ما الذي يفعله الأشخاص الأكثر إنتاجية بصورة مختلفة عنا؟

في عام 2018، بينما أنا اتصفح مواقع التواصل الاجتماعية قابلني “ميم” أخذ حصة عالية من الانتشار كالنار في الهشيم. محتواه «لديك نفس عدد الساعات التي تمتلكها بيونسيه».

أشُك بإن أحدًا قد زادت فعاليته وإنتاجيته من هذه الكلمات أو أنه قد حقق حلم من قائمة الأحلام الطويلة المركونة في خلفية العقل، ولكن ذلك دفعني للفضول والتساؤل: هل الأشخاص المنتجون لديهم خُطةٌ ما أو نهجٌ معين يتبعونه في يومهم وأعمالهم مختلف عن بقية البشر؟

كيف يصبحون بكل هذا القدر من الفعاليةِ والإنتاجيةِ لكثير من المهام في يومهم؟

لإجابة هذا السؤال، قمت بعمل محادثة مع عدد من الشخصيات اللامعة والبارزة من المؤلفين والموسيقين ومقدمين برامج التسلية ورواد وقادة الأعمال في برنامجي الإذاعي «كيف أعمل».

تحدثتُ معهم عن روتينهم وطقوسهم وممارستهم وحِيلهم العملية التي تجعلهم ينجزون الكثير من الأشياء( ذلك أيضاً أثناء الوباء) أكثر عن الشخص العادي.

أربع نقاط بزرت بروز الشمس في سواد فضاء العالم الخارجي وهم

1- أجمع اجتماعاتك في دُفعةٍ واحدةٍ

إن تفقُد الإيميلات دفعة واحدة أصبح من النقاط الشائعة في الإنتاجية. الفكرة تتمحور حول أنك تتفقد إيميلاتك مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم فقط أو أن تُوقِف الإشعارات لمدة من الزمن حتى تستطيع أن تُركز على عملك دون أي مشتتات.

تجميع الإتصالات أو الأحداث الإفتراضية في دفعة واحدة له أيضًا نفس الفاعلية، أظهر بحث من جامعة ولاية اوهيو أنه عندما يكون هناك أجتماع سنحضره خلال ساعة أو ساعتين فإننا ننجز أعمالنا بنسبة أقل تصل إلى 22% مقارنة عندما لا يكون لدينا أي اجتماعٍ قادم.

فكر في الأمر.

ما الذي تجد نفسك تفعله عندما يكون لديك اجتماع مع معلم لك على برنامج الزوم أو اجتماع مع فريقك في العمل أو الدراسة أو أجتماع على أرض الواقع مع مديرك؟

محور تفكيرك قبلها يدور حول ما الذي ستقوله، الأسئلة معدة سابقًا في ذهنك لتسألها، تُراجع طريقة تقديمك. كل هذا يجعل من الصعب عليك أن تعوم مع تيار العمل والإنجاز للأعمال الأخرى إذا كان كل هذا يزن مثل الدبور في رأسك.

بروفسيور ادم جرانت من وارتون أخبرني بمَنْفَذ للهروب من هذا التشويش.

«في اليوم الدراسي، أضبط كل مواعيد ساعات المكتب أن تكون مثل ما هي بالضبط في الإطار الزمني العام، أنظم 5 دقائق زيادة ما بين كل إجتماع وأخر تحسبًا لظروف أن يطول الاجتماع أو أن أتفقد رسالة إلكترونية، في الأيام الأخرى لا يكون لدي أي اجتماعات وأستطيع أن أكون في غاية التركيز والإنتاجية».

حاول أن تفكر في أن تضع قوانين محددة لجدول أعمالك لا تنتهكها. إذا كنت تشعر بإنك مستيقيظ ونشط في الصباح، حاول أن تنظم جدولك لتكون معظم اجتماعاتك ومهامك المهمة في الصباح الباكر، وترك فترة الظهيرة لأعمال أخرى تحتاج لوقت أطول وأهدى.

2- تجنب استخدام الفأرة (mouse)

دراسة أُجريت من قِبل براينسكيب وجدت أن معظم الناس يخسرون معدل ثانيتين في الدقيقة من وقت العمل أثناء إستخدامهم للفأرة بدلاً من استخدامهم إختصارات لوحة المفاتيح. وهذا ما يعادل ثمانية أيام في السنة!

الفائدة من تعلم اختصارات لوحة المفاتيح يمكن أن تكون هائلة لإنتاجيتك وإنجازك. لحسن الحظ إن معظم البرامج تتشارك في اختصاراتها، فكلما تعلمت أكثر، كلما أسرعت في أن تصبح في أعلى القائمة الفائزة.

