ما الذي يجعل بعض الناس فضوليين أكثر من غيرهم؟

هل تبِعْتَ يومًا نملة، فاصطدم رأسك بغصن شجرة؟!

هل وضع ابنك اصبعه في مأخذ الكهرباء؟!

ما الذي دفع جاك لتسلق شجرة الفاصولياء؟!

ما الذي يجعل بعض الناس فضوليين أكثر من غيرهم؟

عندما نرضي فضولنا، يكافؤنا دماغنا بطريقته الخاصة.

  • كل شخص لديه أنظمة عاطفية مختلفة ترتبط بمجموعة هرمونات متنوعة تكافؤه على سلوكه الجيد وتعاقبه على السيء.
  • أحد الأنظمة هو نظام البحث الذي يكافئ السلوكيات الجريئة والخطِرة والفضولية وهو يفرز الدوبامين بعد إنهاء مغامرة.
  • كلما استُخدم هذا النظام أكثر كلما أصبح أفضل وأقوى، وهذه آثار مهمة على كيفية تربية أطفالنا وكيفية تعاملنا مع الجنسين المختلفين.

    تبدأ جميع المغامرات بالفضول؛ فالحكايات والقصص التي لطالما أحببناها تبدأ بصوت أحدهم الاستفساري أو بالحاجة لمعرفة المزيد عن أمر ما. مثل الأميرة النائمة التي ذهبت لاستكشاف القلعة لترى فقط ما بداخلها وجاك الذي تسلق شجرة الفاصولياء لأنه يريد معرفة ما الذي يوجد في القمة.

من الممكن أن يكون الفضول هو القوة الدافعة لجميع العلوم والاختبارات، وهذا الذي دفعنا لاستكشاف القمر ولخوض المغامرات عبر تسلق أعالي الجبال والغوص في أعماق المحيطات.

عندما نتكلم عن الفضول، هذا لا يعني أننا خلقنا متساوين، فبعض الأشخاص لا يمكنهم المساعدة لكنهم يتساءلون ويتفحصون ويستكشفون، أمّا البعض الآخر فهم سعداء بما يكفي بالذي يملكونه أو يرونه. إذاً، لماذا لم يُوزّع الفضول بالتساوي بين الناس؟

نظام البحث:

يكافئ الدماغ عند القيام بسلوكيات جيدة كإشباع شهيتنا أو الشعور بالدفء بالقرب من النار؛ فيقول لنا: “أحسنت العناية بالجسم، إليك بعض الإندورفين”. في العام 1998، سمّى عالم الأعصاب جاك بانكسيب هذا النظام بـ«نظام البحث»، الذي شكّل واحدًا من سبع وظائف عاطفية أساسية للدماغ (إلى جانب وظائف أخرى كالخوف والذعر واللعب). هذا النظام هو الذي يشجّعنا على الاستكشاف والبحث عن الغذاء والابتعاد عن منطقة الراحة الخاصة بنا.

إنه نظام موجّه نحو الهدف، يساعدنا على تحديد هدف ما ولديه آليات مختلفة من المكافآت وُضِعت لإرضاء هذا الهدف. إنّها آلية تطوريّة عمرها آلاف السنين تدفع الإنسان ليكون مغامرًا وجريئًا وباحثًا عن الخطر. من دون هذا النظام، سنبقى في بيوتنا مكتفين بكل ما لدينا من أشياء ضئيلة.

أمّا على مستوى علم الأعصاب، تُعرف آلية المكافأة التي تأتي خلف هذا النظام باسم مسار الميزوليمبيك. عندما تشبع بعض الأمنيات والفضول، يفرز جزء من الدماغ هرمون الدوبامين، يُعرف هذا الجزء باسم المنطقة السقيفية البطنية ويتواجد في منتصف الدماغ. ثم يُسقط هذا الهرمون على طول المسار المؤدي إلى القشرة الجبهية الحجاجية، والتي تقع بالقرب من الجزء الأمامي من الدماغ. هذا ما يعطينا شعور السعادة الذي نعرفه جميعًا عند تحقيق ما نريد ونقول حينها «نعم، لقد فعلتها».

تجربة الفضول:

يصبح كل جزء من الدماغ أسرع وأكثر فعالية عند استخدامه بشكل أكبر. وكلما قمنا بمهمة ما أو سلوكٍ معين، فإنه ينشأ أو يعزّز أو يقوي المسارات العصبية المختلفة.

كذلك، فإنّه من النادر أن يتوقف معظمنا عن التفكير في القراءة أو القيادة أو المشي، وذلك لأن المسارات العصبية لهذه السلوكيات قد تحجّرت من خلال الاستخدام المنتظم.

من باب الفضول، عندما يكبر الطفل، تكافؤه بيولوجيته بشكل طبيعي عند القيام ببعض سلوكيات البحث عن المخاطر. وفي هذا السياق، يمنح هرمون الدوبامين كجائزة للفضوليين والمغامرين. لذلك فإن أي شخص لديه مراهق أو يعرف مراهقًا سيعرف مدى الإحباط الذي قد يسببه الدفع المستمر بالحدود والتجريب. ولكن هذا ما يجب عليهم فعله حرفيًا، إنه ما يسمح لنا بالبحث عن الطعام، والعثور على معاش جديد وأكبر، والتقدم كنوع.

  • ترجمة: فاطمة قنبر
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1