صخور ساخنة في القشرة الأرضية شقَّت محيطًا في منغوليا قبل 410 ملايين سنة

تشكل محيط في ما يعرف الآن بمنغوليا قبل 410 ملايين سنة نتج عن تدفق صخري من الصخور الساخنة يعرف باسم عمود الوشاح.

قبل أكثر من 400 مليون سنة، أدّى انبجاس صخري من وشاح الأرض إلى تمزيق القشرة في منغوليا؛ مما أدّى إلى خلق محيط بقي لمدة 115 مليون سنة.

التاريخ الجيولوجي لهذا المحيط يمكن أن يساعد الباحثين على فهمِ دورات ويلسون، أو العملية التي تنفصل فيها القارات العظمى وتلتحم معًا. هذه عمليات بطيئة على نطاقٍ واسع تتقدم بأقل من بوصة في السنة، كما قال المؤلف المشارك في الدراسة (دانييل باستور-غالان) وهو عالم جيولوجيا في المجلس الوطني للبحوث الإسبانية في مدريد.

يخبرنا عن العمليات الأرضية التي ليس من السهل فهمها وليس من السهل رؤيتها أيضًا، هذا ماذكره باستور-غالان لموقعLive Science.

يمكن لعلماء الجيولوجيا إعادة بناء تفكك القارة العظمى الأخيرة (بانجيا) منذ 250 مليون سنة بدقّةٍ كبيرة. لكن قبل ذلك من الصعب نمذجة كيفية تفاعل الوشاح والقشرة بشكلٍ دقيق.

في دراسة حديثة، كان الباحثون مفتونين بالصخور البركانية في شمال غرب منغوليا من العصر الديفوني (منذ 419 مليون إلى 359 مليون سنة).

كان يعرف العصر الديفوني بإسم “عصر الأسماك” حيث هيمنت الأسماك على المحيطات وبدأت النباتات بالانتشار على اليابسة. في ذلك الوقت، كان هناك قارتان رئيسيتان (لورنتيا وجندوانا) بالإضافة إلى امتدادٍ طويل من القارات الدقيقة التي ستصبح في النهاية ما نعرفه الآن بآسيا. هذه القارات الصغيرة تلاصقت تدريجيًا واندمجت في عملية تعرف بالتراكم.

بدأ الباحثون العمل الميداني في شمال غرب منغوليا في عام 2019 حيث الصخور الناتجة عن إلتحامِ القارات قد ظهرت على السطح، وقاموا بدراسةِ أعمار وكيمياء الطبقات الصخرية القديمة. ووجدوا أنه قبل حوالي 410 ملايين إلى 415 مليون سنة، تشكل محيط يُدعى محيط منغول-أوخوتسك في المنطقة. وكشفت كيمياء الصخور البركانية التي صاحبت هذا التصدع عن وجود عمود وشاح، تدفق من الصخور الطافية من الوشاح شديدة الحرارة.

قال المؤلف الرئيسي للدراسة مينغشواي تشو، أستاذ الجيولوجيا والجيوفيزياء في الأكاديمية الصينية للعلوم، لموقع Live Science: «عادةً ما تكون أعمدة الوشاح واقعة في المرحلةِ الاولى من دورة ويلسون: زحزحة القارات وظهور المحيطات، مثل المحيط الأطلسي».

قال تشو: «في العديد من الحالات، يحدث هذا الانزياح القاري في وسط كتلة صلبة من القارة؛ مما يؤدي إلى تمزيقها. ومع ذلك، في هذه الحالة، تكون الجيولوجيا معقدة بشكلٍ خاص؛ لأن العمود كان يمزق القشرة التي تجمعت سابقًا من خلال التراكم. النقاط الضعيفة بين القارات الصغيرة المتراكمة، بالإضافة إلى عمود الوشاح، ربما ساعدت في تكوين المحيط».

نشر الباحثون نتائجهم في 16 مايو/أيار في مجلة Geophysical Research Letters.

قال باستور-غالان إن المحيط أُغلق في نفس المكان الذي انشق منه، وهو نمط شائع في دورات حياة المحيطات لكن الباحثين نظروا فقط إلى لقطةٍ من انشقاق المحيط في هذه.

الدراسة.

قال باستور-غالان: «من الجيد أن النقطة الساخنة تكون مستقرة نسبيًا وتستمر في نفس المكان لعدة ملايين من السنين». وأوضح أنه مع تحرك القارات في القشرة فوق البقعة الساخنة في الوشاح، تترك البقعة الساخنة وراءها صخورًا بركانية وعلامة كيميائية مميزة؛ مما يساعد الباحثين على تتبع حركة الصفائح عبر آلاف السنين.

قال باستور-غالان إن آسيا لم تعُد تجمع قارات صغيرة جديدة، ولكن تكوين محيط منغول-أوخوتسك كان على الأرجح مشابهًا لما يُرى اليوم في البحر الأحمر حيث امتداد القشرة بمعدل حوالي 0.4 بوصة (1 سنتيمتر) في السنة. يُعتبر البحر الأحمر جزءًا من تصدع قاري أكبر قد يخلق محيطًا جديدًا تمامًا في شرق إفريقيا على مدى عشرات الملايين من السنين، على الرغمِ من أن الجيولوجيين لا يعرفون بعد ما إذا كانت القوى القارية الأخرى ستمنع هذا المحيط من الانفتاح بالكامل، هذا وفقًا لمجلة Eos.

يخطط (تشو) وزملاؤه الآن -باستخدامِ بياناتهم- لإنشاءِ نماذج حاسوبية لوصف تكتونيات محيط الديفوني القديم المعقدة بشكلٍ أفضل.

  • ترجمة: ريم حلمي
  • تدقيق لغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1