تشير الأدلة إلى أن البروبيوتيك قد يساهم في خفض مستوى ارتفاع ضغط الدم

من بين عوامل الخطر لارتفاع مستوى ضغط الدم، النظام الغذائي غير الصحي، وقلة ممارسة الرياضة، والتدخين أو تناول الكحول بإفراط، وزيادة الوزن.

تتزايد الأدلة على أن البروبيوتيك، سواء تناوله الشخص كمكمل غذائي أو كجزء من النظام الغذائي، قد يساهم أيضًا في خفض ضغط الدم.

أظهرت دراسة مؤخرًا أن هناك نوعين من البروبيوتيك (بيفيدوباكتيريوم ولاكتوباكتيريوم) يمكن أن يخفضا ضغط الدم في الفئران التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم، مما يشير إلى أن لديهما تأثيرًا مشابهًا على البشر.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 1.28 مليار شخص في العالم فوق سن الثلاثين من ارتفاع ضغط الدم. ويكون معظمهم غير مدركين بأن لديهم هذه الحالة، إذ إن ارتفاع ضغط الدم عادة ما يكون دون أعراض، إلّا إذا كان مرتفعًا للغاية.

في الولايات المتحدة، يعاني تقريبًا نصف البالغين (48.1%) من ارتفاع ضغط الدم ويتناولون أدوية له.

يزيد ارتفاع ضغط الدم من خطر الإصابة بمشاكل صحيّة خطيرة، بما في ذلك ضعف القلب والأزمات القلبية والتمدد الشرياني والفشل الكلوي والسكتة الدماغية واضطرابات الشبكية البصرية في العين، والتي يمكن أن تؤدي إلى العمى.

يمكن للأشخاص تقليل مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم عن طريق التوقف عن التدخين وعدم تناول الكحول بإفراط، والحفاظ على وزن صحي وتناول نظام غذائي صحي.

أظهرت الأبحاث أن النظام الغذائي الصحي، مثل النظام البحري المتوسطي، يؤثر بصفة إيجابية على التكوين البكتيري للأمعاء. واحدة من الطرائق التي يمكن أن يكون لها هذا التأثير هو زيادة عدد البروبيوتيك أو البكتيريا المفيدة في الأمعاء.

فقد أظهرت الدراسة التي أجريت على الفئران، والتي قادها باحثون من جامعة مدينة هونغ كونغ وجامعة الزراعة في منغوليا الداخلية، نُشرت في مجلة mSystems، وهي مجلة تابعة لجمعية الأمراض المعدية الأمريكية، كيف تؤثر البكتيريا الأمعائية على ضغط الدم.

توّضح الدراسات أن عدم التوازن في بكتيريا الأمعاء مرتبط بارتفاع ضغط الدم عند الحيوانات والبشر. يمكن أن يؤثر ذلك أيضًا في عمليات أيض البكتيريا على الجهاز المناعي، مما يسبب التهابًا واضطرابًا في الأنسجة البطانية، وهذه جميعها تؤثر في تنظيم ضغط الدم.

بعض البكتيريا تظهر أن لها تأثيرًا إيجابيًا على ضغط الدم.

وأظهرت العديد من الدراسات أن أنواعًا مثل Lactobacillus spp. و. Bifidobacterium spp، واللتان توجدان في منتجات الألبان، يمكن أن تقلل من ضغط الدم.

درس الباحثون تأثير نوعين من البكتيريا – Bifidobacterium lactis M8 وLactobacillus rhamnosus M9 – في الفئران التي أصيبت بارتفاع ضغط الدم بعد شرب ماء يحتوي على 15% فركتوز بدلًا من الماء النقي.

خلال الدراسة التي استمرت 16 أسبوعًا، قسّم الباحثون الفئران إلى أربع مجموعات. كانت المجموعة الأولى تشرب ماء الفركتوز بالإضافة إلى محلول ملحي عبر التغذية من خلال المعدة، والمجموعة الثانية تشرب ماء الفركتوز بالإضافة إلى بيفيدوباكتيريوم لاكتيس، والمجموعة الثالثة تشرب ماء الفركتوز بالإضافة إلى لاكتوباسيلوس رامنوسوس، وكانت المجموعة الرابعة تشرب فقط ماء نقي. وأعطي البروبيوتيك للفئران التي أصيبت بارتفاع ضغط الدم عبر تغذية معدية.

أدى إعطاء البروبيوتيك للفئران المصابة بارتفاع ضغط الدم إلى انخفاض ملحوظ في ضغط الدم خلال فترة الدراسة، عائدًا إلى نفس مستوى الفئران في المجموعة الضابطة. بينما استمرت الفئران التي تناولت الفركتوز دون علاج بالبروبيوتيك في الإبقاء على ضغط دم مرتفع.

يوضح الدكتور تشنغ هان تشن، طبيب القلب المعتمد ومدير برنامج القلب الهيكلي في مستشفى ميموريال كير سادلباك الطبي في لاغونا هيلز، والذي لم يشارك في الدراسة، موقع أخبار الطب اليوم:

“استخدمت هذه الدراسة نموذج الفئران المحدد ‘الفركتوز العالي’ لارتفاع ضغط الدم، وأظهرت أن البروبيوتيك بيفيدوباكتيريوم لاكتيس M8 ولاكتوباسيلوس رامنوسوس M9 أدى إلى انخفاض ضغط الدم في هذه الفئران.”.

