجعله يكرر السلوك عدة مرات ثم يطبق مادة نباتية صلبة ربما لتغطية الجرح أيضًا كحماية ضد الذباب.

على هذا النحو، من المحتمل أن راكوس اكتشف مسكن الآلام بالصدفة في أثناء تناول النبات، أو من المحتمل أنه تعلم تقنية علاج الجروح هذه. في حين أن السلوك لم يلاحظ من قبل في المجموعات المحلية من إنسان الغاب، فإن الذكور تتفرق بمجرد أن تصبح ناضجة، لذلك قد يكون راكوس قد التقط هذه الحيلة الذكية من السكان الذين ولد بينهم.

أفاد الباحثون: «كان راكوس قد مر بتطوره الجنسي الثانوي في العام الذي سبق الحادث، ويبدو أنه يحاول إثبات نفسه على أنه الذكر المحلي المهيمن الجديد، وهذا ينعكس في بياناتنا السلوكية التي جمعت خلال هذا الوقت». المعارك الجسدية هي جزء طبيعي من هذه العملية. ولاحظ لومر وفريقه أن راكوس واصَل تناول F. tinctoria في الأيام التي تلت ذلك ولم ير أي علامات على الإصابة بالجروح. بحلول 19 يوليو/تموز 2022، بدا أن الجرح قد التأم بالكامل مع بقاء ندبة بسيطة فقط.

أمضى راكوس أيضًا أكثر من نصف اليوم في الراحة خلال فترة تعافيه، وكانت مختلفة بشكل ملحوظ عن فترات الراحة التي لاحظها الباحثون قبل اكتشاف جرحه.

توجد تقارير واسعة النطاق وأدلة قصصية على التداوي الذاتي في الرئيسيات الأخرى، بما في ذلك الشمبانزي فهو يمضغ اللب المر لأميغدالينا فيرنونيا لعلاج التهابات الدودة وتطبيق الحشرات على الجروح ولكن كان من الصعب توثيق مثل هذه السلوكيات بشكل منهجي.

إذا ثبت أن استخدام المراهم النباتية لعلاج الجروح موجود بشكل عام في إنسان الغاب أو القردة الكبيرة الأخرى، فقد يشير ذلك إلى أن الممارسات الطبية البشرية لها جذورها في وقت جاب فيه أسلافنا من الرئيسيات المشتركة الأرض.

  • ترجمة: ريم الأحمد
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1