ما مدى ثقل جسيم الضوء؟

ما مدى ثقل جسيم الضوء؟

أصبح لدينا حد أعلى جديد لكتلة الضوء.

وفقًا لمقاييس النجوم النابضة المنتشرة في جميع أنحاء مجرة درب التبانة وإشارات الراديو الغامضة من المجرات الأخرى، لا يمكن أن يكون جسيم الضوء -المسمى الفوتون- أثقل من 46-^10×9.52 كيلوغرامًا.

إنه حد ضئيل، لكن بمجرد اكتشافنا أن الضوء يمتلك كتلة يمكن لذلك أن يؤثرعلى كيفية تفسيرنا للكون من حولنا، وفهمنا للفيزياء.

توصف الفوتونات عادةً بأنها جسيمات عديمة الكتلة، وتتحرك هذه الكميات المنفصلة من الطاقة عبر الزمكان بسرعة ثابتة، غير قادرة على التسارع أو التباطؤ في الفراغ، هذا التحرك الثابت هو مؤشر انعدام الكتلة ولايوجد دليل على خلاف ذلك.

ومع ذلك، فإننا غير متأكدين من أن الفوتونات هي جسيمات عديمة الكتلة، وفكرة وجود كتلة قد تكون لها آثار عميقة، إذ أنها تتعارض مع نظرية النسبية الخاصة لآينشتاين، ونظرية ماكسويل الكهرومغناطيسية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي على الأرجح إلى اكتشاف فيزياء جديدة، ومن المحتمل أن تجيبنا عن أسئلة كبيرة في ما يتعلّق بالكون، على الرغم من طرحها العديد من التساؤلات في المقابل.

اذا كان للفوتون كتلة، فمن المتحمل أن تكون صغيرة للغاية بحيث لا يكون لها تأثيرات كبيرة على الكيفية التي وجد بها هذا الكون، وهذا يعني أننا لا نملك الأدوات اللازمة لقياسها بشكل مباشر، ولكن يمكننا استخدام مقياس غير مباشر يعطينا الحد الأعلى لهذه الكتلة الافتراضية، وهذا بالضبط ما فعله مجموعة من علماء الفلك.

حلّل فريق من جامعة سيتشوان للعلوم والهندسة، والأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة نانجينغ، البيانات التي جُمعت بواسطة مصفوفة توقيت النجوم النابضة “باركس” وبيانات من الانفجارات الراديوية السريعة، وذلك من مصادر متعددة لمعرفة كم من المحتمل أن تقدر كتلة الضوء.

مصفوفة توقيت النجوم النابضة عبارة عن مجموعة من هوائيات التلسكوب الراديوي التي تستخدم في مراقبة النجوم النيوترونية التي ترسل حزم نبضية من الإشعاع الكهرومغناطيسي، وتُستخدم هذه التلسكوبات لمراقبة النجوم النابضة الدقيقة للغاية التي تبلغ مدتها ميلي ثانية.

الانفجارات الراديوية السريعة هي انفجارات ضوئية قوية للغاية ذات مصدر غير معروف والتي اكتشفت في الفضاء الشاسع بين المجرات.

الخاصيّة التي قام الباحثون بدراستها تدعى ‘مقياس التشتت’، وهذه الخاصية هي إحدى الصفات المميزة للنجوم النابضة والانفجارات الراديوية السريعة، وهذا المقياس يشير بدقة إلى مدى تشتت الحزمة النابضة من الإشعاع بواسطة الإلكترونات الحرة المتواجدة بيننا وبين مصدر الضوء.

إذا كان للفوتونات كتلة، فإن انتشارها عبر الفضاء سيتأثر بالبلازما الموجودة بالفضاء الفارغ، إذ سيتأثر بكل من كتلة البلازما والإلكترونات الحرة المتواجدة خلالها. وبالتالي، سوف ينتج عنه تأخير زمني مرتبط بكتلة الفوتون.

تبحث مصفوفة توقيت النجوم النابضة عن التأخير في توقيت نبضات النجم النابض بالنسبة لبعضها البعض، بطريقة يمكن خلالها تخفيض تأثيرات التشتت، خاصة ضمن النطاق الترددي فائق الاتساع، مما يسمح للباحثين بحساب مقدار التأخير الذي يمكن أن تساهم به كتلة الفوتون الافتراضية.

وفي الوقت نفسه، فإن إزالة تشتيت الإشارات من الانفجارات الراديوية السريعة يمكن أن يكشف أيضًا عن تأخير يتناسب مع كتلة الفوتون.

من خلال دراسة هذه البيانات بعناية، تمكن الفريق من استخلاص الحد الأعلى لكتلة الفوتون وهي تساوي -46^10×9.52 كيلوغرام (أو بالطاقة المكافئة، 5.34 × 10^-10 إلكترون فولت C-2).

لاحظ أن هذا لا يعني أن الفوتون له كتلة؛ بل يعني فقط أن لدينا حدًا أعلى جديدًا يمكن للكتلة أن تتراوح خلاله، إذا كانت موجودة.

كتب الباحثون: «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الأخذ بعين الاعتبار التفاعل بين كتلة فوتون غير صفرية ووسط البلازما وحسابه وذلك من خلال انتشار الفوتون عبر وسط البلازما».

وهذا ليس أقل بكثير من القياس المنشور في عام 2023، ولكنه مجرد تحسًن في القياس، والذي يعني أن العلماء الذين يدرسون تأثيرات كتلة الفوتون الافتراضية لديهم نطاق أكثر دقة للعمل فيه.

ويقول علماء الفلك: «تظهر الدراسة أيضًا أننا بحاجة إلى تلسكوبات راديوية عالية الدقة، ومن غير المرجح أن نتمكن من قياس وزن الفوتون في الوقت القريب، ولكن الحصول على بيانات عالية الجودة باستمرار سيسمح لنا بتضييق نطاق القياس بشكل أكبر، ومعرفة تأثيراته المحتملة على الكون من حولنا».

  • ترجمة: محمد بشير البلبيسي
  • تدقيق علمي ولغوي: روان عسّاف
  • المصادر: 1