عجائب الدنيا السبع في العالم القديم

عجائب الدنيا السبع القديمة هي قطع مختارة من الفن والهندسة المعمارية الاستثنائية، في الشرق الأوسط وشمال افريقيا وجنوب أوروبا.

وقد ناقش وشرح عدد من الكتاب القدماء وكتاب العصور الوسطى من أوروبا والشرق الأوسط السبب وراء تسميتها بهذا الاسم، مع العلم أن هذا المصطلح (عجائب) لم يستخدمه كل الكتاب للتعبير عنها.

كان الكاتب اليوناني القديم، الذي عاش من 484 إلى 425 قبل الميلاد، من أوائل الكتاب الذين تناولوا هذه العجائب في كتاباتهم، وبالرغم أنها لم تنجو، إلا أنه أُشير إليها في نصوص لاحقة.

نُقشت هذه العجائب التي يجب تضمينها في القائمة على مدار آلاف السنين، إذ اقترح مؤلفون مختلفون مواقع مختلفة. كتب كلٌ من بيتر كلايتون ومارتن برايس في كتاب (عجائب الدنيا السبع في العالم القديم)؛ القائمة التي لدينا اليوم، «أصبحت ثابتة فقط في عصر النهضة».

في هذا المعرض، يقدم Live Science نظرة موجزة على كل من هذه العجائب السبع.

1- الهرم الأعظم في مصر، الجيزة

الهرم الأعظم في الجيزة بالإضافة إلى أنه الأقدم على القائمة، فهو الوحيد الذي مازال قائمًا على حاله لليوم، ولقد بُنيَ ليكون ضريحًا للفرعون المصري القديم خوفو، منذ ما يقارب 4600 سنة، وقد كان الهيكل الأطول في العالم، إلى حين بناء البرج المركزي في كاتدرائية لينكولن في انجلترا عم 1311.

كان طول الهرم الأعظم 481 قدمًا (147مترًا) عندما أُكتُمِلَ بناؤه لأول مرة، ولكن الآن، أصبح طوله 455 قدمًا (139مترًا)؛ بسبب فقدان بعض أحجاره. يحتوي الجزء الداخلي من الهرم على نظام من الممرات تقود إلى ما يسمى (البهو الكبير) والذي ينتقل للأعلى باتجاه غرفة فيها تابوت فارغ – وغالبًا ما يسمى ب (حجرة الملك).

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الممرات تقود أيضًا إلى حجرتين أخريين، بما في ذلك ما يسمى أحيانًا ب (حجرة الملكة)، مع أنه من المرجح أنه لا يوجد فيها ملكة، وحجرة تحت أرضية تقع تحت الهرم، والغرض من هذه الحجرتين هو محل النقاش. كشف العلماء سنة 2017، أثناء إجراء مسح ضوئي للهرم، عن وجود تجويف كبير أعلى البهو الكبير، والتي من الممكن أن يحتوي على حجرة واحدة أو أكثر.

2- حدائق بابل المعلقة في العراق

وفقًا للأسطورة، في القرن السادس قبل الميلاد، بنى الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني، متاهة هائلة من الشلالات والنباتات الكثيفة، المتداخلة مع قصره، لأجل إرضاء زوجته، أميتيس من مملكة ميديا، التي كانت تفتقد موطنها الخصب في بلاد فارس.

ومع ذلك، ماتزال حقيقة وجود هذه الحدائق هو محل نقاش علماء الآثار.

وقد وصف العديد من الكتاب القدماء هذه الحدائق، إذ ذكرها المؤرخ اليوناني القديم ديودور الصقلي في القرن الأول قبل الميلاد قائلًا: عند الاقتراب من الحديقة المنحدرة كالتلال وقد ارتفعت العديد من أجزاء الهيكل طبقة فوق الأخرى، تبدو جميعها بمظهر مشابه للمسرح.

لم تنجح الحفريات الأثرية التي أجريت في موقع ببابل، والتي تبعد 60 ميل (100كم) عن جنوب بغداد في العراق حاليًا، في الكشف عن موقع يمكن تحديده بصورة قطعية، على أنه الحدائق المعلقة.

بالإضافة إلى أنه لا يوجد أية سجلات بابلية باقية، تأتي على ذكرها.

