كيف تثير اﻷمعاء اﻷلم المزمن في الحالات الشائعة

كشفت دراسة بحثيّة مشتركة كيف تستطيع خلايا معيّنة في اﻷمعاء تشغيل إشارات الألم التي قد تظلّ موجودة بعد اختفاء المحفّز اﻷوليّ، حيث أنّه من المحتمل أنّها تساهم في حدوث الألم المزمن في بعض الحالات مثل متلازمة القولون العصبي وداء اﻷمعاء الالتهابيّ.

وجدت الدّراسة المنشورة في مجلّة الطبيعة (Nature) أنّ خلايا معويّة مميّزة تسمّى خلايا معويّة أليفة الكروم (-EC-enteroccellshromaffin cells) تلعب دورًا أهمّ ممّا كان يعتقد سابقًا عن طريق التقاط الإشارات الضّارّة وإطلاق كمّيّة كبيرة من النّواقل العصبيّة التي تؤثّر في كيفيّة تواصل اﻷعصاب مع الدّماغ.

فاد البحث البروفيسور ستيوارت برييرلي من معهد البحوث الطّبيّة والصّحّيّة في جنوب أستراليا (SAHMRI)، والحائز على جائزة نوبل البروفيسور ديفيد جوليوس والدّكتور كوكي توهارا من جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو (UCSF)، والبروفيسور يولونغ لي من جامعة بكين.

حدّد الباحثون نوعين رئيسيّين من الخلايا المعويّة أليفة الكروم التي تستجيب إلى مختلف الحالات المعويّة، أحدهما يعرف بالخلايا المعويّة أليفة الكروم الزّغابيّة (villus EC cells)، توجد في أعلى بطانة اﻷمعاء وتعمل كجهاز إنذار أوليّ عن طريق الكشف عن عوامل الضّغط الضّارّة مثل الضّرر التأكسديّ.

تطلق هذه الخلايا عند تفعيلها هرمون السيريتونين مع مركّب أخر يسمّى أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) الذي يشغّل المسارات العصبيّة التي ترسل إشارات اﻷلم إلى الدّماغ.

يقول البروفيسور برييرلي: “تعمل الخلايا المعويّة أليفة الكروم كالحرّاس عن طريق إفراز السيريتونين وأدينوسين ثلاثي الفوسفات كجهاز إنذار للجسم لتنبيهه لوجود مشكلة في اﻷمعاء”.

النّوع الثّاني تدعى بالخلايا المعوية أليفة الكروم التّجويفية (crypt EC cells) وتوجد عميقًا في بطانة الأمعاء.

عندما يكون حاجز الأمعاء الوقائي ضعيفًا، تستجيب هذه الخلايا للمهيّجات مثل بعض المركّبات الموجودة في الأطعمة الحارّة كالواسابي والخردل وتفرز هرمون السيريتونين الذي يعمل على الأعصاب لإرسال إشارة الألم.

يقول البروفيسور برييرلي: “عادةً تساعد هذه الخلايا في تنظيم إفرازات الأمعاء وعمليّة الهضم، لكنّهم يضخّون كمّيّة كبيرة من السيريتونين عند تعرّضهم لمهيج ضارّ أو خلال الالتهاب، ممّا يفعّل الأعصاب التي تحفّز شعور الألم أو عدم الرّاحة.

يأمل الباحثون بتطوير أدوية تستهدف الألم من المصدر عن طريق فهم الكيفيّة التي تتفاعل بها المستشعرات العصبيّة في الأمعاء مع الجهاز العصبيّ.

يقول البروفيسور برييرلي: “لدينا الآن تصوّر أفضل عن الطّريقة التي تولّد بها الأمعاء الألم وتبقيه، إذا تمكنّا من إيجاد وسائل لتنظيم الطّريقة التي تتفعّل بها الخلايا المعويّة أليفة الكروم، ستكون مفيدة لإيجاد علاجات أكثر فعالية لآلام البطن المزمنة التي تؤثر على حياة الملايين من النّاس حول العالم”.

  • ترجمة: سارة جمال
  • تدقيق علمي ولغوي: ريمة جبارة
  • المصادر: 1