عالِمُ طفلِ كريسبر عاد، وهذا ما سيفعله تالياً
في نوفمبر عام 2018 صدم العالِم الصيني “هي جيانكوي” العالَم بإعلانه “ولأول مرة عبر منصة يوتيوب وبعدها ضمن الاجتماع العلمي الدولي الذي حدث في هونغ كونغ”، قيامه باستخدام تقنية كريسبر لاستبدال وتعديل البنية الجينية للأجنة البشرية، والتي استُخدمت من أجل تأسيس حمول لإنجاب أول أطفال معدلة جينياً في العالم.
قوبل سريعاً برد فعل عنيف ومؤذٍ من قبل أعضاء المجتمع العلمي الذين اعتبروا تجربته غير أخلاقية وأعربوا عن قلقهم اتجاه صحة الولدان حيث لا نعرف سوى القليل عنها في يومنا هذا…. علّقت الحكومة الصينية بحثه، قائلة بأنه تعدّى على العمليات الطبية، وفي ديسمبر عام 2019 أثبتت المحكمة الصينية إدانته بممارسات طبية غير قانونية وحكمت عليه بالسجن مدة ثلاث سنوات.
وفي سياق تجربة “هي”، قامت الحكومة الصينية منذ ذلك الحين بتبني الممارسات الطبية وحظر التعديلات الجينية على الأجنة البشرية لأغراض إنجابية، وبعد إطلاق سراحه في أبريل قال “هي” أنه أنشأ مختبراً جديداً مستقلاً له في بيجنغ ويريد مواصلة المعالجة الجينية بهدف محاولة إصلاح الأمراض الموروثة عن طريق استبدال الجينات الممرضة بنسخ أخرى صحية جديدة.
وأول مرض أراد البدء به هو الحثل العضلي لدوشن DMD، وهو اضطراب جيني نادر وخطير يسبب فقدان تدريجي لبنية العضلات ويؤثر بشكل أساسي على الفتيان.
وقال في ايميل له أنه يريد جمع مبلغ 50 مليون يوان للبدء بعملية سريرية لإيجاد علاج فعال لل DMD بحلول عام 2025. وأخبر “هي” مجلة WIRED أنه يريد جعل المعالجة الجينية أكثر توافراً وأقل سعراً.
بعض العلماء ورجال الدين ظنوا أن “هي” يستحق فرصة ليثبت قدرته على القيام بعمل دقيق علمياً وضمن الشروط الأخلاقية، والبعض الآخر عارضوه وحاربوه لتجاربه غير القانونية وغير الأخلاقية كما قال “هانك غريلي” وهو بروفيسور في القانون في جامعة ستانفورد وكاتب كتاب “شعوب كرسيبر” الذي يشرح العلم والأخلاقيات وراء التعديل المورثي على البشر.
لم يعتذر “هي” أمام العامة لتجاربه على تقنية كريسبر، التي كانت تسمو لجعل الولدان مقاومين لفايروس العوز المناعي المكتسب HIV (الإيدز) عبر استخدام تقنية كريسبر لخلق طفرة في جين CGR5، حيث توجد تلك الميزة بشكل طبيعي لدى بعض الأشخاص الأوروبيين، إذ تقوم خلاياهم بمنع دخول فايروس HIV لداخلها، وقد أظهرت نتائج “هي” أن خلايا الولدان كانت بنمط جيني فسيفسائي، ويعني ذلك أن عملية التعديل الجيني لم تكن ناجحة، ولا يمكننا الجزم فيما إذا كان الأطفال يمتلكون أية تأثيرات صحية أخرى ناتجة عن التعبير الجيني.
وبعد ذلك انقسمت صفوف الأكاديميين اتجاه السماح ل “هي” بالحضور والتحدث في المؤتمرات العلمية خارج الصين. وفي ردود العالِم لمجلة WIRED لم يذكر بشكل مباشر تفاصيل عن عمله السابق بمجال كريسبر ولكنه بدا كأنه يلمح بشكل غير مباشر إلى أنه أنه سيعمل على توطيد ثقة المجال العلمي به، وقد تعرض لنقد واسع جراء قيامه بتجارب كريسبر بشكل سري نسبياً، وفشل بالحصول على الموافقة الأخلاقية الرسمية أو الموافقة المستنيرة من العائلات المشاركة، وكتب الآن أن “عمله البحثي سيكون شفاف ومباح” مضيفاً لذلك أنه يخطط للحصول على فريق إرشاد علمي عالمي ليقيموا بحثه ويراجعوه أخلاقياً قبل أن ينشر.
وتعقيباً على الأخبار المتعلقة بولدان كريسبر، سعى الباحثون لمنع الإكثار من هذه المتغيرات، ودعا أحد الباحثين الصينيين في مجال الأخلاقيات الحيوية لإعادة إحياء الممارسات البحثية الطبية في البلاد، وفي هذه الأثناء استدعي العلماء الغرب القياديين لإيقاف عالمي لعمليات التعديل الجيني الوراثي إلى حين تأسيس قوانين دولية تحكم هكذا أبحاث. وقامت كل من منظمة الصحة العالمية والجمعية الأمريكية للعلوم بوضع أربعة دلائل إرشادية لكيفية إجراء هذه التجارب نظرياً، ولكن في الولايات المتحدة والصين والعديد من البلدان الأخرى تعديل الجينات البشرية بهذه الطرق يعتبر ممنوعاً.
ولكن “موسونورو” أشار إلى أنه لا يوجد آلية حتى الآن يمكن للعلماء أن يخبروا بها عن نشاطات بحثية غير قانونية أو مشكوك بأخلاقيتها، وتم إيقاف الأبحاث المتعلقة بتعديل جينوم الأجنة تبعاً لمقترح السجل العالمي.
وبالنسبة ل “ويبو”، ذكر أخطار العلاج الجيني والتعديل الجيني مشيراً إلى آخر حالة وفاة لرجل مصاب بال DMD كان قد تلقى علاجاً مخصصاً بتقنية كريسبر كجزء من دراسة بحثية: “التاريخ يخبرنا بأنه عند انتشار أي تقنية جديدة، فهي تمثل في آنٍ معاً كلاً من ملاك وشيطان” حسب ما كتبه على موقعه.
- ترجمة: حيان الحكيم
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1