كيف يستخدم الأذكياء عاطفيًا قاعدة إعادة التفكير في تبني التفكير كعلماء

كيف تحافظ علی ذهنك متفتحًا، تتحكم بعواطفك وتتعلم بشكل أكبر؟ اتّبع قاعدة إعادة التفكير:

منذ مدةٍ ليست ببعيدة، خُضت أنا وزوجتي في جدال لم يكن موضوعه يحمل تلك الأهمية الكبيرة لكنه تطور إلی نقاشٍ حادٍ أعربت خلاله زوجتي بأنني أفتقر للمعرفة التي تملكها بشأن موضوع النقاش وبأن مشاركتي لا تعدو كونها محض افتراضاتٍ ليست صحيحة.

وفجأةً غدوت صامتاً

تناهی إلی سمعي صوت زوجتي تتقدم بالأعتذار وتسألني إذا كنت علی مايرام.

بالطبع لم تفعل زوجتي أي شيءٍ خاطئ بل علی العكس، كانت علی حق. كل ماهنالك بأن غروري قد خُدش. وفي حين أني تقبّلت عقلياً أن زوجتي محقّة، لم أكن جاهزًا لتقّبل ذلك علی المستوی العاطفي.

السؤال الذي طرح نفسه حينها: كيف يمكنني تجاوز تلك المشاعر المؤلمة والمضي قدمًا؟

اتبع قاعدة إعادة التفكير:

تقوم قاعدة إعادة التفكير علی أساسيات الذكاء العاطفي، أي إمكانية فهم وإدارة العواطف.

لقد كان لتلك القاعدة الأثر الكبير علی حياتي، وليست حياتي الشخصية فحسب بل المهنية أيضً»ا.

دعوني أُحلل لكم كيف لهذه القاعدة أن تساعد في إدارة المشاعر، والارتقاء بالحالة العقلية، واعتناق التفكير كعالِم.

انه لأمرٌ بسيط:

عندما تُعرض عليك معلومات مختلفة عمّا تعتقده، كل ما عليك فعله هو مقاومة تلك الرغبة القوية في مناقضتها أو إثبات عدم صحتها، بل إجبار نفسك علی الإنصات بتمعنٍ لها، ومن ثم محاولة فحصها ضمن الأدلة المتاحة.

تكمن أهمية اتباع قاعدة إعادة التفكير في كوننا نُشكّل روابط عاطفية مع معتقداتنا، بالإضافة إلى أننا جميعاً نكره أن نكون علی خطأ. الأمر الذي يجعلنا ندافع بشراسة عن آرائنا حتی عند عدم التأكد من صحتها.

يقول عالم النفس آدم غرانت مؤلف كتاب (فكّر مرة آخری):

«يقضي معظمنا جُلّ وقته في التفكير مثل الدٌعاة والمُدَعين والسياسيين، فعندما نفكر كداعٍ (واعظ) نكون مقتنعين بأننا علی حق، وعند التفكير كمدّعٍ يكون هدفنا الأساسي إثبات خطأ الطرف المقابل، أما عند تبني تفكير السياسي فنحن نتوق للفوز بتأييد جمهورنا. تشكل أوضاع التفكير الثلاثة المذكورة العائق الأكبر الذي يحول دون إمكانية تطبيق قاعدة إعادة التفكير. لذا ينصح غرانت بتفعيل وضع التفكير كعالِم».

ويتابع قائلًا:

لا يحتاج التفكير كعالِم اقتناء تلسكوب أو مجهر ضوئي، بل يحتاج إلی تفضيل التواضع علی الكبرياء، تفضيل الفضول علی الاقتناع. لا تعتنق أفكارك وكأنها هويتك، ينبغي أن تبحث عن الأسباب التي تجعلك مخطئا كبحثك عن الأسباب التي تجعلك مُصيبًا.

حسناً علينا الإعتراف بأننا نخطئ أحيانا، وعادةً تتحدد الفترة التي نستغرقها لتقبل هذه الحقيقة بأهمية وحجم المسألة المطروحة. تساعد قاعدة إعادة التفكير في السيطرة علی مشاعرنا وبالتالي نصبح أكثر انفتاحًا للتعلم من الآخرين، الأمر الذي يقودنا لامتلاك عقلية مزدهرة قادرة علی التعلم والنمو مما يتيح لنا الإمكانية بأن نُصيب في جولاتٍ لاحقة.

فكيف لك أن تتصالح مع فكرة كونك مخطئا؟

عليك أن تتعلم فصل نفسك عن أفكارك وذلك ليس بالأمر الصعب عند اتّباعك الخطوتين التاليتين:

أولًا: إسأل نفسك مايلي:

  • لماذا أشعر بهذا الارتباط القوي بمعتقداتي؟
  • هل أنا علی دراية بجميع الحقائق؟
  • إلی أي حد تؤثر عواطفي علی معتقداتي؟
  • أليس من الممكن أن أكون واقعًا في خداع الذاكرة؟
  • هل ما يقف وراء اعتناقي فكرةٍ ما هو رغبتي بأن تكون صحيحة؟
  • عند وضع مشاعري جانبًا والتفكير بموضوعية، ما الذي من الممكن تعلّمه من وجهة النظر المعاكسة؟

باستغراقك الوقت الكافي في التفكير بالأسئلة المذكورة أعلاه فأنت تضع تركيزك علی الاستماع والتعلّم، ستری الأمور بعقلانية وفي أغلب الحالات سيقود ذلك لتغيير رأيك.

عند تطبيقك لهذه الخطوة الأولی حتی وإن لم تعد عليك بالفائدة المرجوّة المتمثلة بتغيير رأيك، فإنك سوف تكسب احترام الطرف المقابل حين يُدرك بأنك تستمع إليه بتمعّن وتتابع ما يقوله.

لا يُغيّر كل ماذكرناه سابقًا حقيقة أننا لا نرغب بأن نكون مخطئين، فكيف علينا أن نحمي غرورنا عند إدراك تقصيرنا في معرفةِ موضوعٍ ما.

هذا مايقودنا للخطوة الثانية، التي تتطلب التّدرّب علی جملة واحدة، بإمكاننا تكرارها سويّة من باب التوكيد:

  • أنا مخطئ أحيانًا
  • أنا مخطئ أحيانًا
  • أنا مخطئ أحيانًا

يساعدك تبنّي هذه العادة علی الاقتناع بأنه لمن الجّيّد تغيير رأيي في ظل توفر أدلّة جديدة. حيث يشير ذلك إلی الذكاء والنضج.

في المرةِ القادمة التي تواجه بها وجهة نظرٍ مُغايرة تذكّر قاعدة إعادة التفكير: قاوم رغبة رفضها، استمع بإمعان، فكّر كعالِم.

إدراكك بأنك مخطئ أحيانًا، يجعلك مصيبًا غالبًا.

  • ترجمة: دعاء علي
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1