يطور الباحثون رقاقة صغيرة تعمل بالهواتف الذكية لإجراء الاختبارات التشخيصية الطبية في المنزل
طور فريق بحثي تابع لجامعة مينيسوتا توين سيتيز (University of Minnesota Twin Cities) رقاقة موائع مجهرية جديدة لتشخيص الأمراض، فهي تستخدم عددًا قليلاً من المكونات، ويمكن تشغيلها لاسلكيًا باستخدام الهاتف الذكي، يفتح هذا الابتكار الباب لإجراء فحوصات طبية منزلية أسرع وبأسعار معقولة. نُشرت ورقة الباحثين في مجلة Nature Communications.
تشمل الموائع المجهرية دراسة السوائل على نطاق صغير جدًا ومعالجتها.
تعد تطوير تقنية “المختبر على رقاقة” أو القدرة على إنشاء أجهزة يمكنها تشخيص الأمراض من عينة بيولوجية صغيرة جدًا مثل الدم أو البول إحدى أكثر التطبيقات شيوعًا في هذا المجال.
يمتلك العلماء بالفعل أجهزة محمولة لتشخيص بعض الحالات مثل الفحص السريع لمستضد كوفيد-19.
ومع ذلك، توجد عقبة كبيرة أمام تصميم رقائق تشخيصية أكثر تعقيدًا يمكنها على سبيل المثال تحديد سلالة معينة من كوفيد-19 أو قياس المؤشرات الحيوية مثل الجلوكوز أو الكوليسترول، وتتمثل هذه العقبة في حقيقة أنها تحتاج إلى الكثير من الأجزاء المتحركة.
تتطلب رقاقات كهذه عدة مواد لمنع تسرب السائل منها، ومضخات وأنابيب لمعالجة السائل، وأسلاك لتشغيل تلك المضخات، أي تتطلب جميع المواد التي يصعب تقليصها إلى المستوى المجهري. تمكن الباحثون في جامعة مينيسوتا توين سيتيز من إنشاء جهاز موائع مجهرية يعمل دون كل تلك المكونات الضخمة.
قال سانغ هيون أوه (Sang-Hyun Oh)، الأستاذ في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات في جامعة مينيسوتا وكبير مؤلفي الدراسة أن الباحثين قد حققوا نجاحًا كبيرًا عندما كان الأمر يتعلق بتحجيم الأجهزة الإلكترونية، لكن القدرة على التعامل مع العينات السائلة لم تواكب ذلك.
ليس من المبالغة أن يتطلب نظام مختبر الموائع الدقيقة المتطور على رقاقة جهودا مضنية للغاية لتجميعه. كان اهتمامنا يتمحور حول إمكانية التخلص من مادة الغطاء والأسلاك والمضخات تمامًا وجعلها بسيطة.
تعمل العديد من تقنيات المختبر على رقاقة بتحريك قطرات السائل عبر الرقاقة المجهرية للكشف عن مسببات الأمراض الفيروسية أو البكتيريا الموجودة في العينة.
كان الحل الذي توصل إليه باحثو جامعة مينيسوتا مستوحى من ظاهرة غريبة في العالم الواقعي مألوفة لشاربي النبيذ – “الأرجل”، أو القطرات الطويلة التي تتشكل داخل زجاجة النبيذ بسبب التوتر السطحي الناجم عن تبخر الكحول.
وضع الباحثون أقطابًا كهربائية صغيرة قريبة جدًا من بعضها على رقاقة تبلغ أبعادها 2 سم في 2 سم باستخدام تقنية ابتكرها مختبر أوه في أوائل عام 2010، وتولد هذه الأقطاب مجالات كهربائية قوية تسحب القطرات عبر الرقاقة وتخلق “ساقًا” مماثلة من السائل للكشف عن الجزيئات الموجودة فيه.
يُؤدي وضع الأقطاب الكهربائية قريبة جدا مع بعضها (تبلغ المسافة بينها فقط 10 نانومتر) إلى أن يكون المجال الكهربائي الناتج قوياً جداً لدرجة أن الرقاقة تحتاج فقط إلى أقل من فولت من الكهرباء لتعمل، وقد سمح هذا الجهد المنخفض بشكل مُذهل للباحثين بتشغيل رقاقة التشخيص باستخدام إشارات اتصال المجال القريب بالهاتف الذكي، وهي نفس التقنية المستخدمة للدفع بدون تلامس في المتاجر.
هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها الباحثون من استخدام هاتف ذكي لتشغيل القنوات الضيقة لاسلكيًا دون هياكل موائع مجهرية، مما يمهد الطريق لأجهزة تشخيص منزلية أرخص ومتاحة أكثر.
قال كريستوفر إرتسجارد (Christopher Ertsgaard)، المؤلف الرئيسي للدراسة وخريج حديث من الهندسة وعلوم الحاسبات (دكتوراة في الهندسة الإلكترونية وهندسة الحاسبات): “إن هذا مفهوم مثير للغاية وجديد”، وأضاف: ” أعتقد أن الجميع خلال هذا الوباء أدركوا أهمية التشخيص السريع في المنزل وفي نقطة الرعاية، توجد تقنيات متاحة لكننا بحاجة إلى تقنيات أسرع وأكثر حساسية ويمكننا جلب هذه التقنيات المتطورة إلى التشخيصات المنزلية بتكلفة معقولة من خلال التوسع والتصنيع عالي الكثافة.”
يعمل مختبر أوه مع شركة جريب للتقنيات الجزيئية (GRIP Molecular Technologies) في مينيسوتا، التي تصنع أجهزة التشخيص في المنزل على التسويق لمنصة الرقائق المجهرية. صُممت الرقاقة لتكون لها تطبيقات واسعة لاكتشاف الفيروسات ومسببات الأمراض والبكتيريا وغيرها من المؤشرات الحيوية في العينات السائلة.
قال بروس باتن (Bruce Batten) مؤسس ورئيس شركة جريب للتقنيات الجزيئية: “يجب أن تكون التشخيصات المنزلية منخفضة التكلفة وسهلة الاستخدام لكي تكون ناجحةً تجاريًا، تُمكّننا حركة السوائل ذات الجهد المنخفض مثل ما حققه فريق البروفيسور أوه من تلبية هذين المطلبين. لقد كان من حسن حظ شركة جريب التعاون مع جامعة مينيسوتا لتطوير نظامنا التقني. يُعد ربط الأبحاث الأساسية والأبحاث الانتقالية أمراً بالغ الأهمية لإنشاء مصدر للمنتجات التحويلية المبتكرة”.
- ترجمة: محمد اللحام
- تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
- المصادر: 1