لماذا تمشي صغار الحيوانات أبكر من صغار البشر؟

ببساطة، لأن البقاء هو الأهم، بينما يركز نمو البشر على تلبية احتياجاتهم الجسدية الأخرى.

“مراقبة صغار الحيوانات مثل الزراف والحمل وهي تخطو خطواتها الأولى يمكن أن يكون مشهداً مثيراً للإهتمام ومؤلماً في نفس الوقت. رغم أن تمايل صغار الحيوانات العاشبة الكبيرة أثناء تعلمها المشي يبدو مشهداً لطيفاً إلا أن سقوطها مؤلم ومضني جداً.

قد تنثني أطرافها بطرق قد تشوه ساقيها. تقول سارة ريد، عالمة الأحياء الحيوانية في جامعة كونيتيكت: “في الساعات ال 24 إلى 48 الأولى، قد تكون حركتهم غير مستقرة إلى حدٍ ما.”.

“بعد مرور فترة قصيرة من الوقت تستطيع العجول والأحصنة والحمير الوحشية، التي لم يمر أسبوع على ولادتها، أن تجري حول الأطفال البشريين في نفس العمر بطريقة مذهلة. هذه هي الطريقة الطبيعية لتكاثر الكثير من الحيوانات التي تتغذى على العشب. إلا أن تعلم المشي أو بشكلٍ أدق -الهروب من الأخطار- هو مفتاح البقاء على قيد الحياة. في الواقع، تعد حقيقة أن الأطفال البشر يمضون فترة طويلة جداً وهم عاجزون عن الحركة تجعلهم نوعاً استثنائياً .”.

التنافس.

“تلك الخطوات المتذبذبة الأولى للحملان أو العجول لها هدف: الهروب من الحيوانات المفترسة! كما يقول الدكتور ريد:” نرى الكثير من الحيوانات التي يتم اصطيادها قادرة على الوقوف والتحرك بسرعة كبيرة بعد الولادة مباشرة “.

“بالنسبة للحيوانات البرية التي تعيش في المساحات المفتوحة، مثل الحمر الوحشية والزراف، فإن الدفاع الأساسي الوحيد ضد الحيوانات المفترسة يتمثل في القدرة على الجري بسرعة. أما بالنسبة للأنواع التي تعيش في الغابات، فيمكنها أن تترك صغارها بأمان بين الأشجار دون قلق، كما تفعل الغزلان مع فُرَخها لفترات طويلة. ولكن في السافانا والمراعي، لا تتوفر مساحات اختباء كافية. لذلك، فإن قدرة المولود الجديد على الجري بسرعة تمثل عاملاً حاسمًا في بقائه. وعلى الرغم من أن الحيوانات الأليفة مثل الأبقار لا تحتاج عادةً إلى الهروب من المفترسات، إلا أن أسلافها البرية كانت تعتمد على الجري كوسيلة للنجاة.

“قبل الولادة، تبدأ أجسام هذه الحيوانات بالتحضير للوقوف والمشي. بعد الولادة، يكون لديها نسبة كبيرة من العظام والعضلات في أجسامها، مما يساعدها على الوقوف. يقول ريد:” عندما يولد المهر، يكون الجسم خالياً من الدهون تقريباً مع وجود كمية قليلة من العضلات اللازمة للحركة. “.

“تنمو أشبال المفترسات مثل الذئاب والنمور بشكلٍ أبطأ من الحيوانات الأخرى، نظرًا لأنها لا تواجه خطرًا كبيرًا من الحيوانات المفترسة الأخرى، يمكنها أن تأخذ وقتها في النمو. وقد تستغرق هذه الأشبال وقتًا أطول لفتح عينيها والبدء في الحركة، هذا لأنها تحتاج إلى وقت لتطوير المهارات التي تساعدها على الصيد وحماية نفسها في المستقبل.”.

الدماغ هو مايميزنا عن غيرنا.

“يُولد البشر بقدرات وخصائص تختلف بشكلٍ كبير عما يصبحون عليه عند النضج. تقول تيريزا ستيل، عالمة الأنثروبولوجيا القديمة في جامعة كاليفورنيا، ديفيس:” ربما يكون الأمر يعود إلى أنثروبولوجية داخلية، فنحن ثدييات بكل تأكيد، ولكننا أيضًا ثدييات فريدة من نوعها. فالبشر يولدون وهم ضعفاء جدا.ً “.

عند ولادتنا، نولد جميعنا بخلايا عضلية تساعدنا طوال حياتنا ولكن نموها يختلف تماماً عن نمو خلايا الثديات الأخرى، هذه الخلايا قد تصبح أقوى فقط مع تطور أعمارنا ولكنها لا تزداد عدداً ولكن من ناحية أخرى أيضاً يختلف أطفال البشر عن أطفال الثديات الأخرى “.

15%؜ من أجسام الرضع غنية بالدهون أعلى من أي حيوان آخر، كما أن عظامهم تكون لينة ومرنة وتحتوي على العديد من الغضاريف حتى عظام الجمجمة لا تكون ملتحمه مع بعضها البعض وهذا مايساعد الطفل على المرور بمرحلة ولادة سهلة وعلى النمو بعد ذلك “.

“قدرتنا على المشي منتصبي القامة واستخدام أدوات جعلت نمونا كأجنة مختلفًا عن الحيوانات الأخرى. فلدينا أدمغة أكبر وحوض أضيق، مما يجعلنا نولد بحاجة إلى المزيد من الوقت للنمو.”.

“من الناحية النظرية، كان بإمكاننا أن يكون لدينا حوض أوسع لسهولة الولادة. ولكن المشي يتطلب أن يكون الحوض أضيق. لذلك، فإن ولادة الأطفال وهم أصغر حجماً تلبي هذين الطلبين معاً، كما تقول ستيل وتضيف:” المقايضة بين قناة ولادة ضيقة ودماغ كبير للطفل هي ولادة الأطفال مبكراً. أجسامنا تتخذ خطوة أخرى لتسهيل الولادة من خلال إبقاء هيكل عظام الطفل لينًا ومرنًا ليتمكن من المرور بسهولة خلال عملية الولادة.

وتقول ستيل: “الحمد لله، لا نريد جمجمة متصلبة في هذه الحالة. كأم، سيكون الأمر مخيفاً .”.

نحن البشر نولد غير مكتملين النمو مقارنة بالحيوانات يعني أننا نقضي الكثير من الوقت مع آبائنا وأشخاص آخرين يساعدوننا على النمو والتعلم. تقول ستيل: “واحدة من المزايا التي نحصل عليها هي قدرتنا المذهلة على التعلم والابتكار”. الاعتماد على البالغين لسنوات عديدة يمنحنا وقتًا أطول لاستخدام أدمغتنا الكبيرة، ليس فقط لنتعلم الحركة، بل لتطوير مهاراتنا والتعلم والتأمل وهذا مالا تستطيع الحيوانات القيام به بغض النظر عن عمرها “.

  • ترجمة: سهاد العمري.
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1