جرعة يومية من القرفة يمكن أن تساعد في خفض نسبة السكر في الدم

  • القرفة هي توابل من اللحاء الداخلي للأشجار من جنس القرفة، وتستخدم على نطاق واسع في الطبخ.
  • يمكن تناوله أيضًا كمكمّل غذائي، لاحتوائه على فوائد صحية قد تشمل تأثيرات مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات ومضادة لمرض السكري.
  • إضافة إلى الأدلة على التأثيرات المحتملة المضادة لمرض السكري، وجدت دراسة جديدة أن تناول مكملات القرفة مدة 4 أسابيع، أدى إلى خفض مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن ومقدمات مرض السكري.

استُخدِمت القرفة منذ حوالي 2,800 قبل الميلاد كمنكّه وزيت للمسح ولأغراض طبية، وقد استخدمها الرومان لعلاج أمراض الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي، كما استخدمها المصريون القدماء للتعطير والنكهة.

وفي الآونة الأخيرة، أُجريت دراسة على الفوائد الصحية للقرفة على نطاق واسع، إذ تشير الدراسات إلى أن هذه التوابل قد يكون لها تأثيرات مضادة للأكسدة، ومضادة للالتهابات، ومضادة لمرض السكري، ومضادة للميكروبات، وحتى مضادة للسرطان.

لقد وجد الباحثون الآن، في دراسة مزدوجة، أن مكملات القرفة يمكن أن تساعد في تقليل مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم، لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن ومقدمات مرض السكري.

ونُشرت تلك النتائج في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية.

علقت كيلسي كوستا، وهي أخصائية تغذية مسجلة ومستشارة تغذية لشركة Diabetes Strong، وهي لم تشارك في هذه الدراسة، على الأساليب المستخدمة في الدراسة لمجلة Medical News Today، وقالت: «لقد أُجريت الدراسة على مجموعة مختارة لاستكشاف آثار القرفة على تنظيم الجلوكوز لدى الأفراد المصابين بمقدمات مرض السكري والسمنة، ولكن إمكانية تطبيقها على مجموعة سكانية أوسع تتطلب الحذر، لأن حجم العينة الصغير يحد من قوة الاستنتاجات، ويعكس الحاجة إلى دراسات أكبر وأكثر تمثيلًا».

وأضافت: «ومع ذلك، تستخدم هذه الدراسة تقنية مراقبة الجلوكوز المستمرة (CGM)، مما يضيف بعدًا جديدًا وأكثر دقة لفهمنا لتأثير القرفة على مستويات السكر في الدم».

هل يمكن ل 4 جرامات من القرفة يوميًا أن تساعد في علاج السمنة ومرض السكري؟

أظهرت الدراسات السابقة حول تأثير القرفة على مستويات الجلوكوز في الدم نتائجَ غير متسقة، مع أن تحليل ميتا الشامل لعام 2023 وجد أن مكملات القرفة تقلل من نسبة الجلوكوز في الدم في أثناء الصيام.

جنّد الباحثون 18 شخصًا يعانون من زيادة الوزن أو السمنة (يعني يبلغ متوسط ​​مؤشر كتلة الجسم (BMI) 31.5)، ومقدمات مرض السكري (وهي حالة تكون فيها مستويات الجلوكوز في الدم مرتفعة باستمرار ما يؤدي إلى مرض السكري من النوع 2)، وأخضعوهم لتجربة عشوائية مزدوجة التعمية لمكملات القرفة لمدة 4 أسابيع.

وضع الباحثون المشاركين أولًا على نظام غذائي منخفض مادة البوليفينول «البيج» لمدة أسبوعين (وهو نوع من النظام الغذائي الغني بالكربوهيدرات البسيطة). وطلبوا منهم تجنب الأطعمة التي تحتوي على القرفة. ثم قسّموا المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعة علاجية ومجموعة علاج وهمي (المجموعة الشاهدة).

