خبير يشرح لماذا لا تقدّر أسنانك الطّبيعيّة بثمن

بيع أحد أسنان جون لينون بما يزيد قليلًا عن 31 ألف دولار أمريكيّ، في مزاد في إنكلترا عام 2011.

ما قيمة أسنانك؟

الأسنان هي معجزات صغيرة مذهلة. إنّها تضيء ابتسامتنا، ونستخدمها للتّحدّث، ونمضغ الطّعام بها أكثر من 600 مرّة في كلّ وجبة.

مع ذلك، في مجتمع يعيش فيه واحد من كلّ خمسة أمريكيين في سنّ 75 عامًا فأكثر دون أسنان، قد لا يدرك العديد من النّاس أنّ الأسنان مصمّمة لتبقى معنا طوال العمر.

أنا طبيب أسنان وأستاذ مساعد في طبّ الأسنان السّريريّ وأبحاث ترميم العظم الوجهيّ. لا يزال الباحثون من أمثالي يعملون على تعميق فهمنا لنموّ الأسنان، بهدف خدمة المرضى عبر تزويدهم بأسنان مجدّدة.

طوّرتُ في هذه العمليّة، تقديسًا للأسنان الطّبيعيّة ولهذا الجمال المعقّد لهذه التّحف البيولوجيّة والميكانيكيّة.

مصمّمة لوظيفة تدوم مدى الحياة

يكمن سرّ طول عمر الأسنان في متانتها وكذلك في كيفيّة تثبيتها في الفكّ-تخيّل مطرقة وقبضتها اليدويّة.

بالنسبة لكل سن، فإن المتانة والتّثبيت هما وظيفتان من وظائف الواجهة المركّبة بين ستّة أنسجة مختلفة؛ كلّ منها بمفرده أعجوبة بيولوجيّة. يمسك الملاط والرّباط والعظم السّنّ من أجل تثبيته من جزء الجذر المدفون تحت اللّثة.

الرّباط، وهو نسيج رخو يبلغ عرضه حوالي 0.2 ملم (حوالي قطر أربعة شعرات)، يربط ملاط ​​الجذر من أحد طرفيه بعظم الفكّ من الطّرف الآخر. ويعمل على تثبيت السّنّ وتخفيف حركته أثناء المضغ.

أمّا بالنّسبة للمتانة، فإنّ السّرّ يكمن في المينا والعاج واللّب-وهو ما سنركّز عليه في هذه المناقشة.

المينا-الدّرع

المينا هي القشرة الواقية التي تغطّي الجزء المرئيّ من السّنّ فوق اللّثة. وتعدّ المينا أقوى الأنسجة في الجسم بفضل محتواها المعدنيّ العالي.

يجب أن يكون كذلك، لأنّه يعمل بمثابة درع ضدّ التّأثير المستمرّ للمضغ.

لا يحتوي المينا على خلايا أو أوعية دمويّة أو أعصاب، لذا فهو غير حيّ وغير حسّاس. المينا.

أيضًا غير متجدّدة

فبمجرّد أن يتمّ تدميره بسبب التّسوّس كسره بسبب سوء الاستخدام مثل مضغ الثّلج أو قضم الأظافر أو فتح الزّجاجة-أو لمسه بمثقاب الأسنان فإنّ هذا الجزء من المينا الذي لا يقدّر بثمن يختفي إلى الأبد.

ولأنّه يتفاعل مع عالم مليء بالجراثيم، فإنّ المينا هي أيضًا المكان الذي يبدأ فيه التّسوّس. عندما تتراكم البكتيريا المولّدة للحمض على أسنان غير نظيفة أو سيّئة التّنظيف، فإنّها تذيب المعادن الموجودة في المينا بسهولة.

مثل الشّعر أو الأظافر، فإنّ المينا غير المعصّبة ليست حسّاسة. حيث يتقدّم التّسوّس عبر طبقة المينا التي تبلغ سماكتها 2.5 ملم (عُشر البوصة) دون ألم.

عندما يتمّ اكتشافه في هذه المرحلة أثناء زيارة فحص الأسنان، يمكن لطبيب الأسنان علاج التّسوّس بحشوة محافظة نسبيًا لا تؤثّر على السّلامة الهيكليّة للأسنان.

فإنّ المينا تكون صلبة، بسبب محتواها المعدنيّ.

ويتمّ توفير الدّعم مدى الحياة من خلال البنية التّحتيّة الأكثر مرونة-العاج.

العاج واللّب – الجسم والقلب

إنّ العاج هو الجسم المرن للسّنّ، مع محتوى معدنيّ أقلّ من المينا.

وهو نسيج حيّ يتكوّن من أنابيب صغيرة متوازية تحتوي على سوائل وامتدادات خلويّة.

