الحفاظ على رطوبة الجسم يساعد في البقاء بصحّةٍ أفضل ولمدّةٍ أطول!
افترضت دراسة حديثة أن التّرطيب الجيّد يساهم في تعمير صحّيّ عند البشر.
تظهر النّتائج أنّ المستويات المرتفعة من شوارد الصوديوم في الجسم خلال فترة منتصف العمر تساهم بتطوّر الأمراض المزمنة وربّما الموت المبكّر.
مازلنا بحاجة لدراسات أكثر لمعرفة الرّابط بين الترطيب والتّعمير بشكلٍ أدقّ.
يتنوّع مقدار الماء الواجب على الشخص شربه يوميّاً للبقاء مميّهاً حسب عمره ووضعه الصّحّيّ.
أفادت دراسة جديدة أجراها باحثوا المعهد الوطني للصحة (NIH) في الولايات المتّحدة، أنّ الأشخاص في منتصف العمر الّذين لديهم مستويات أعلى من الصوديوم في الدّم أكثر عرضةً لتدهور الصحة والموت المبكّر.
ترتفع مستويات الصّوديوم في الدّم عندما لا يستهلك الفرد ما يكفي من السّوائل.
تتراوح المستويات الصّحّيّة للصوديوم في الدّم بين (136_ 145) جزيء/لتر.
أشيع سبب لارتفاع مستوى الصوديوم هو عدم شرب ما يكفي من الماء.
إضافةً إلى ذلك، إنّ المتطوّعين الّذين لديهم مستويات عالية من الصوديوم بالدّم (أكثر من 142 جزيء/لتر) لديهم احتمال 50% أعلى من غيرهم بالشّيخوخة المبكّرة، تمّ نشر النّتائج مؤخراً على موقع “eBioMedicne”.
الرّابط ما بين التّرطيب والشيخوخة بصحة جيدة:
أجرى الباحثون في مخبر طبّ القلب والأوعية الدمويّة التّابع للمعهد الوطني للصحّة (NIH) تحليلاً جماعيّاً لبيانات أخطار الإصابة بتصلّب الشّرايين في المجتمعات (ARIC) للأعوام (1985_2021).
خلال فترة تسجيل البيانات، تراوحت أعمار المشاركين في (ARIC) من 45 الى 66 عاماً، وتمّت متابعة 15752 مشاركاً في هذه الدّراسة لمدّة 25 عاماً.
بالنّسبة للدراسة الجديدة، أُخذت مستويات صوديوم الدّم كمقياسٍ لاستهلاك الماء، حيث أنّ المستويات العالية منها ترتبط بشكل وثيق مع التّجفاف وقلة استهلاك الماء.
د. ناتاليا ديميتريفا، مؤلّفة الدراسة الرّئيسيّة وباحثة في المعهد الوطني للصحّة في بيثيسدا، أخبرت صحيفة ميديكال نيوز توداي “MNT” أنّ الدّراسة كانت مبنية على أبحاث سابقة أجراها المؤلّفون، والّتي أظهرت أنّ نقص التميّه والتّرطيب على مدى الحياة قد سرّع التّغيّرات التّنكّسيّة وقصّر مدة الحياة عند فِئران التجارب.
أوضحت د. ديميتريف أنّ الفئران المقيّدة عن شرب الماء عاشت أقلّ من الفئران الأخرى ب 6 أشهر، وهذا يعادل 15 عاماً من مدة حياة البشر، أشارت أيضاً إلى أنّ المؤشّرات الحيويّة الّتي تمّ تطويرها مؤخّراً لقياس الشّيخوخة أكّدت امكانية حدوث هذه النتائج عند البشر، تشمل هذه المؤشّرات ضغط الدّم، سكّر الدّم، الكولّيسترول وغيرها من المؤشّرات الّتي تكشف عن مدى كفاءة عمل كلّ من الجهاز القلبي الوعائي، الجهاز التّنفّسي، الاستقلاب، والجهاز الكلوي والمناعي.
وُجد أنّ نتائج التّجربة على الفئران تنطبق على نتائج الدّراسة الجديدة.
قالت الدكتورة أيضاً “تشير دراستنا إلى أنَّ التّجفاف طويل المدّة يزيد خطر الإصابة بأمراضٍ مزمنة في وقتٍ لاحقٍ من الحياة واحتمال الموت المبكّر”.
كم تحتاجُ من الماء للبقاء رطبا؟:
في حينِ أنَّ التّوصيات الشائعة هي 8 أكواب يوميّا حوالي 1.8 لتر فإنّ هذه التّوصيات غير مدعّمة بالأدلّة الكافية.
وِفقاً لمركز احتواء الأمراض والوقاية منها (CDC) فإنّ الكمّيّة المثلى الواجب على الشّخص شربها يوميّاً من الماء تعتمد على الشّخص نفسه، حيث يختلف استهلاك الماء حسب العمر والوضع الصّحّي بين الشباب والكهول:
- الأعمار من 20 إلى 39 عام؛ يقترح “CDC” وسطيّاً 1.5 لتراً في اليوم.
