مصابون بالخرف ولا يعلمون
إن أكثر من ثلث الأشخاص الذين يعانون من الخرف لا يعرفون أنهم مصابون به. ماذا تفعل إذا كنت تشك في إصابة شريكك بالحالة؟
وفقًا لتقرير جديد صادر عن لجنة الخرف، لا يدرك نحو 36% من الأشخاص المصابين بالخرف في إنجلترا أنهم مصابون بهذه الحالة.
ويشير التقرير إلى إجراءات يمكن أن يتخذها أخصائيو الصحة والرعاية لتحسين اكتشاف العلامات المبكرة للخرف. ولكن ماذا يمكنك أن تفعل إذا كنت تعتقد أن شريكك يعاني من هذه الحالة؟ وكيف يمكنك طرح الموضوع معه؟
إذا كنت قلقًا بشأن إصابة شريكك بالخرف، فإليك بعض الأشياء المفيدة التي يجب معرفتها.
الخرف هو مصطلح يطلق على مجموعة من الأمراض (على سبيل المثال، مرض الزهايمر) التي تتطور مع مرور الوقت (أشهر وسنوات) وتسبب مشاكل في الذاكرة والتفكير والتواصل وتغيرات في الشخصية وانخفاض قدرة الشخص على القيام بالأنشطة اليومية مثل التسوق أو الغسيل أو دفع الفواتير أو الطبخ.
يمكن أن يظهر الخرف بشكل مختلف تمامًا لدى كل شخص، لذا فإن الأمر يتعلق بمعرفة ما هو طبيعي بالنسبة لمن تحب. إن الشخص الذي كان دائمًا واعيًا ومنظمًا في بداية الانهيار يختلف تمامًا عن الشخص المشتت عقليًا والذي سيكون أكثر تشتتًا.
يمكن أن يؤثر الحزن والتوتر على الذاكرة، ولكن ذلك ليس بداية الإصابة بالخرف. إذ يمكن أن تكون هذه العواملبداية لإخفاء الخرف، ونحن نسمي هذا “التظليل التشخيصي الزائد”.
كما أن هناك تغيرات في الإدراك مرتبطة بالعمر. على سبيل المثال، نحن نأخذ وقتًا أطول للتعلم عندما نتقدم في السن. لكن الحدث الذي يحدث لمرة واحدة – مهما كان مثيرًا – لا يعني بالضرورة الإصابة بالخرف. إن الأمر يتعلق بالبحث عن نمط التراجع.
إذا رأيت هذه التغيرات تحدث في فترة زمنية قصيرة (أسابيع أو أيام)، فمن غير المرجح أن يكون ذلك بسبب الخرف ويمكن أن يكون شيئًا أكثر خطورة. وهذا يتطلب متابعة عاجلة من قبل الطبيب.
الخوف الأكبر
يعد الخرف أحد أعظم المخاوف في عصرنا. إذ يمكن أن يؤدي الرعب الناتج عن فقدان الذات إلى تجنب الأشخاص مناقشة المشكلة، أو مناقشتها بطريقة غير مفيدة (مثل الانتقاد أو الإذلال عن غير قصد) أو مناقشتها مع أقارب آخرين، ولكن ليس مع الشخص الذي يلاحظون تغيرات فيه.
وبمرور الوقت، يمكن أن يتسبب ذلك في انعدام الثقة. لذا من الأفضل مناقشة مشاكل الذاكرة عند نقطة فشلها أو عند إثارة المخاوف بشكل مفتوح مع الشخص المعني بالمشكلة. وبطبيعة الحال، يتطلب الأمر الشجاعة ويجعلنا ذلك نواجه ضعفنا.
في بعض الأحيان يكون الشخص في حالة إنكار أو يفتقر إلى المعرفة بمشاكل الذاكرة (وقد يكون هذا أحد أعراض الخرف، لكنه ليس كذلك دائمًا). فإذا أثار شخص ما مخاوفه بشأن مشكلات الذاكرة الخاصة به، عليك عدم التقليل من شأن ذلك، لأنه ربما يتطلب الأمر شجاعة منه للاعتراف بمخاوفه.
لقد سمعت أحد أقاربي يقول لأمي: «آه، لقد تركت القدر على الموقد. لقد فقدت السيارة في المبنى المتعدد الطوابق في ذلك اليوم». كانت والدتي تعاني من الخرف، لكن قريبها لم يكن كذلك.
من الصعب التعامل مع الأشخاص الذين يصرون على أنه ليس لديهم مخاوف. وأحد الأساليب لتسهيل التعامل معهم هو أن تقول: “أعلم أنك لست قلقًا، لكنني قلق، وأتساءل عما إذا كنت ستزور الطبيب تخفيفًا لمخاوفي؟”.
إن توضيح أن مشاكل الذاكرة يمكن أن يكون لها أسباب قابلة للشفاءإلى حد مايعني يجب زيارة الطبيب لاستبعاد هذه الأسباب على الأقل، ويعد ذلك خطوة مهمة. كما يمكن تشجيع الشخص بالقول: “إذا كان هناك شيء في ذاكرتك يزداد سوءًا بمرور الوقت، فهل تريد أن تعرفه؟” (تكون إجابة معظم الناس على هذا السؤال: نعم).
زيارة الطبيب العام
إذا وافق شريكك على زيارة الطبيب العام، فمن المفيد الاستعداد لذلك عن طريق ملء مذكرات بنوع مشاكل الذاكرة (أو غيرها) التي واجهتها لمدة أسبوع، وما كان يحدث في ذلك الوقت، وتأثير فشل الذاكرة، ومشاركة كل هذا مع الطبيب العام لمساعدته على فهم مشكلاته.
عندما يسمع الناس كلمة الخرف كمجرد اقتراح، فإنهم يواجهون حالة من عدم اليقين بشأن ما سيحدث لهم، وما سيخسرونه، وما يمكنهم مواكبته، وأين سينتهي بهم الأمر. وغالبًا ما تتم مشاركة هذه الشكوك مع أفراد الأسرة. لكن الأبحاث تظهر أنه وبمرور الوقت تتفوق الجوانب الإيجابية للتشخيص في الوقت المناسب على هذه المخاوف.
وفي الوقت نفسه، غالبًا ما تكون هناك ضغوط مستمرة تتعلق بضعف الذاكرة أو الارتباك. فبالإضافة لهذه الضغوطات، يمكن أن تكون الحياة اليومية مزعجة، وتتأثر العلاقات الأسريةسلبًا، وقد يجد الناس صعوبة في دعم بعضهم البعض.
إن الصدق والانفتاح هو أفضل سياسة يمكن اتباعها. فالإشارة بالقول: “إننا في هذا معًا”، “أريد المساعدة”، “دعونا نواجه كل ما يحدث وجهًا لوجه”، يمكن أن يساعد. وإذا كان الشخص مقاومًا، فقد يكون هناك فرد آخر في العائلة يمكنه المساعدة بشكل أفضل.
- ترجمة: فضيلة محجوب
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1