استخدام الذكاء الاصطناعي في فك البنى البروتينية لمئات الفيروسات

استحدث العلماء طريقة لدراسة الفيروسات باستخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي المُعتمِد على التعلُّم الآلي، فاكتشفوا آليات فيروسية جديدة تبشر بمنظورات أساسية وشيكة، وتمهد الطريق لتطوير اللقاحات.

هذا البحث يقوده مركز جامعة غلاسكو لبحوث الفيروسات (MRC)، بالتعاون مع جامعة سيدني. وهو يوظف أداة تخمين البنية البروتينية باستخدام الذكاء الاصطناعي في فحص مئات أنواع الفيروسات المصفرة Flaviviridae. وهي عائلة فيروسية كبيرة تُسبِب أمراضًا مثل حمى الضنك، وزيكا، والتهاب الكبد الوبائي ج. وسبق أن نشرته دورية Nature بعنوان «رسم خريطة بنية البروتين السكري يَكشِف تاريخ تطوُّر عائلة الفيروسات المصفرة».

يُظهِر هذا العمل تعزيزًا هائلًا للتحقيق العلمي في تطوُّر البروتينات الفيروسية، ويبين آليات الولوج المهمة والخطيرة التي تستخدمها الفيروسات لدخول الجسم والتكاثر في خلاياه. يهب لنا هذا البحث منظورات بيولوجية رئيسة متعددة، وكذلك يُمثل واحدًا من أولى التطبيقات النظامية لتخمين البنى البروتينية في علم الفيروسات، مما يخلق مصدرًا للباحثين الآخرين ويؤسس نموذجًا جديدًا لاستكشاف تطور الفيروسات بالاعتماد على بنيتها.

اُستخدمت تقنيتا الذكاء الاصطناعي AlphaFold وESMFold، من شركتي Google Deep Mind وMeta، لاكتشاف وتصنيف بروتينات الدخول لجميع الفيروسات المفحوصة. وهو ما يستحيل تحقيقه بالوسائل التقليدية. ويعتقد مؤلفو الرسالة أنها تُمثل خطوة مهمة في درب الاستعداد لمواجهة الأوبئة المستقبلية والتهديدات الفيروسية الحالية، مثل مرض جدري القردة، لأن العلماء يجهلون الكثير بشأن بروتينات الدخول حاليًا.

في أثناء وباء كوفيد، سخر العلماء معرفتهم السابقة ببروتين الشوك لفيروس SARS-CoV-2 (المسؤول عن دخول الفيروس إلى خلايا الجسم)، وهو الفيروس المُسبب لمرض الكوفيد-19، لتطوير لقاحات بسرعة. لكننا ما زلنا نجهل أشكال وآليات بروتينات دخول الكثير من الفيروسات، مثل فيروس التهاب الكبد الوبائي ج. يُظهر البحث، وللمرة الأولى، أن فيروس التهاب الكبد الوبائي ج يمتلك آلية دخول جديدة تمامًا، تختلف عن الفيروسات الأخرى.

قال الدكتور جو جروف، المحاضر الأول في مركز جامعة جلاسكو (MRC) لبحوث الفيروسات: «نحن متحمسون للغاية بشأن نتائج هذه الدراسة. فنحن من المجموعات البحثية الأولى التي تُطبق تقنية الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع على الفيروسات، وللنتائج تأثيرات هائلة في فهم كيفية دخول الفيروسات إلى الجسم وتكاثرها. وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير اللقاحات في المستقبل، والاستعداد لمواجهة الأوبئة، وتعزيز معرفتنا بالفيروسات التي قد تنفذ إلى البشر. ومن خلال اكتشاف المزيد عن بروتينات الدخول على سطح الفيروسات، كما فعلنا، يمكننا فهم أساسيات علم الفيروسات الأحيائي بشكل أفضل، مما يساعد في توجيه تطوير الأدوية واللقاحات».

وأضاف أيضًا: «نحن متحمسون بشكل خاص للاكتشافات المتعلقة ببروتينات دخول فيروس التهاب الكبد الوبائي ج. إذ لا يوجد حاليًا لقاح منه؛ نأمل أن تساعد معرفتنا الجديدة بآلية دخول هذا الفيروس في تطوير لقاح جديد. نريد استخدام هذه التقنية في المستقبل، لتوسيع بحثنا ليشمل آلاف الفيروسات. بذلك يمكننا بناء معرفة أساسية تساعد في توجيه استجاباتنا للأمراض الفيروسية الحالية والجديدة».

  • ترجمة: مي العواد
  • المصادر: 1