القوّة الخارقة الأهم التي يحتاجها كلّ قائد

لا يمكنك تولّي القيادة إذا كنت لا تستطيع الاستماع.

يجب على القادة تقديم تضحيات هائلة وتحقيق التّوازن بين الأهداف المتضاربة إذا أرادوا النّجاح. وجد آدم براينت أنّ الاستماع هو القوّة العظمى الأكثر قيمة لدى القائد وذلك بعد إجراء مقابلات مع المئات من الرّؤساء التّنفيذيّين. يشارك براينت استراتيجيّتين أساسيّتين لمساعدة القادة على أن يصبحوا مستمعين أفضل.

الجميع يريد أن يحكم العالم أو على الأقلّ يقود زاوية منه والأسباب واضحة وكافية. تحصل على السّلطة والمكانة عندما تكون مسؤولًا. يتطلّع النّاس إليك للحصول على التّوجيه وأنت تتّخذ القرارات. هل ذكرنا المال؟ لأنّ الأجر أفضل حتمًا عندما تتربّع على القمّة.

يشير آدم براينت، المؤلّف والمدير الإداريّ الأوّل لمجموعة ExCo إلى أنّ صورة القيادة هذه لا تمثّل سوى أبرز ما في الأمر. وهي بعيدة كلّ البعد عن الصّورة الكاملة.

يقول براينت ل Big Think +: يقول الكثير من النّاس أنّهم يريدون هذه التّرقية وأن يصبحوا قادة.

تبدو جميع هذه الوظائف رائعة.

حسنًا، إنّها ليست كذلك إذ أنّها تأتي مع مكافآت ولكنّها تأتي أيضًا مع قدرٍ هائل من التّضحيات والمقايضات في حياتك. يتطلّب الأمر دستورًا محدّدًا ودافعًا معيّنًا للرّغبة في القيام بهذه الوظائف.

هذا ليس كلّ شيء لأنّ القيادة وظيفة مليئة بالمفارقات. يجب أن تكون صادقًا ومتعاطفًا مع موظّفيك بينما تكون مسؤولًا عن النّتيجة النّهائيّة. يجب أن تحافظ على الشّعور بالإلحاح مع التّحلّي بالصّبر. ويجب أن تكون مرنًا وشاملاً مع ثبات قيمك.

لا يستطيع الجميع أن يحقّقوا هذا التّوازن بين المطالب المتعارضة ولا يتدرّب سوى عدد قليل من القادة على المهارات التي سوف يحتاجونها للنّجاح قبل أن يجدوا أنفسهم يتصدّرون العمل الكبير ممّا يترك العديد من القادة في موقف محفوف بالمخاطر ويحاولون يائسين إيجاد توازنهم أثناء قيامهم بعملهم.

ولكن هنالك أخبار جيّدة. أجرى براينت مقابلات بصفته كاتبًا مع أكثر من 1000 من الرّؤساء التّنفيذيّين وقادة الأعمال. وفي تلك المحادثات اكتشف ما يسمّيه القوّة العظمى للقيادة. وتلك القوّة العظمى هي الاستماع.

كلّما استمعت أكثر:

الاستماع هو (القدرة الخارقة لدى القادة) لأنّه يساعدنا على تسليط الضّوء على نقاط ضعفنا. هناك دائمًا بعض المعلومات التي لا تلفت انتباهنا أو وجهة نظر لا يمكننا رؤيتها أو شيء نحن مخطئون بشأنه. في الواقع، قد يكون القادة عرضة بشكلٍ خاصّ لنقاط الضّعف هذه بسبب واحدة أخرى من تلك المفارقات.

يوضّح براينت: “يتمتّع القادة بإمكانّية الوصول إلى خطوط الاتّصال في المؤسّسة أكثر من أيّ شخص آخر. التّناقض هو أنّ جميع خطوط الاتّصال هذه معرّضة للخطر”.

السّبب بسيط وراء مثل هذا التّواصل المعرّض للخطر: لا أحد يريد أن ينقل الأخبار السّيّئة إلى الرّئيس. إذا لم تكن قد قمت بتثبيت نظام للأخبار السّيئة بعد، فقد يبقى أعضاء الفريق يخشون العقاب أو يقلقون من أنّ الإشارة إلى وجود مشكلة ستزيد من أعباء العمل.

في كلّ الأحوال يعني الصّمت النّاتج عن ذلك أنّك لن تكون على دراية بالمشاكل إلّا بعد تفاقمها. وستضطر إلى الإسراع في جمع المعلومات اللّازمة لمعالجة هذه المشاكل بما أنّك غير مجهّزٍ للتّعامل معها.

يساعد إنشاء معايير تواصل صحّيّة في حلّ هذه المشكلة.

كقائد، يضمن لك الإصغاء حصولك على المعلومات التي تحتاجها للتّعلّم والتّصرّف وفقًا لذلك. سوف تكسب استيعابًا عميقًا للبيئة والأشخاص الذين تعمل معهم والمشكلات التي تواجهها أو التي قد تواجهها يومًا ما.

كما أنّك تبني نوعًا من الثّقافة التي يشعر فيها النّاس بأنّهم مسموعون ومقدّرون. عندما يعلم النّاس أنّ وجهات نظرهم ستكون موضع ترحيب بدلًا من تجاهلها أو معاقبتها، سوف يكونون أكثر انفتاحًا على المشاركة. وهذا يخلق الرّوابط التّنظيميّة التي تفتح خطوط الاتّصال مع القيادة.