وأعطوا كل مجموعة 16 كبسولة، متطابقة شكليًا، يوميًا: 8 لتناولها مع وجبة الإفطار، وال 8 الأخرى مع وجبة العشاء. كانت كبسولات المجموعة العلاجية تحتوي على ما مجموعه 4 جرامات من القرفة، في حين احتوت كل كبسولة دواء للمجموعة الشاهدة على مالتوديكسترين فقط (250 ملليجرام)، ما يجعل المجموع الإجمالي 4 جرامات مالتوديكسترين يوميًا.

وطلب الباحثون من المشاركين مواصلة نظامهم الغذائي، وتناول الكبسولات حسب التعليمات لمدة 4 أسابيع.

بعد 4 أسابيع، وقبل تبادل المجموعات، خضعت كل مجموعة لمرحلة «الغسل» لمدة أسبوعين: عندها لم يتناولوا أي كبسولات. ولم يعرف المشاركون ولا الباحثون من كان يتلقى القرفة ومن كان يتلقى العلاج الوهمي.

أعربت كل من كوستا والدكتورة مينكا جوبتا، طبيبة الطب الوظيفي في Nutra Nourish، ولم تشارك أي منهما في الدراسة، عن قلقهما بشأن استخدام المالتوديكسترين كدواء وهمي.

وعلقت الدكتورة غوبتا قائلةً: «لقد ثبت أن المالتوديكسترين يزيد من نسبة الجلوكوز في الدم بسبب ارتفاع مؤشر نسبة السكر في الدم. وكان من الممكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الفرق بين مجموعة القرفة ومجموعة الدواء الوهمي».

وأوضحت كوستا: «عادةً ما يُستخدم المالتوديكسترين في الدراسات التي يتم التحكم فيها بالعلاج الوهمي نظرًا لنكهته المحايدة وتشابهه في المظهر مع المكمل الذي يُختَبر. ومع ذلك، فقد يكون هناك قلق من أن استخدامه قد يربك نتائج الدراسة نظرًا لأن المالتوديكسترين يمكن أن يسبب استجابة نسبة السكر في الدم بسبب تحويل الجسم السريع له إلى جلوكوز».

ونصحت قائلة: «لضمان صحة النتائج ومصداقيتها، يمكن أن تستفيد الأبحاث المستقبلية من اختيار دواء وهمي غير مرتبط بنسبة السكر في الدم، أو الأخذ بعين الاعتبار وبشفافية التأثيرات المحتملة للمالتودكسترين في تحليل الدراسة ومناقشتها».

قد تساعد القرفة في السيطرة على نسبة الجلوكوز في الدم.

راقب الباحثون مستويات الجلوكوز في الدم لدى المشاركين باستخدام جهاز مراقبة الجلوكوز المستمر المثبت في الجزء العلوي من الذراع، والذي قاس مستويات الجلوكوز كل 15 دقيقة.

بالإضافة إلى ذلك، وبعد 4 نقاط زمنية في الدراسة: بعد النظام الغذائي التمهيدي لمدة أسبوعين، وبعد التجربة الأولى لمدة 4 أسابيع، وبعد الغسل، وبعد التجربة الثانية لمدة 4 أسابيع، أعطى المشاركون عينات دم لاختبار تحمّل الجلوكوز عن طريق الفم (OGTT).

أخذ الباحثون عينات دم بعد صيام المشاركين لمدة 8-12 ساعة، ثم أعطوهم 75 جرامًا من كولا الجلوكوز للشرب، بالإضافة إلى 8 كبسولات من القرفة أو دواء وهمي. وأخذوا المزيد من عينات الدم كل 30 دقيقة لمدة 3 ساعات.

وقد أظهر الرصد المستمر للجلوكوز أن المشاركين الذين تناولوا القرفة لديهم مستويات منخفضة باستمرار من الجلوكوز في الدم، وارتفاع جلوكوز أقل من أولئك الذين تناولوا الدواء الوهمي. ومع ذلك، لم يكن هناك اختلاف في نتائج OGTT بين المجموعتين.

