تقنية جديدة تتيح للعلماء مراقبة فوريّة لتطوّر الأجنّة

لجأ العلماء إلى مصدر قد لا تتوقّعه من أجل إلقاء نظرة فوّريّة عن كثب على الأجنّة النّامية، وفهم أفضل للأسباب المحتملة للعيوب الخلقيّة والمشاكل الصّحّيّة الأخرى، إنّه: بيض طائر السّمّان.

في الواقع، تطوّراتنا الأولى ككائنات حيّة تشبه تلك الّتي تحدُث في السّمّان، وبما أنّ أجنّتها تنمو داخل البيض، يمكن مسحها ضوئيًّا بسهولة نسبيّة. لطالما فضّل العلماء استخدام بيض الطّيور لدراسة الأجنّة.

استخدم الباحثون خلال هذه الدّراسة في أستراليا بيض السّمّان المُعدَّل جينيًّا لإبّراز مادة الببتيد الفلوريّ المرتبطة ببروتينات الأكتين الّتي تُشكّل هيكل الجنين المبكّر، المعروف باسم (هيكل الأكتين الخلويّ-Actin Cytoskeleton). أتاح لهم هذا النّهج مشاهدة الخلايا وهي تهاجر وتتجمّع لتكوين الأعضاء.

تقول عالمة الأحياء التّطوّريّة من جامعة كوينزلاند ميلاني وايت: “تمكّنا، ولأوّل مرّة، من رؤية تصوير عالي الدّقّة في الوقت الفعليّ لعمليّات نموّ مبكّرة مهمّة. كانت معظم معرفتنا السّابقة، حتّى هذا اليوم، حول تطوّر ما بعد الزّرع تأتي من دراسات على شرائح ثابتة، في نقاط زمنيّة مُحدّدة”.

تمكّن الفريق من رؤية المراحل المبكّرة جدًّا لتكوين القلب والدّماغ والحبل الشّوكيّ.

وقد استُخدِمت مجموعة متنوِّعة من الأدوات المجهريّة لالتقاط العلامة الفلوريّة الّتي أبرزت حركة الخلايا.

كانت إحدى الملاحظات هي كيفيّة تكوين الأنبوب العصبيّ، الّذي يُعدّ سلف الجهاز العصبيّ المركزيّ، حيث “يُغلق” عند انضمام الخلايا معًا.

تشرح وايت: “رأينا كيف تمدّ الخلايا نتوءاتها عبر الأنبوب العصبيّ المفتوح لتُلامِس الجانب المقابل، كلّما زاد عدد النّتوءات الّتي شكّلتها الخلايا، زادت سرعة إغلاق الأنبوب، إذا حدث خلل في هذه العمليّة أو تعطّل الأنبوب ولم يُغلَق بشكل صحيح خلال الأسبوع الرّابع من تطوّر الجنين البشريّ، سيعاني الجنين من عيوب في الدّماغ والحبل الشّوكيّ”.

تمّت ملاحظة اتّصالات مشابهة في الخلايا الجذعيّة الّتي ستُشكّل في النّهاية قلوب أجنّة السّمّان.

تقول وايت: “تمكّنا من تصوير الأرجل الكاذبة الخيطيّة للخلايا الجذعيّة القلبيّة الموجودة في أعماق الجنين عند اتّصالها لأوّل مرّة من خلال إخراج بروزاتها والتصاقها بمحيطها وببعضها البعض لتشكيل القلب المُبكِّر، إنّها المرّة الأولى الّتي يلتقط فيها أحد تصويرًا مباشرًا لهيكل الأكتين الخلوي في الخليّة وهو يسهّل هذا الاتّصال”.

بجانب تقديم رؤى مذهلة عن الحياة المبكّرة، تُعد هذه الدّراسة مُهمّة لتنمية معرفتنا بكيفيّة وسبب حدوث العيوب الخلُقيّة. إذ أنّه عندما تفشل عمليّات الاتّصال هذه، يُمكن أن تؤدّي إلى مشاكل لدى الجنين النّامي.

يجب أن تكون مشاهدة هذه التّحوّلات البيولوجيّة وهي تحدث في الوقت الفعليّ وعلى أصغر المقاييس مفيدًة في المستقبل لتخفيف مخاطر العيوب الخلقية أو على الأقلّ تحديدها. ويُخطّط الفريق الآن لإجراء المزيد من الدّراسات على بيض السّمّان باستخدام هذه العمليّة.

يستمرّ العلماء في تحسين نماذجهم وفهمهم لما يحدث داخل الرّحم، من خلال ذلك يُمكننا العمل على جعل حالات الحمل أكثر صحّة قدر الإمكان.

تقول وايت: “هدفنا هو العثور على البروتينات أو الجينات الّتي يمكن استهدافها في المستقبل أو استخدامها للكشف عن العيوب الخلقيّة الوِلاديّة. نحن متحمّسون جدًّا للإمكانيّات الّتي يوفّرها هذا النّموذج الجديد المُعتَمِد على السّمّان لدراسة التّطوّر الفوريّ في الأجنّة النّامية”.

  • ترجمة: نِهال عامر حلبي
  • تدقيق علمي ولغوي: الأيهم عبد الحميد
  • المصادر: 1