اختبار دم جديد يشخص سرطان الكبد باستخدام الذكاء الاصطناعي
طُوِّرت تقنية حديثة لتحليل الدم عبر الذكاء الاصطناعي واستخدمها باحثو مركز جونز هوبكنز كيميل للسرطان لاكتشاف سرطان الرئة بنجاح في دراسة أجريت عام 2021، واكتشفت حتى الآن أكثر من 80% من سرطانات الكبد في دراسة جديدة شملت 724 شخصًا.
يكتشف اختبار الدم المسمىDELFI (تقييم أجزاء الحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين للتدخل المبكر) التغيرات القطعية في الدناDNA من الخلايا السرطانية التي تنسل في مجرى الدم، والمعروفة باسم الدنا الحر (cfDNA).
في أحدث دراسة، استخدم الباحثون تقنية DELFI على عينات بلازما الدم التي تم جمعها من 724 فردًا في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وهونغ كونغ للكشف عن سرطان الخلية الكبدية (HCC)، والذي يعد نوعًا من سرطان الكبد.
يعتقد الباحثون أن هذا الاختبار هو أول تحليل تجزئةٍ على مستوى الجينوم تم التحقق من موثوقيته بشكل مستقل في مجموعتين من السكان ذوي الخطورة المرتفعة وعبر مجموعات عرقية وإثنية مختلفة بالإضافة لأسباب مختلفة مرتبطة بسرطان الكبد.
تم الإبلاغ عن النتائج التي توصلوا إليها في 18 نوفمبر في مجلة “Cancer Discovery” وفي مؤتمر الجمعية الأمريكية الخاص بأبحاث السرطان: الوقاية المحكمة، والكشف المبكر، واعتراض السرطان.
تشير التقديرات إلى أن 400 مليون شخص حول العالم معرضون أكثر للإصابة بسرطان الخلية الكبدية بسبب تليف الكبد الناجم عن أمراض الكبد المزمنة التي تشمل التهاب الكبد الفيروسي المزمن أو مرض الكبد الدهني غير الكحولي، وفقًا لتحليل على مستوى عالمي لمسببات أمراض الكبد (J. Hepatology، 2019).
“زيادة الاكتشاف المبكر لسرطان الكبد يمكن أن ينقذ الأرواح، ولكن اختبارات المسح المتاحة حاليًا غير مستغلة بشكل ملائم وتفشل في تشخيص العديد من السرطانات،” هذا ما يقوله الدكتور والحاصل على شهادة الدكتوراة فيكتور فيلكوليسكو، وهو أستاذ علم الأورام والمدير المساعد في برنامج علم وراثة السرطان الجينية وفوق الجينية في مركز جونز هوبكنز كيميل للسرطان، وشارك في قيادة الدراسة مع الدكتور والحاصل على شهادة الدكتوراة والزميل في أمراض الجهاز الهضمي زكريا فودة، والدكتورة وطالبة الدكتوراة أكشايا أنابراغادا، وإيمي كيم وهي الدكتورة والأستاذة المساعدة للطب في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز.
من بين 724 عينة بلازما تمت دراستها، جُمعت 501 عينة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتضمنت عينات من 75 شخصًا مصابًا بسرطان الخلية الكبدية لتطوير نموذج التعلم الآلي والتحقق من صحته، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يستخدم البيانات والخوارزميات لتحسين الدقة، هذا ما يوضحه فودة. للتحقق من الموثوقية، تم تحليل 223 عينة بلازما إضافية لأفراد في هونغ كونغ وتضمنت عينات من 90 شخصًا مصابًا بسرطان الخلية الكبدية، و66 شخصًا مصابًا بفيروس التهاب الكبد ب (HBV)، و35 شخصًا مصابًا بتليف الكبد المرتبط بالتهاب الكبد الفيروسي ب و32 شخصًا لا يوجد لديهم أية عوامل خطورة.