كلاهما ينشأ من اللّب

اللّب هو قلب الأنسجة الرّخوة للأسنان. فهو غنيّ جدًا بالخلايا والأوعية الدّموية والأعصاب، وهو مصدر حياة السّنّ-قلبه-ومفتاح طول عمره.

كما هو الحال مع أجهزة كشف الدّخان التي تتواصل مع محطّة إطفاء بعيدة، فإنّ الامتدادات الخلويّة الموجودة داخل العاج تتحلّل بمجرّد اختراق طبقة المينا غير الحسّاسة إلى العاج.

وبمجرّد أن تنقل الامتدادات إشارة الخطر إلى اللّب، ينطلق إنذار حساسيّة الأسنان لدينا: قلب السّنّ ملتهب.

يبدأ اللّب الملتهب بإجراءين وقائيّين. الأوّل هو إفراز طبقة إضافيّة من العاج لتأخير الهجوم.

المقترب.

والثّاني هو ألم الأسنان، وهو دعوة لزيارة طبيب الأسنان.

وكلّما كانت الزّيارة مبكّرة، قلّ الحفر وكان الحشو أصغر.

إذا تمّ اكتشافه في الوقت المناسب، سيتمّ الحفاظ على معظم أنسجة السّنّ الطّبيعيّة ومن المرجّح أن يستعيد اللّب حالته الصّحّيّة.

وإذا تمّ اكتشافه بعد فوات الأوان، فإنّ اللّب يموت ببطء.

ودون القلب، لا يكون للسّنّ غير الحيّ أيّ دفاع ضدّ المزيد من غزو التّسوّس.

ودون مصدر ترطيب، فإنّ العاج الجافّ سوف ينكسر عاجلًا أم آجلًا تحت قوى المضغ المستمرّ.

علاوة على ذلك، فإنّ الأسنان التي فقدت بالفعل جزءًا كبيرًا من بنيتها الطّبيعيّة بسبب التّسوّس أو تحضير التّجويف أو أدوات قناة الجذر تصبح ضعيفة، مع طول عمر محدود.

بعبارةٍ أخرى، لا يعود السّنّ كما كان دون قلبه. بلا لبّ، يفقد السّنّ قدرته على الصّمود منذ الولادة وصولاً إلى نهاية العمر، ويفقد الضّمان الذي تقدّمه الطّبيعة الأمّ مدى الحياة.

الأسنان تأتي معًا

إنّ تكوين السّنّ داخل عظم الفكّ يتضمّن ترسيبًا معدنيًا متعدّد الطّبقات، أكثر تعقيدًا-وأثمن-من اللّؤلؤة داخل المحار.

مع تقدّم نموّ الأسنان في عمليّة الهندسة الخلويّة النّهائيّة، تتكاثر خلايا الأنسجة السّتّة المذكورة أعلاه-المينا والعاج واللّب والملاط والرّباط والعظام -وتتخصّص وتتمعدن بشكل متزامن مع بعضها البعض لتشكّل واجهات متشابكة بشكلٍ فريد: المينا إلى العاج، العاج إلى اللّب، الملاط إلى العاج، والملاط إلى الرّباط إلى العظام.

ينمو تاج السّنّ عموديًا حتّى يكتمل تكوينه، في تقدّم يشبه الطّباعة ثلاثيّة الأبعاد.

وفي الوقت نفسه، يستمرّ الجذر في استطالته ليطلق التّاج في النّهاية من داخل العظم عبر اللّثة ليظهر في الفمّ-وهو الحدث المعروف باسم التّسنين.

وفي ذلك الوقت تقريبًا، حوالي 12 عامًا، تكتمل مجموعة أسناننا البالغة.

صُمّمت هذه اللآلئ لتدوم مدى الحياة وهي بلا شكّ تستحق الحفاظ عليها.

احفظ أسنانك، قم بزيارة طبيب الأسنان

تسوّس الأسنان، وهو المرض الأكثر انتشارًا بين البشر، يمكن التّنبّؤ به والوقاية منه. كلّما تمّ اكتشافه في وقتٍ مبكّر، كلّما أمكن الحفاظ على سلامة الأسنان.

وبما أنّ العمليّة تبدأ بدون ألم، فمن الضّروري زيارة طبيب الأسنان بانتظام للسّيطرة على تلك الجراثيم الخبيثة.

أثناء زيارتك للفحص، سينظّف طبيب الأسنان أسنانك ويتحقّق من عدم وجود تسوّس مبكّر.

إذا كنت مواظبًا في إجراءاتك الوقائيّة اليوميّة، فإنّ الخبر السّارّ بالنّسبة لك سيكون عدم وجود أيّ مشكلة-ما يكفي لجعل أيّ شخص يبتسم.

سامر زكي، أستاذ مساعد باحث في علوم الفمّ والوجه القحفيّ، جامعة بيتسبرغ.

  • ترجمة: سحر محمود
  • تدقيق علمي ولغوي: ريمة جبارة
  • المصادر: 1