إحدى الفرضيات تقول؛ أن ديدور الصقلي وغيره من الكتاب القدامى، قد أخطأوا في تحديد الموقع، وفي الحقيقة قد شيدت هذه الحدائق في نينوى، بالقرب من الموصل الحالية، في شمال العراق.

3- تمثال زيوس في اليونان، أولمبيا

بُنيَ في عام 450 قبل الميلاد على وجه التقريب، كان التمثال الجالس لكبير آلهة اليونان الأولمبي بطول 40 قدمًا (12مترًا)، وصُنع بمعظمه من العاج، وهو من صنع النحات فيدياس، وقد كتب ستابو، الكاتب اليوناني القديم، الذي عاش من عام 64 قبل الميلاد إلى 24بعد الميلاد تقريبًا، واصفًا التمثال:

«ويظهر زيوس جالسًا، ويكاد رأسه يلمس السقف، مما يعطي انطباعًا أنه إذا نهض زيوس ووقف منتصبًا، فإنه سيفتح سقف المعبد».

حاول الإمبراطور اليوناني كاليغولا سرقته في حوالي عام 40 م، إذ كتب سويتونيو، الذي عاش بين عامي 69م إلى 122م؛ «أمر كاليغولا بجلب تمثال زيوس وتماثيل الآلهة الأخرى من اليونان، لتُنزَع رؤوسها ووضع رأسه مكانها»، إلا انه اُغتيل قبل أن تنفذ أوامره.

لم يحدد بدقة متى تعرض التمثال للتدمير. إذ تُظهر السجلات القديمة، أنه في القرن الخامس الميلادي، أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية اليونانية، وبالتالي تعرضت المعتقدات اليونانية التقليدية للاضطهاد، فمن المحتمل أنه تم تدميره في هذه الفترة تقريبًا.

4- معبد آرتميس في أفسس، تركيا

بناه كرويسوس ملك ليديا، في حوالي عام 550 قبل الميلاد، أشاد الكتاب القدامى بهذا المعبد لجماله. ذكره المؤرخ مايكل إميندورفر في كتابه (أفسس وأرتميس: عبادة آلهة أفسس العظيمة كسياق للرسالة الرسول)، هو أصغر معبد لآرتميس، الإله المرتبط بالحيوانات والصيد، كان موجودًا سابقًا في أفسس، لكن وسعه كروسوس، الذي احتل المنطقة مؤخرًا، إلى حد كبير.

وفي حوالي عام 356 قبل الميلاد، أضرمت النيران بالمعبد، وأُتُّهمَ رجلٌ يدعى هيروسترات بالقيام بذلك سعيًا وراء الشهرة، ولكنه أمرٌ مشكوك فيه، إذ كتب إميندورفر مشيرًا إلى أن الناس ربما كانوا يبحثون عن كبش فداء في هذه الحادثة، فهم لا يريدون أن يصدقوا أن صاعقة يمكنها أن تُحرق معبد الإله. وعلى أية حال قد أعيد بناء المعبد.

وأضاف إميندورفر، أنه في عام 262م تضرر المعبد بفعل زلزال، ونُهِبَ على يد القوط – مجموعة من الشعوب الجرمانية الذين من المحتمل أن يكونوا قد نشأوا في الدول الاسكندنافية-.

وعلى ما يبدو تم التخلي أو تدمير كل ما تبقى من المعبد في القرن الخامس الميلادي على وجه التقريب، وأشار كتابٌ مسيحيون، أن نهاية المعبد كانت في تلك الفترة.

5- الضريح في هليكارناسوس، تركيا

بُني للملك موسولوس، مرزبان مملكة كاريا في شمال الأناضول، والذي مات في عام 353 قبل الميلاد، ولقد ترك هذا القبر انطباعًا قويًا لدى الكتاب القدامى، وهو من أحّدَث اسم موسولوس (الضريح). كتب الكاتب الروماني بليني الأكبر (من 32م إلى 79م)، إن الضريح كان نتاجًا لعمل فريق من خيرة النحاتين في ذلك الوقت – سكوباس وبرايكسس وتيموثيوس وليوشارس- الذين عملوا معًا لإكمال هذا المشروع بالرغم من أنهم يعتبرون أنفسهم متنافسين.

