المخاطر الصحية الخفية لحشو الشفاه

الشفاه الممتلئة والبارزة أصبحت منتشرة في كل مكان– من فلاتر وسائل التواصل الاجتماعي إلى السجادات الحمراء للمشاهير. لكن خلف المظهر اللامع لتلك الحشوات (الفيلرز) تكمن مخاوف متزايدة بين المتخصصين في المجال الطبي.

مع تزايد عدد الإناث في المملكة المتحدة –وغالبًا من الشابات– اللاتي يخترن الفيلرز الجلدي للحصول على مظهر أكثر امتلاءً دون جراحة، أدى انتشار ما يُعرف ب “شفاه السمك” أو “شفاه البطة” الجامدة إلى موجة من القلق، حتى بين أولئك الذين يدعمون العلاجات التجميلية في العادة.

الفيلرز ليست خالية من المخاطر– وفي بعض الحالات، قد تكون العواقب الصحية دائمة.

وعلى عكس الإجراءات الجراحية، لا تُعتبر الفيلرز قانونيًا علاجات طبية. وهذا يعني أنها غير منظمة إلى حد كبير، وغالبًا ما يحقنها أشخاص يفتقرون إلى التدريب الطبي الكافي أو يملكون خبرة محدودة فقط.

وهذه مشكلة، لأن الشفاه منطقة دقيقة وعالية الحركة. فهي تحتوي على القليل جدًا من الدهون الطبيعية وتعتمد على حلقة من العضلات الصغيرة للتعبير عن كل شيء من الفرح إلى القلق. حقن كمية زائدة من الفيلر، أو استخدام النوع الخاطئ، يمكن أن يتداخل مع عمل هذه العضلات– مما يجعل الشفاه جامدة أو غير طبيعية أو حتى غير قادرة على الحركة.

بينما يلجأ بعض المرضى إلى الفيلرز لأسباب طبية حقيقية، مثل شلل الوجه أو التشوهات، إلا أن هذه الحالات استثنائية. أما بالنسبة لمعظم الناس، فقد تفوق المخاطر الصحية الفوائد التجميلية.

ممّ تتكون الفيلرز؟

المواد المستخدمة في الفيلرز تغيرت مع مرور الوقت. فالمواد القديمة مثل السيليكون السائل نبذت في النهاية بسبب مضاعفات خطيرة، بما في ذلك التندب وانتقال المادة إلى أجزاء أخرى من الجسم.

اليوم، معظم الفيلرز مصنوعة من حمض الهيالورونيك – وهي مادة توجد بشكل طبيعي في أجسامنا، خاصة في النسيج الضام. يجذب حمض الهيالورونيك الماء، مما يمنح الجلد حجمًا ويحافظ على ترطيبه. ومع التقدم في العمر، تنخفض مستويات حمض الهيالورونيك الطبيعية لدينا، ولهذا يصبح الجلد أكثر جفافًا ويفقد تماسكه.

يستخرج حمض الهيالورونيك المستخدم في الفيلرز إما من أنسجة حيوانية مثل عرف الديك، وإما يُنتج صناعيًا باستخدام البكتيريا. وعلى الرغم من أن هذا النوع الحديث أكثر أمانًا من الفيلرز القديمة، لا يزال يحمل مخاطر مثل ردود الفعل التحسسية، وإعادة تنشيط فيروس الهربس البسيط (القروح الباردة)، والعدوى، والالتهابات.

كما سجلت حالات نادرة ولكنها شديدة من مضاعفات وعائية مثل العمى وموت الأنسجة، عند دخول الفيلر عن طريق الخطأ إلى الأوعية الدموية.

الخطر على الكلى

هناك جانب أقل شهرة –لكنه لا يقل خطورة– وهو كيف يمكن أن يؤثر الاستخدام المتكرر للفيلرز على الأعضاء الداخلية، وخاصة الكلى.

حمض الهيالورونيك ليس مجرد مادة تمنح الجلد الامتلاء – بل يلعب أيضًا دورًا في الجهاز المناعي. عندما يكتشف الجسم وجود التهاب، مثل الناتج عن الحقن المتكرر للفيلرز، يمكن أن يستجيب بإنتاج حمض الهيالورونيك في الكلى. هذا يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات: أولاً، تنتج الكلى حمض الهيالورونيك عالي الوزن الجزيئي، مما يزيد الالتهاب. لاحقًا، تتحول لإنتاج حمض الهيالورونيك منخفض الوزن الجزيئي، الذي يقلل الالتهاب لكنه يسبب التليف أو تندب الأنسجة.

وقد ربطت هذه الاستجابة المزدوجة بمرض الكلى المزمن، وفي الحالات الشديدة، حتى بالفشل الكلوي. لا يزال الباحثون يدرسون هذه الروابط، لكن المخاطر تزداد مع كل حقنة متكررة – خاصة لدى الأشخاص الميَّالين وراثيًا أو طبيًا.

يمكن أن يساهم حمض الهيالورونيك أيضًا في تكوين بلورات أوكسالات الكالسيوم في الكلى، ما قد يؤدي إلى حصوات الكلى ومزيد من تلف الأنسجة، مما قد يسبب مضاعفات دائمة مدى الحياة.

من يجب أن يتجنب الفيلرز؟

بالنظر إلى هذه المخاطر، يجب على بعض الأشخاص توخي الحذر الشديد – أو تجنبها تمامًا. يشمل ذلك الأشخاص الذين لديهم تاريخ من مشاكل الكلى أو ردود فعل تحسسية لمكونات الفيلر، أو من يعانون القروح الباردة المتكررة، أو أمراض المناعة الذاتية (مثل الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتويدي)، أو السكري أو اضطرابات تخثر الدم، والنساء الحوامل أو المرضعات.

ورغم هذه المخاطر، لا تزال الفيلرز متاحة على نطاق واسع ويروج لها بشكل مكثف – خاصة بين الشباب المتأثرين بوسائل التواصل الاجتماعي. كثيرون يخضعون لهذه العلاجات دون فهم كامل لما يحقن في أجسامهم.

فما الذي يجب تغييره؟ أولاً، التنظيم الأفضل. إذا عُدَّ حقن الفيلرز كإجراءات طبية، يمكن أن تساعد الرقابة الأكثر صرامة في تقليل العلاجات الفاشلة والمضاعفات الخطيرة.

ثانيًا، التوعية الأكبر. يجب أن يدرك المرضى أن مجرد كون الإجراء “غير جراحي” لا يعني أنه آمن. الفيلرز تبقى مواد غريبة تحقن في الجسم. ولها مخاطر – وهذه المخاطر يمكن أن تزداد مع مرور الوقت.

يمكن للفيلرز أن تقدم تحسينات جمالية دقيقة وجميلة عند استخدامها بشكل معتدل، على يد مختصين محترفين. لكن عند سوء استخدامها أو الإفراط فيها، يمكن أن تؤدي إلى تشوه دائم، وفقدان الوظيفة، وحتى مشاكل صحية داخلية خطيرة مثل تلف الكلى.

يجب ألا تأتي صيحات الجمال أبدًا على حساب صحتك.

  • ترجمة: د. محمد إقدام الشديدي
  • المصادر: 1