البروبيوتيك يساعد على إعادة توازن تكوين الأمعاء، ولم يقلل البروبيوتيك فقط من ضغط الدم، ولكنه بدا أيضًا أنه غيَّر تكوين بكتيريا الأمعاء لدى الفئران.

يقول الدكتور تشنغ هان تشن:

“يبدو أن هذا التأثير في خفض ضغط الدم يعود إلى قدرة هؤلاء البروبيوتيك على ضبط توازن تكوين بكتيريا الأمعاء، على وجه التحديد من خلال زيادة مستويات البكتيريا المرتبطة بضغط دم أقل (لاوسونيا وبيرولوبوس)، وتخفيض مستويات البكتيريا المرتبطة بضغط دم أعلى (أليستيبس وألوبريفوتيلا).”.

أخبر الأستاذ جون لي، أستاذ مساعد في علوم معلومات الأحياء في جامعة المدينة بهونغ كونغ، والأستاذ زهيهونغ سون، عالم أمراض الأمعاء في جامعة الزراعة في منغوليا الداخلية، وهما من الكتّاب الرئيسيين في الدراسة، لموقع أخبار الطب اليوم سبب تأثير التغيير في بكتيريا الأمعاء بتلك الطريقة:

“نعتقد أن السبب الرئيسي في تأثير البروبيوتيك، بيفيدوباكتيريوم لاكتيس M8 ولاكتوباسيلوس رامنوسوس M9، على ضغط الدم لدى الفئران يعود إلى ارتباطهم الوثيق بضبط الأنشطة الأيضية للمضيف. ورُبِطَ انخفاض ضغط الدم بزيادة في نسبة لاوسونيا وبيرولوبوس وانخفاض في نسبة أليستيبس وألوبريفوتيلا.”.

يوضح الأستاذان:

“ضبطت كلا السلالتين مسارات أيضية تشمل انقباض العضلات العضلية العليا، ومزامنة السيروتونين، ومزامنة الأستيل كولين. تسلّط هذه الدراسة الضوء على الطرائق المعقدة التي تؤثر في الجهاز الهضمي على الصحة العامة للمضيف”.

هل يمكن أن يكون هذا فعّالاً للبشر؟

يقول الدكتور تشنغ هان تشن:

“من السابق لأوانه أن نعرف ما إذا كانت هذه البيانات تنطبق على البشر عمومًا. المرحلة التالية في هذا البحث ستكون لاختبار وتكرار هذه النتائج على البشر. سيكون التركيز الكبير على دراسة كمية ومدى العلاج بالبروبيوتيك الذي سيظهر تأثيرًا علاجيًا.”.

يجري البروفيسور لي والبروفيسور سان بحث إضافي في هذا المجال:

“بناءً على معرفتنا السابقة، في بحوثنا الجارية، الجرعة المقترحة [للبشر] من البروبيوتيك تتراوح بين 30-50 مليار يوميًا لمدة ثلاثة أشهر.”.

ومع ذلك، يحذران: “من الجدير بالذكر أن تكوين بكتيريا الأمعاء يمكن أن يتباين بين الأفراد أو استنادًا إلى عوامل مثل العمر والجنس. ومن ثم، يمكن أن تختلف فاعلية البروبيوتيك. ولذلك، يتطلب تحديد الجرعة المثلى والمدة المطلوبة التحقق الإضافي مدعومًا بالنتائج السريرية.”.

هل يجب أن تتضمن البروبيوتيك في نظامك الغذائي؟

مع أن هذه الدراسة لا تقدم دلائل قاطعة على أن البروبيوتيك سيقلل من ضغط الدم، إلّا أن الأدلة على فوائدها الصحيّة تتزايد. فقد أظهر استعراض للدراسات عام 2013 أن البروبيوتيك قد يحسّن صحة الأمعاء ويكون مفيدًا في علاج الحساسية تجاه اللاكتوز والإسهال المرتبط بالمضادات الحيوية والإسهال العدوائي والحساسية.

وأظهر استعراض عام 2017 أن استهلاك لاكتوباسيلوس يمكن أن يقلل بدرجة عالية من مستوى الكوليسترول الكلي في الدم، ويمكن تناول البروبيوتيك على شكل مكملات غذائية أو كجزء من نظام غذائي صحي.

يوصي الدكتور تشن:

“الناس يحصلون على مستلزماتهم الغذائية مثل البروبيوتيك من خلال الطعام الطبيعي بدلاً من المكملات، إذ يقدم الطعام مجموعة أكمل من المواد الغذائية”، ومع ذلك، يوصي البروفيسور لي والبروفيسور سان بتناول مساحيق أو كبسولات البروبيوتيك التي تتميز بنشاط قوي وكمية وفيرة وسلالات متنوعة “للتأكد من الحصول على إمداد منتظم.

ومع ذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة استشارة طبيبهم قبل تناول أي مكملات بروبيوتيك.

ستكون الفائدة كبيرة لمعظم الأشخاص الذين يتناولون نظام غذائي متوازن وصحي يحتوي على الكثير من الفواكه والخضروات الطازجة، والزبادي، والجبن، والأطعمة المخمرة.

كما أوصى الدكتور تشن:

“أنصح عمومًا الأشخاص بتناول نظام غذائي متوازن ومتنوع من الأطعمة الصحية، والذي يتضمن الأطعمة التي تحتوي على البروبيوتيك والبيوتيك”.

  • ترجمة: ساهر الشعبان
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1