- الأعمار من 40 إلى 59 عام؛ وسطيّاً 1.2 لتر/يوم.
ميشيل روثنشتاين أخصّائيّة تغذية صحّ القلب لدى “Entirely Nourished” في نيويورك، وغير مشاركة بهذه الدّراسة، أخبرت “MNT” أنّ بعض الأشخاص قد يحتاجون كمّيّات أقل من الماء من متوسّط التّوصيات، مثلاً في حالة مرضى قصور القلب؛ قالت أنهم إذا استهلكوا كمّيّات كبيرة من الماء قد يحدث لديهم احتباس سوائل وضيق تنفّس، وأضافت أن الأشخاص الّذين يعانون من فشل كلوي يجب أيضا أن يشربوا كمّيّات أقل، كونَ الكِلى لديهم أقلّ قدرةً على الحفاظ على توازن السوائل في أجسامهم، بالمقابل، بعض الأشخاص يحتاجون كمّيّات أكبر من الماء، كالأشخاص ذوي مؤشّر كتلة الجسم “BMI” المرتفع.
لكن بالنّسبة للعديد من الأشخاص من الممكن أيضاً استهلاك كمّيّة زائدة من الماء.
عند الإفراط بشرب الماء لن تكون كليتيك قادرتين على التّخلص من الفائض، وقد يحدث نقص شديد بشوارد الصوديوم في الدّم نتيجة زيادة طرحه مع البول، الأمر الّذي قد يكون مهدّداً للحياة.
التّرطيب بسوائل أُخرى:
أشارت د. ديميتريفا الى أنَّ القهوة والشّاي ومشروبات الطّاقة (الالكتروليتيّة) يمكن أن تحتسب ضمن خيارات التّرطيب، ولكن لا ينبغي أن تكون المصدر الأساسي المعتمد عليه لترطيب الجسم، قالت أيضاً: “يُنصح باختيار الماء العادي أو يمكن إضافة الخيار أو الليمون والحمضيات كمصدر رئيسي للترطيب من أجل صحّة قلبٍ مُثلى”، أضافت: “الأطعمة الغنيّة بالماء الّتي يشكّل الماء 90% منها أو أكثر هي أيضاً خيار جيّد، مثل البطّيخ والخيار والفراولة”.
رامين مودابر، جرّاح العظام في معهد “cedars_sinai kerlan jobe” في لوس انجلوس وغير المشارك بالدراسة، قال لِ MNT “: إنّ الإماهة الفموية تشمل أكثر من مجرّد شرب الماء”، وأشار د. مودابر أنّه عندما يُجهد الأشخاص أنفسهم يفقدون السّكّريّات والشّوارد، والّتي من الضّروريّ تعويضها للجسم.
إضافةً إلى المياه والمشروبات الرّياضيّة، أوصى أيضًا بماء جوز الهند وماء المخلّل، المياه المعدنيّة المشبعة بالشّوارد، مشروبات الطّاقة منزلية الصّنع، العصائر ومشروبات الفواكه.
تأمين احتياجاتك من التّرطيب: التّرطيب والتمييه أمر مهمّ لجميع الأعمار.
استبيان سكّاني كشف أنّ حوالي 50% من الناس يتناولون أقلّ من الكمّيّات الموصى بها، بمن فيهم الأطفال، وذكرت د. ديميتريفا أنّ هذه النّسبة تزداد عند الأشخاص الأكبر سنّاً، والّذين يميلون لأن يشربوا كمّياتٍ أقلَّ من الماء كونَ حسّ العطش يضعف بتقدّم العمر.
اقترحت الدكتورة أنّ أفضل طريقةٍ للحفاظ على رطوبة جسمٍ مناسبة هي بتتبّع مقدار السّوائل الّتي نشربها يوميّاً، ونصحت أن يهتمَّ النّاس بشرب ما يكفي من الماء خصوصاً في البيئات الحارّة وعند القيامِ بأنشطةٍ رياضيّةٍ كثيفة.
يُظهر الرّياضيّون والمتدرّبون في العُطَل اختلافاتٍ واسعة في فيزيولوجيّة أجسامهم، الوضع الصّحّيّ والطّبّيّ العامّ، الإصابات، أنظمة التّمرين وعوامل أُخرى.
وأوصت د. ديميتريفا بالانتباه لأعراض التّجفاف مصنفةً أكثر الأعراض المهمّ والشائعة: قِلّة التّعرّق، اضطرابات الحالة الذّهنيّة وانخفاض أو غياب التّبوّل.
ختمت: “احرص على الترطيب حتّى أكثر قليلاً من حاجة الجسم، وخذ احتياجاتك الكاملة قبل أداءِ أنشطةِ التّحمّل”.
- ترجمة: عدي حسن
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1