تستخدم تقنية DELFI اختبارًا للدم لتحديد الطريقة التي يتم بها تعبئة الحمض النووي داخل نواة الخلية من خلال دراسة حجم وكمية الدنا الحر الموجود في مجرى الدم من مناطق مختلفة عبر الجينوم. تُجمِّع الخلايا السليمة الدنا مثل حقيبة مرتبة، حيث توضع مناطق مختلفة من الجينوم بعناية في أقسام مختلفة. على النقيض من ذلك، فإن نوى الخلايا السرطانية تشبه حقائب السفر غير المنظمة، حيث توزع عناصر من الجينوم على نحوٍ عشوائي. عندما تموت الخلايا السرطانية، فإنها تطلق أجزاء الدنا بطريقة فوضوية في مجرى الدم.
يكشف اختبار DELFI عن وجود السرطان من خلال فحص ملايين أجزاءcfDNA بحثًا عن أنماط غير طبيعية، بما في ذلك حجم وكمية الدنا في مناطق الجينوم المختلفة. يقول الباحثون إن مقاربة DELFI لا تتطلب سوى متابعة منخفضة التكلفة، مما يجعل هذه التقنية فعالة من حيث التكلفة في الفحص.
في الدراسة الأخيرة، أجرى الباحثون الاختبار – الذي ثبت سابقًا أنه يصنف سرطان الرئة بدقة – على قطع منcfDNA معزولة من عينات البلازما. قاموا بتحليل أنماط التجزئة عبر كل عينة للحصول على نتيجة DELFI.
كانت النتائج منخفضة بالنسبة للأفراد غير المصابين بالسرطان والذين لديهم التهاب الكبد الفيروسي أو تليف الكبد (كان متوسط نتيجة DELFI 0.078 و0.080 على التوالي)، ولكن في المتوسط، 5 إلى 10 مرات أعلى بالنسبة ل 75 مريضًا بسرطان الخلية الكبدية في عينات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع ملاحظة نتائج عالية في جميع مراحل السرطان، بما في ذلك المرض في مراحله المبكرة (نتائج DELFI للمرحلة 0 = 0.46، والمرحلة A = 0.61، والمرحلةB = 0.83، والمرحلة C = 0.92). بالإضافة إلى ذلك، كشف الاختبار عن تغييرات تجزئة في محتوى وتغليف جينومات سرطان الكبد، بما في ذلك من مناطق الجينوم المرتبطة بالوظيفة النوعية للكبد.
كشفت تقنية DELFI عن سرطانات الكبد في مراحلها الأولى، مع حساسية – أو القدرة على اكتشاف السرطان بدقة – بنسبة 88% على العموم ونوعية 98%، مما يعني أنها تقريبًا لم تقدم أي نتيجة إيجابية خاطئة أو كاذبة لدى الأشخاص ذوي الخطورة المتوسطة. في العينات التي جمعت من أولئك المعرضين لخطر الإصابة بسرطان الكبد، كان حساسية الاختبار 85% ونوعيته 80%.
تقول كيم وهي المؤلفة الرئيسية المشاركة في الدراسة: “في الوقت الحالي، يتم فحص أقل من 20% من السكان المعرضين لخطر كبير للإصابة بسرطان الكبد بسبب مدى توفر الاختبار وأداء الاختبار الذي ما يزال دون المستوى الأمثل. يمكن أن يضاعف اختبار الدم الجديد هذا عدد حالات سرطان الكبد المكتشفة، مقارنة باختبار الدم المعياري المتاح، ويزيد الكشف المبكر عن السرطان”.
يقول الباحثون إن الخطوات التالية تشمل التحقق من موثوقية هذا النهج في دراسات أشمل للاستخدام السريري.
يتم تشخيص أكثر من 800000 شخص بسرطان الكبد في جميع أنحاء العالم كل عام، وهو سبب رئيسي لوفيات السرطان في جميع أنحاء العالم، وفقًا لجمعية السرطان الأمريكية.
- ترجمة: مجدي عوكان
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1