هذا لا يعني أنّ عليك أن تأخذ بنصيحة الجميع أو أن تتّبع كلّ خطّة تعرض عليك. أفضل إجابة أحيانًا هي لا، ولا بأس بذلك. يشير براينت: “إذا شعر النّاس أنّه يتمّ الاستماع إليهم، سوف يشعرون بالاحترام وسوف يتبعوك حتّى إذا قمت باتّخاذ قرار مختلف عمّا يقترحونه”.

يبدو الأمر بسيطًا جدًّا لكنّه يتطلّب منك أكثر من مجرّد الحفاظ على سياسة الباب المفتوح وساعات العمل المنتظمة لتصبح مستمعًا جيّدًا. يشارك براينت خلال مقابلته استراتيجيّتين لمساعدة أيّ قائد على تحسين مهارات الإصغاء لديه.

الأولى هي الاختصار WAIT: وهو اختصار لسؤال: لماذا أنا أقوم بالحديث؟

المبدأ الأساسيّ هو أنّك إذا كنت تتحدّث، فأنت لا تستمع وإذا كنت لا تستمع فأنت لا تتعلّم.

لا تتطلّب الاستراتيجيّة الصّمت التّام. بل تطلب منك أن تضع في اعتبارك سبب حديثك. هل تتحدّث لتخبر الآخرين كيف تسير الأمور أم لأنّك تريد إنهاء الأمور بسرعة؟ أم أنّك تطرح سؤالًا يدعو أحد الأشخاص للمشاركة؟ الأولى قاتلة للتّواصل، أمّا الثّانية فتسهّل المحادثة من خلال التّعبير عن اهتمامك بالاستماع.

يطلق براينت على الاستراتيجيّة الثّانية اسم دليل المستخدم للقيادة. يجب أن تبدأ بإجراء محادثة مع أحد أعضاء الفريق وتسأله عن أسلوبه ومشاكله وتفضيلاته في العمل. هل أفضل وقت للتّركيز بالنّسبة له هو في الصّباح أم بعد الظّهر؟ ما هو الجزء من الوظيفة الذي يدفعهم إلى الجنون؟ هل يفضّلون مناقشة الأفكار عبر البريد الإلكترونيّ أم في غرفة؟ وما إلى ذلك.

يعبّر هذا الشّيء عن الآراء المختلفة لكن الهدف هو تطوير التّفاهم المتبادل بين الزّملاء والإظهار لعضو الفريق أنّ علاقتكما لن تقتصر على مجرّد إصدار الأوامر. سوف تستمع إليهم وتأخذ احتياجاتهم في الاعتبار. سوف يصبح لدى كلّ منكما “دليل مستخدم” ذهنيّ لكيفيّة عمل الآخر وكيفيّة العمل مع بعضكما البعض بفعالية وذلك مع مرور الوقت.

يروي براينت قصّة مديرة تنفيذيّة نجحت في الجمع بين هاتين الاستراتيجيّتين بشكلٍ مثاليّ. إذ أنّها أخذت أحد الأعضاء الجدد جانبًا وأخبرته أنّها ستطرح الكثير من الأسئلة قبل أن يقوم بعرضه التّقديميّ الأوّل ثمّ وضّحت أنّها لا تستجوبه أو تحاول وضعه في موقف محرج بل كانت الأسئلة هي طريقتها في إظهار الاهتمام والتّعلّم منه.

كانت هذه المديرة التّنفيذيّة صريحة ومتعاطفة بدلًا من أن تفترض أنّ نواياها كانت واضحة. إنّه يؤسّس أيضًا معيارًا ثقافيًّا لكلّ شخص في تلك الغرفة بالإضافة إلى أنّه يريح عقل عضو الفريق. لقد كانت هناك لتتعلّم وتستمع ولم يكن أحد بحاجة إلى القلق بشأن التّعبير عن نفسه بصراحة وصدق.

يضيف براينت: “لا يتعلّق الأمر باختبارات مايرز-بريجز (اختبارات الشّخصيّة) أو الألوان أو الأبراج التي تحدّد نوع شخصيّتك. يمثّل إجراء هذه المحادثة والبدء من منطلق الرّغبة في إنجاز نجاح تحوّلًا ملحوظًا”.

تحقيق التّوازن بين قدراتك القياديّة الخارقة

لا يعني أيّ من هذا أنّ القادة يجب أن يستمعوا بهدوء طوال الوقت إذ أنّهم لا يستطيعون تحمّل ذلك. يعتقد براينت بعدم وجود شيء مثل الإفراط في التّواصل بالنّسبة للقادة. بل أنّه يحذر قائلاً: تحتاج أحيانًا إلى قول الأشياء سبع مرّات بسبع طرق مختلفة قبل أن يسمعها النّاس مرّة واحدة وتحتاج إلى التّواصل حتّى يعرف موظّفوك ما ستقوله قبل أن تقوله.

إنّها مفارقة أخرى من تلك المفارقات القياديّة. لكن هناك توازن يجب إيجاده في هذه المفارقة مثل كلّ المفارقات الأخرى. هذا يعني: يجب عليك المبالغة في إيصال رغبتك في أن يكون أعضاء فريقك صادقين ومنفتحين ومتفاعلين معك بالإضافة إلى مناقشة أفكارك. فوجودك واستماعك هو كلمتك وميثاقك.

يقول براينت: يجب أن توضح تمامًا باعتبارك قائدًا أنّك تريد الحصول على الآراء. عندما يخبرك النّاس بالأشياء التي يصعب سماعها، قل لهم: “شكرًا لك”.

  • ترجمة: مجد علي
  • تدقيق علمي ولغوي: الأيهم عبد الحميد
  • المصادر: 1