اكتشاف وعي خفيّ لدى 25% من المرضى فاقدي الوعي

أشارت دراسة جديدة إلى أن ما يقارب واحد من أصل أربع مرضى ممن يعانون من غيبوبة بعد تعرضهم لإصابات بالغة في الدماغ قد يحتفظون بوعيهم، مع الأخذ بالاعتبار أن معظم المرضى قد يكونوا واعين للأحداث المحيطة بهم أكثر مما كان متوقع.

هذا الاكتشاف لابد له أن يحدث تغيير هائل في الطريقة التي يُعتنى بها بهؤلاء المرضى المصنفين تحت فئة الإصابة بالكوما، حالة من السُبات أو حالة الحد الأدنى من الإدراك. وهذا المصطلح قد لا يوضح المقصد بشكل كبير نسبةً للفريق العالمي المستند على الدراسة الجديدة.

إن هذه الحالة من (الإدراك الخفي) تُعرف الآن رسميًا بالانفصال الحركي الإدراكي (CMD)، إذ تنفصل القدرات الاستيعابية أو الفكرية عن القدرات المحركة أو الحركية. وقد بحث العلماء في هذا الانفصال لعدة سنوات.

لقد لوحظ في الدراسة الجديدة إشارات تدل على الوعي أو الإدراك في صورة الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) والتخطيط الكهربائي للدماغ (EEG) لدماغ 60 من أصل 241 مريض مفحوص بعد إعطائه تعليمات كتخيُّل فتح وقبض كف اليد.

تقول طبيبة الأعصاب يلينا بودين من مستشفى ماساتشوستس العام: «يبدو أن بعض المرضى الذين يعانون من إصابات دماغية شديدة لا يتمكنون من إدراك عالمهم الخارجي، إلا إن الفحوصات الطبية الإشعاعية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتخطيط الكهربي للدماغ تظهر عكس ذلك. وتثير هذه النتائج أسئلة علمية سريرية مثيرة للاهتمام والجدل، على سبيل المثال: كيف يمكننا تسخير هذه القدرات الإدراكية غير المرئية لتعزير التماثل للشفاء؟ ».

في حين أظهرت دراسات سابقة نتائج مماثلة، وجد البحث الجديد انتشارًا أعلى لمرض CMD، ويشمل أكبر عينة اختُبِرت حتى الآن، وهو الأول الذي يغطي مواقع متعددة، إذ تضمنت ستة مواقع مختلفة، مع جمع البيانات على مدار 15 عامًا.

ومن المثير للاهتمام أن CMD رُصِد في كثير من الأحيان في المرضى الذين فُحصوا بكل من التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وتخطيط كهربية الدماغ، مما يشير إلى أنه يجب استخدام مجموعة من الاختبارات لتشخيصه.

ومع ذلك، أظهر 62% من 112 مريضًا إضافيًا استجابةً بشكل واضح للتعليمات، لكن ذلك لم يظهر في إشارات الدماغ المرصودة المتوقعة التي تشير إلى الإستجابة. لذا يقترح الباحثون إن الطرق المتبعة للرصد لا تزال غير قادرة على اكتشاف كل المؤشرات الدالة على وجود وظيفة إدراكية.

تضيف بودين: «لاستكمال تقدمنا في هذا المجال، نحن بحاجة للتحقق من أدواتنا، وتطوير الأساليب لتقييم المرضى غير المستجيبين بشكل منهجي وعملي بطريقة يكون فيها الاختبار متاحًا أكثر من ذي قبل».

إن معرفة أن المريض يستمع ويستجيب، حتى لو كان ذلك غير مرئيًا، يمكنه تحويل المنهجية المتبعة من قبل مقدمي الرعاية الصحية وعائلاتهم عندما يتعلق الأمر بالتحدث والموسيقى والبحث عن مؤثرات الاستجابة.

وتشير الأبحاث السابقة إلى أن أجهزة الإنعاش تُوقَف مبكرًا جدًا في بعض الحالات، وقد لاحظنا بعضًا من هذه الأمثلة لحالات مختلفة استيقظوا من حالة الوعي المنخفض بعد فترة طويلة من فقدان الأمل.

وجدت دراسة أُجريت عام 2019 على المرضى غير المستجيبين أن المصابين ب CMD لديهم احتمالية مضاعفة لاستعادة بعض الوظائف المستقلة في الأشهر ال 12 التالية لإصابة الدماغ الحادة.

يقول طبيب الأعصاب جان كلاسن من المركز الطبي إرفينج التابع لجامعة كولومبيا: «نحن مُجبرون على محاولة التواصل مع هؤلاء المرضى وبناء طرق للتواصل معهم. إن الحصول على هذه المعلومات يمنحنا الخلفية التي نحتاجها لتطوير التدخلات المناسبة لمساعدتهم على التعافي».

  • ترجمة: وداد عنتر
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1