كل ما تحتاج إلى معرفته حول مرض جدري القرود والسبب الذي لا يدعو إلى الخوف منه

في 18 أيار من عام 2022، أكد مسؤولو الصحة في ولاية ماساشوستس الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وجود حالة فردية لجدري القرود عند مريض كان قد سافر مؤخراً إلى كندا، كما تم الإبلاغ عن وجود حالات في المملكة المتحدة وأوروبا.

جدري القرود ليس مرضاً جديداً فقد تم تشخيص أول حالة بشرية مصابة بجدري القرود في عام 1970، عندما تم عزل الفيروس المسبب من طفل يشتبه بإصابته بمرض الجدري في جمهورية الكونغو الديموقراطية.

من غير المحتمل أن يؤدي فيروس جدري القرود إلى تفجر وباءٍ جديد، لكن بوجود الشاغل الرئيسي للعالم المتمثل بكوفيد-19، يمكن تفهم الخوف من حدوث انتشار كبير لوباءٍ آخر. على الرغم من ندرته واعتدال شدته عادة، فإنه لا يزال من المحتمل أن يكون بإمكانه أن يسبب مرضاً خطيراً. وثمة قلق لدى مسؤولي الصحة حول ظهور المزيد من الحالات مع ازدياد رحلات السفر.

أنا باحثة وسبق أن عملت في مجال الصحة العامة والمختبرات الطبية لما يزيد عن ثلاثة عقود ولاسيما في مجال الأمراض ذات المنشأ الحيواني.

ماذا يحدث بالتحديد في ظل هذا الانتشار الحالي، وماذا يقول لنا الماضي حول جدري القرود؟

من عائلة مرض الجدري

ينتج جدري القرود عن فيروس جدري القرود، الذي ينتمي إلى مجموعة فرعية من عائلة Poxviridae تدعى الفيروسات الجدرية Orthopoxvirus. تتضمن هذه المجموعة الفرعية فيروسات الجدري smallpox، الوقس vaccinia، جدري البقر cowpox. بينما المستودع الحيواني لفيروس جدري القرود غير معروف، يشتبه بأن تلعب القوارض الإفريقية دوراً بانتقال المرض.

تم عزل فيروس جدري القرود مرتين فقط من أحد الحيوانات في الطبيعة. يتوفر حالياً الاختبار التشخيصي فقط في مختبرات شبكة الاستجابة المخبرية في الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم.

نتج اسم “جدري القرود” عن أولى الحالات الموثقة للإصابة بهذا المرض عند الحيوانات عام 1958، عندما وقعت حادثتا انتشار عند قرود مخصصة للأبحاث. إلا أن الفيروس لم ينتقل من القرود إلى البشر وليست القرود حوامل رئيسية لهذا المرض.

علم الأوبئة

منذ الإبلاغ عن أول حالة بشرية لجدري القرود، عثر عليه في عدة دول أخرى في غرب ووسط أفريقيا مع وجود غالبية الإصابات في جمهورية الكونغو الديموقراطية، بينما ارتبطت الحالات المسجلة خارج أفريقيا برحلات السفر الدولية أو استيراد الحيوانات بما في ذلك في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.

وقعت أولى حالات جدري القرود المبلغ عنها في الولايات المتحدة في عام 2003، نجمت عن حدوث تفشٍ في تكساس ارتبط بشحنة من الحيوانات من غانا. كما كان هنالك حالات مرتبطة برحلات سفر في شهري تشرين الثاني وتموز من عام 2021 في ماريلاند.

نظراً لارتباط جدري القرود بشكلٍ وثيق بمرض الجدري، يمكن أن يوفر لقاح الجدري الوقاية من الإصابة بكلي هذين الفيروسين. تم إيقاف لقاحات الجدري الروتينية للمجموع السكاني العام في الولايات المتحدة في عام 1972 منذ القضاء على مرض الجدري رسمياً. وهذا سبب ظهور جدري القرود بشكل متزايد عند الأشخاص الغير المطعمين بتلك اللقاحات.

الانتقال

يمكن أن ينتقل الفيروس عبر الاحتكاك مع شخص أو حيوان مصاب أو سطوح ملوثة به. وعادة يدخل الفيروس إلى الجسم عبر جروح الجلد أو استنشاقياً أو عبر الأغشية المخاطية الموجودة في العينين أو الأنف أو الفم.

يعتقد الباحثون بأن الانتقال من إنسان إلى آخر يكون غالباً عبر استنشاق قطيرات تنفسية كبيرة ملوثة بدلاً من الاتصال المباشر مع سوائل الجسم أو الاحتكاك الغير المباشر عن طريق الملابس. وقد أصبحت معدلات انتقال جدري القرود من إنسان إلى آخر محدودة.

يشعر مسؤولو الصحة بالقلق من إمكانية انتشار الفيروس بشكل غير مكتشف عبر الانتقال الاجتماعي أو عبر آلية ما أو سبيل محتمل. مازالت حيثية وكيفية حدوث العدوى قيد البحث.

العلامات والأعراض

يبدأ الفيروس بعد دخوله إلى الجسم بالتكاثر والانتشار في الجسم بواسطة جريان الدم. لا تظهر عادة الأعراض حتى أسبوع أو أسبوعين بعد الإصابة بالعدوى.

يسبب جدري القرود آفات جلدية مشابهة لمرض الجدري، لكن عادة ما تكون الأعراض أخف من تلك الناجمة عن الجدري. عادة ما تكون شائعة في البداية الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا، وتتراوح من الحمى والصداع إلى ضيق التنفس.

وبعد يوم حتى 10 أيام فيما بعد، يمكن أن يظهر الطفح على الأطراف أو الرأس أو الجذع، وتتحول في نهاية المطاف إلى بثور مملوءة بالقيح. تدوم الأعراض إجمالاً ما بين أسبوعين إلى أربع أسابيع، في حين تتقشر الآفات الجلدية في غضون 14 إلى 21 يوم.

إن مرض جدري القرود نادر وغير مميت عادة، ونسخة واحدة من المرض تقضي على ما يقارب 10% من الأشخاص المصابين بالعدوى. يعتقد بأن الشكل المنتشر حالياً من هذا الفيروس أخف شدة ومعدل الوفاة بسببه أقل من 1%.

اللقاحات والعلاجات

يتركز علاج جدري القرود بشكل رئيسي على تسكين الأعراض. بحسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، لا تتوافر علاجات للإصابة بجدري القرود.

تقترح الأدلة بأنه يمكن للقاح الجدري أن يساعد بمنع حالات العدوى بجدري القرود وتقليل شدة الأعراض. تم ترخيص إحدى اللقاحات المعروفة باسم Imamune أو Imvanex في الولايات المتحدة لتجنب الإصابة بعدوى جدري القرود وعدوى الجدري.

ويمكن أن أيضاً أن تساعد اللقاحات بتقليل فرص الإصابة بالشكل الخطير للمرض بعد التعرض للفيروس. توصي CDCفي الوقت الحالي بأخذ لقاح الجدري فقط عند الأشخاص الذين سبق وتعرضوا لفيروس جدري القرود أو أكثرهم احتمالاً للتعرض له. الأشخاص المضعفين مناعياً هم ذوي خطورة عالية.

  • ترجمة: نور مهنا
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1