ويشير الباحثون إلى أن هذا يرجع إلى أن المراقبة المستمرة تُعد مقياسًا أكثر حساسية لتغيرات الجلوكوز.

لماذا قد تساعد القرفة في تعديل نسبة السكر في الدم؟

تقول كيلسي كوستا: «يمكن أن يعزى الانخفاض الكبير في مستويات الجلوكوز في الدم عند تناول 4 جرامات يوميًا من القرفة إلى محتواها الغني من مادة البوليفينول والمركبات المتنوعة النشطة بيولوجيًا، والتي تشمل السينامالدهيد، والبروانثوسيانيدين، والكاتيكين، والكومارين، وحمض السيناميك، ومختلف مركبات الفلافونويد. إذ تعمل هذه المركبات الطبيعية على تعزيز قدرة الأنسولين على التواصل مع الخلايا، مما يدفعها إلى امتصاص الجلوكوز بصورة أكثر فعالية. كما أنها تقلل الالتهابات الضارة وتدعم الكبد في تخزين الجلوكوز الزائد على شكل جليكوجين لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية».

ويقترح الباحثون أيضًا أن القرفة تؤثرعلى ميكروبيوم الأمعاء، إذ تشجّع على نمو البكتيريا المفيدة وتثبّط نمو البكتيريا الأخرى، ما قد يؤثر على نسبة الجلوكوز في الدم.

وقد وافقت الدكتورة غوبتا على ذلك وأوضحت: «يمكن أن تحسّن القرفة صحة الأمعاء: يمكن للبكتيريا المفيدة مثل Lactobacillusو Bifidobacterium أن تعزز وظيفة حاجز الأمعاء، مما يقلل من الالتهابات الهضمية، إذ إن انخفاض الالتهاب يرتبط بتحسن حساسية الأنسولين».

وأضافت: « تُخمّرالبكتيريا المفيدة الألياف الغذائية لإنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة، مثل الزبدات والأسيتات والبروبيونات، والتي يمكن أن تحسن استقلاب الجلوكوز عن طريق تعزيز حساسية الأنسولين وتنظيم إنفاق الطاقة وتخزينها».

نصائح الخبراء لإدارة مرض السكري

نصحت الدكتورة غوبتا بأن القرفة قد يكون لها دور في إدارة مرض السكري. وقالت: «إن إضافة القرفة إلى النظام الغذائي يمكن أن يخفف من زيادة نسبة الجلوكوز في الدم ويمكن أن يكون جزءًا مفيدًا من نظام غذائي متوازن للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري».

ولكنها حذرت قائلةً: «ومع ذلك، تحتوي القرفة على الكومارين، الذي قد يكون سامًا إذا اسْتُهلِك بكميات كبيرة».

وأوصت كوستا باتخاذ تدابير أخرى قائمة على الأدلة للمساعدة في السيطرة على مرض السكري: «إنّ تبنّي الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة النباتية الصحية، والانخراط في الصيام المتقطع الموجه، والأكل بطريقة واعية ومدروسة يمكن أن يحسن التغذية ويعزز الصحة الأيضية بشكل عام».

وتقول: «لقد ثبت أن فقدان الوزن الذي يتحقق من خلال الجمع بين نظام غذائي صحي منخفض السعرات الحرارية وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، يكون أكثر فعالية بمرتين من فقدان الوزن الذي يحصل من خلال النظام الغذائي وحده في عكس حالات ما قبل السكري». وأضافت: «علاوة على ذلك، فإن تقليل دهون البطن أمر ضروري بسبب ارتباطه القوي بمقاومة الأنسولين».

وتنصح كلتاهما بضرورة استشارة أخصائي الصحة دائمًا قبل تناول المكملات الغذائية أو إجراء تغييرات على نمط الحياة.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1