عندما توفيت أرتميسيا، زوجة موسولوس، في حوالي عام 350 قبل الميلاد، كان الضريح غير مكتمل، ولم يكن مؤكدًا ما إذا كان النحاتون سيستمرون ببذل الجهد في انهاء العمل، ولكن على الرغم من ذلك، استمر الفريق في العمل، إذ كتب بليني: «ومع ذلك، هم لم يتركوا عملهم حتى الانتهاء منه، معتبرين أن هذا العمل سيخلد ذكراهم، ويعتبر إضافة قيًّمة لفن النحت عبر التاريخ».

كتب بليني واصفًا الضريح: كان ارتفاعه 140قدمًا (43مترًا)، يعلوه قاعدة هرمية مع 63 عامود، لا تزال بقايا الضريح مرئية حتى اليوم، لكنها مدمرة – إذ أدى مرور الزمن وإعادة استخدام أحجاره لمباني أخرى إلى انهيار الضريح تدريجيًا.

6- تمثال العملاق رودوس، اليونان

تمثال رودوس، تمثال ضخم يصور إله الشمس اليوناني هيليوس، شُيدَ على جزيرة رودس قبالة السواحل تركيا الحديثة، في قرابة عام 280 قبل الميلاد، وقد انهار أثناء زلزال في عام 226 قبل الميلاد. واليوم لم يبقى شيء من هذا العملاق، وتحديد موقع التمثال وارتفاعه بدقة هو موضوع نقاش بين الباحثين. كتب روبرت كيبريك، وهو أستاذ تاريخ متقاعد في جامعة لويزفيل، في مقال نشر في 2019 في مجلة أثينا للعلوم الإنسانية والفنون؛ وذلك بعد قيامه بتحليل للتوصيفات التي ذكرها الكتاب القدامى: ربما كان طول التمثال بحد ذاته 110 قدمًا (24 مترًا) أو ربما كان يقف على عمود ثلاثي الطبقات يبلغ ارتفاعه حوالي 50 قدمًا (15 مترًا)، وهذا من شأنه أن يعطيه ارتفاعًا إجماليًا ليصل إلى 160قدمًا (49مترًا).

في حين تتخيل الأعمال الفنية التصويرية التمثال ممتدًا على ميناء رودوس، كتب كيبريك: من المرجح أن يكون موقع التمثال على قمة اكروبولس في مدينة الرئيسية في الجزيرة، إذ إن عددًا من المعابد والآثار الدينية موجودة في ذلك الموقع في تلك الفترة.

7- منارة الإسكندرية _ مصر

بُنيت بأمر من الفرعون بطليموس الثاني فيلادلفيوس، والذي حكم في الفترة 285 إلى 246 قبل الميلاد على وجه التقريب، أَرشَدَتْ منارة الإسكندرية البحارة إلى الإسكندرية في مصر، أحد أكبر الموانئ في العالم القديم. بُنيَت على جزيرة فاروس الواقعة عند مدخل ميناء الإسكندرية، وأُنشِئَ جسر لربط الجزيرة بالبر الرئيسي. زُودَت المنارة بمرآة تعكس أشعة الشمس أثناء النهار، ويتم إشعال النار في الليل وفي أوقات أخرى عند الضرورة.

كتبت دوريس برينس أبو سيف، وهي أستاذة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، في مقالة نشرت 2003 بمجلة المقرنصات، تتفاوت التقديرات حول ارتفاع المنارة، ولكنها ربما تكون قرابة 400 قدمًا (122 مترًا). واستخدمت المنارة خلال العصور الوسطى، ولكنها انهارت في منتصف القرن الرابع عشر. إذ ساهمت الأضرار الناجمة عن الزلزال والتآكل الساحلي في انهيارها، عل الرغم من الجهود المبذولة خلال العصور الوسطى لإصلاح الأضرار.

ما تبقى من المنارة اليوم، بالإضافة إلى جزء كبير من الإسكندرية القديمة، يقبع تحت الماء. إذ أكتشف علماء الآثار بقايا المنارة في عام 1994، ومازالت قيد الدراسة.

  • ترجمة: هزار حمود
  • تدقيق علمي ولغوي: بلال سلامة
  • المصادر: 1