«أنا لا ألمس الفأرة أبدًا» راهول فوهرا –مؤسسة سوبرهيومن (برنامج للإيميلات متخصص في توفير أسرع تجربة إيميلات في العالم) «وهذه هي القاعدة التي التزمتُ بها، ليس فقط أثناء بنائي لسوبرهيومن، ولكن أيضًا خلال كل البرامج التي أستخدمها».

3- غير سلوكك نحو الأفضل

إذا كنت تحاول أن تمشي على عادات أحسن للعمل والإنجاز فإن الحيل السلوكية الصغيرة قادرة على أن تأتي بمردودٍ كبير عليك، أخبرني بذلك مات مولينويج -المساعد المؤسس لورد بريس وأتوماتك- قائلًا: «إذا استيقظت من النوم وكان الكيندل (جهاز يُستخدم للقراءة الإلكترونية) أقرب مني وليس الهاتف فإن احتمال أن أقرأ أكبر ولكن إذا كان الهاتف فوق الكيندل فمن المحتمل أكثر أني استخدم الهاتف أكثر».

بعبارة أخرى، فكر ما هي العادات التي تريد تغييرها وفكر كيف تستطيع أن تغير البيئة من حولك المؤثرة في هذا السلوك، ربما سمعت بأن إغلاق هاتفك أو وضعه على وضع الطيران سوف يساعدك أكثر تركيز على عملك. بنفس الطريقة فإن عمل قليل من التغييرات حولك يمكنه أن يلهمك أن تفعل أشياء كنت تتجنبها أو لا تفعلها عادةً.

إذا كنت تريد أن تقرأ أكثر، ضع كومةً من الكتب في كل غرفة. إذا كنت تريد أن تمتنع عن الطعام السريع، أخفي حلوياتك تحت طبق كبير من التفاح، عندما يأتيك الشوق الجارف تجاهها يكون لديك الخيار الصحي أولًا تختار منه.

إذا كنت تريد أن تُقنن من استخدامك لمواقع التواصل الاجتماعي، فامسح أو أغلق تلك المواقع من على هاتفك. إذا كنت تريد أن تمتنع عن تفقد إيميلاتك طوال اليوم، فأغلق بريدك حتى لا تُشتت في كل مرة يأتي إشعار جديد منه، وهكذا… أظن الفكرة قد وصلتك.

4-اقرأ عملك بصوت مرتفع

سواءً أعجبك الأمر أو لا، فكلنا كُتاب. كل يوم خلال العمل أو المدرسة نجاحنا فيهم معتمد بطريقة أو أخرى على كيفية قدرتك على أن تُوصِل أفكارك من خلال الإيميلات أو التقارير أو المشاريع وربما أيضًا من خلال المقالات والكتب.

إذا كنت تلميذ –على سبيل المثال- فجزءٌ كبير من نجاحك يُحدد من خلال قدرتك على إنجاز واجباتك وكيف تتواصل مع الغير بطريقة واضحة وصريحة.

هكذا تكون ربحت نصف المعركة.

المؤلف دان بينك صاحب جائزة النيويوك تايمز للمؤلف الأكثر مبيعًا أخبرني ذات مرة وأنا اقتبس منه «تقريباً كل شئ أكتبه ذو فائدة فأنا أقرأه بصوت عالي»، «بالنسبة لي إنه أختبار حول كيف سيبدو ذلك صحيحًا».

على الرغم أن هذه العملية شاقة وتستهلك الكثير من الوقت، فإن بينك يقول بإن هذه الطريقة تجعله يُخرج أفضل ما لديه من الكتابة. يقترح أيضًا أن تبحث في الكلمات التي تجدها صعبة وغير مفهومة بأخرى أسهل هكذا تجعل كتابتك أسهل ومستساغة للفهم لدى الناس.

قراءة الأعمال بصوتٍ عالٍ تساعدك أن تدققها بطريقةٍ أكثر دقة. يمكنك أن تتعرف على الجمل التي لاتضيف معنى وأن تجد الإيقاع والسرعة المناسبة لعملك، إذا تعثرت أثناء قراءة كلماتك فهذا دليل ومؤشر أنها لن تصلح للأخرين مما يؤدي إلى سوء التواصل بينك وبينهم وهذا يُزيد من الوقت الذي تحتاجه لكي تُصلح المشكلة. إني أجد نصيحة بينك مُفيدة للغاية، ربما تكون طريقة مملة ولكنها تجعل كتابتي أكثر وضوحًا واختصارًا وأكثر تأثيرًا.

أن تكون مُنتجًا ليس معناه أن تفعل أكثر ولكن أن تفعلها بطريقة أكثر كفاءة .أبدأ من الآن عزيزي القارئ استثمر وقتك في هذه الإستراتجيات البسيطة، إصنع هذه التغييرات الصغيرة لكي تستفيد أكثر من يومك.

  • ترجمة: سمر عامر
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1