كيف تنتهز أفلام الرعب مخاوفنا الفطرية
تعتبر مشاهد القفز المخيفة واحدة من أكثر العناصر الأساسية شيوعًا في أفلام الرعب، إذ تتضمن هذه التقنية شخصية تدخل مشهدًا فيه تهديد ثم تنخدع بشعور زائف بالأمان. ثم فجأةً … يهاجمهم مهاجم مفاجئ ووحشي في كثير من الأحيان، وعادةً ما يكون مصحوبًا بمؤثر صوتي مزعج. مثال كلاسيكي في فيلم Psycho. إذ يدخل المحقق أربوجاست ببطء إلى المنزل القديم الكبير على التل، ويصعد مجموعة من السلالم المهجورة، ثم. .. تخرج الأم من غرفة جانبية بسكين ضخم! فتخترق وجهه وترسله إلى حتفه.
إذن، كيف تستغل أفلام الرعب مخاوفنا الأساسية، ولماذا نحبها؟
ترتكز قوة رعب تقنية القفزة المخيفة على الهدوء الذي تبدّده مفاجأة الصدمة وإبداعها، لذلك، كان ألفريد هيتشكوك (مؤلف الفيلم) على دراية بما يفعله.
ولكن، وعلى الرغم من ذلك، هناك ما هو أكثر من الصدمة وهو الشيء المرتبط نفسيًا بالقفز المخيف، وهذا يتعلق بما يمكن أن نسميه (الشيء غير المرئي).
يُنظر الى هذا الشي اللامرئي كالوحش الذي نعرف أنه موجود في الجوار ولكن لا نستطيع تحديد أين هو حقًا.
ولفهم هذا التهديد، يجب أن نبدأ بحقيقة أن الوحوش والأشخاص المتوحشين هم عماد هذا النوع من أفلام الرعب كقتلة بأقنعة و/أو وجوه مشوهة، وأشباح بابتسامات شنيعة أو محاجر عيون فارغة، ومخلوقات بمخالب طويلة أو أسنان حادة، من بين فصيل من الغرائب الأخرى التي تؤكد سينمائيًا على الفرق بين الممثلين الخبيثين والضحايا الأبرياء. إذ يعدّ المظهر الوحشي مرعب، ولذلك يعرف المخرجون المؤثرون كيف يخفونه حتى اللحظة المناسبة.
يجب أن يكون هناك فترة تأسيس، فترة من الاعتيادية وملء السيرة الذاتية للشخصية. ويؤدي هذا التأسيس حتمًا إلى الكشف وهو عندما نلقي أخيرًا نظرة على الوحش. من وجهة نظري، إن أفضل سيناريوهات الكشف هي عندما تسحب الفتاة القناع من لون شاني في فيلم (شبح الأوبرا)، وعندما تظهر مارج الكبيرة شخصيتها الحقيقية ل بي-وي هيرمان في فيلم (مغامرة بي-وي الكبيرة)، وعندما تخرج الساحرة من المطبخ المظلم في فيلم It الجزء الثاني. إلا أن هناك حرفيًا آلاف الأمثلة الأخرى للاختيار من بينها.
وعندما يحدث ذلك الكشف بشكل مفاجئ وصادم، فإنه يثير في نفوسنا ذعرًا بالغًا. وذلك هو الرعب من الإحساس بالتهديد دون أن نكون قادرين على رؤيته ثم نراه فجأةً بكل عظمته المرعبة.
يُعدّ الخوف من الشيء غير المرئي أحد الأسباب التي تجعل الظلام إطارًا محوريًا في أفلام الرعب. إذ يفترض علماء النفس أن الخوف من الظلام، أو رهاب الظلام، قد يكون أمرًا تطوريًا. ففي الليل، يمكن للحيوانات المفترسة أن تتسلل إلينا وتقتلنا بسهولة أكبر، وربما كان أسلافنا الأكثر ارتيابًا قد نجوا في حين أن أقرانهم الأكثر استرخاءً كانوا يستريحون وبالتالي يؤكلون.
تأخذنا أفلام الرعب إلى الظلام، وتسمح لنا بتجربة التهديدات المرعبة. ففي أفلام الرعب، يتسنى لنا مواجهة الأشياء المجهولة بشكل شافٍ من خلال أبطال شجعان عندما تتيح لنا هذه الأفلام الوصول بأمان إلى مخاوفنا الغريزية من الافتراس والتغلب عليها. في الحياة الواقعية، لا تُعدّ الأشياء الخفية وحوشًا، بل إنها الأشياء السيئة التي تأتي زاحفةً بشكل غير متوقع، ولكننا نقلق جميعًا بشأنها كالكوارث المالية، والأمراض المميتة، والحوادث الخطيرة. هذه هي التهديدات التي يمكن أن تقلب حياتنا فجأةً وبشكل صادم. هذه التهديدات (تقفز) عندما لا نتوقعها. وغالبًا ما تصل عندما نعتقد، مثل المحقق أربوغاست، أنه لا يوجد شيء فظيع للغاية عند الزاوية.
وعلى عكس الحياة الواقعية، نحن نعرف أن مشاهد الخوف في أفلام الرعب قادمة، وربما نعرف حتى شكل الوحش من الإعلانات التجارية وملصقات الأفلام. على سبيل المثال، في فيلم Quiet Place الأخير، هناك العديد من مشاهد الخوف المثيرة لمخلوق سبق أن رأيناه في فيلمين سابقين، ما يدل على أن الفيلم يبلي بلاءً حسنًا.
عندما يظهر الشيء الخفي أخيرًا للعيان، نقفز… ثم نبتسم لأنه بات الآن هذا التهديد بالتحديد في مرأى العين، ويمكننا التعامل معه من خلال البطل. وهكذا تصبح الْقَفْزة علاجية، إذ يعتبر ذلك المكسب العاطفي، وإنها مكافأة نابعة من رغبتنا في الأمان في عالم غير آمن.
- ترجمة: شيلان ابنيه
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1