اللّدائن الدّقيقة في عيّنات السّائل المنويّ: خطر يُهدّد الخصوبة
اكتشف فريق من الباحثين وجود لدائن دقيقة، وهي جسيمات ميكروبلاستيكية ذات أبعاد صغيرة، في جميع العيّنات الأربعين للسّائل المنويّ الّتي فحصوها من رجال أصحّاء، ممّا يسلّط الضّوء على الحاجة الملحّة لدراسة تأثير هذه الجزيئات الصّغيرة على التّكاثر البشريّ.
لقد حدّد الباحثون من عدّة مؤسّسات صينيّة، عبر دراسة نُشرت في مجلّة «علم البيئة الشّاملة (ساينس أوف ذا توتال إنفايرومنت) – Science of the Total Environment»، ثمانية بوليمرات مختلفة في العيّنات، وكان ال «بولي ستايرين – Polystyrene» هو الأكثر شيوعًا بينها.
ووفقًا لما أوردته صحيفة «الغارديان – The Guardian»، تعدّ هذه الدّراسة هي الأحدث ضمن سلسلة من الدّراسات الّتي وجدت اللّدائن الدّقيقة في السّائل المنويّ.
ورغم أنّ تأثير هذه اللّدائن الدّقيقة على التّكاثر والصّحّة البشريّة لا يزال غير مفهوم بشكل كامل، إلّا أنّ الباحثين قد وثّقوا أيضًا انخفاضًا عالميًّا في عدد الحيوانات المنويّة ومشاكل أخرى مرتبطة بعدد من العوامل البيئيّة ونمط الحياة تؤثّر على الخصوبة الذّكوريّة.
وقد وجدت دراسات أخرى أنّ تلك اللّدائن الدّقيقة يمكن أن تقلّل من عدد الحيوانات المنويّة لدى الفئران، كما أنها تعطّل نظام الغدد الصّمّاء البشريّ.
وتُذكّرنا هذه النّتائج الجديدة بشكل صارخ بمدى انتشار اللّدائن الدّقيقة في العالم؛ لقد عُثر عليها تسدّ الشّرايين البشريّة، وفي قوارير المياه المُعبّأة، وحتّى في السُّحُب، والكهوف المغلقة الّتي لم يطلها البشر!
وبناءً على الأبحاث الأخيرة، قد يكون لهذه الملوّثات الصّغيرة عواقب مقلقة في ما يتعلّق بقدرة البشر على التّكاثر.
كتب الباحثون في الدراسة: «مع زيادة الأبحاث الّتي تربط بين التّعرّض للّدائن الدّقيقة وتأثيرها المحتمل على صحّة الإنسان، يصبح فهم مدى التّلويث البشريّ وعلاقته بالنّتائج التّناسليّة أمرًا بالغ الأهمّيّة».
وأضافوا: «تشير الدّراسات الّتي أُجريت على الفئران إلى انخفاض كبير في عدد الحيوانات المنويّة القابلة للحياة، وزيادة في تشوّهات الحيوانات المنويّة، ممّا يدلّ على أنّ التّعرّض للّدائن الدّقيقة قد يُشكّل خطرًا مزمنًا وتراكميًّا على صحّة التّكاثر الذّكوريّة».
كما أشارت دراسة أخرى نُشرت في أيار/مايو 2024 في مجلّة «العلوم السُّمّيّة (توكسيكولوجيكال ساينس) – Toxicological Sciences» إلى وجود اللّدائن الدّقيقة في جميع عيّنات الخصيتين لدى 47 كلبًا و23 إنسانًا.
قال البروفيسور شياوزهونغ يو من جامعة نيو مكسيكو، وهو أحد مؤلّفي هذه الدّراسة، لصحيفة الغارديان: «في البداية، شككت في ما إذا كان يمكن للّدائن الدّقيقة اختراق الجهاز التّناسليّ، وعندما تلقّيت النّتائج الخاصّة بالكلاب، شعرتُ بالدّهشة، ثمّ زادت دهشتي عندما تلقّيت النّتائج الخاصّة بالبشر».
وأضاف يو: «والأسوأ من ذلك، أنّ هذه العيّنات تعود إلى عام 2016، ممّا يشير إلى أنّ التّأثير على الجيل الأصغر قد يكون أكثر إثارةً للقلق، نظرًا للانتشار المتزايد لهذه الجزيئات».
ونتيجةً ذلك، يدعو الخبراء إلى اتّخاذ إجراءات للحدّ من كمّيّة البلاستيك المُنتَجة عالميًّا، والّتي ينتهي الكثير منها إلى تلويث أجسامنا والبيئة.
صرّح لويجي مونتانو من جامعة روما، وهو مُشارك في تأليف دراسة مُنفصلة وجدَت جزيئات اللّدائن الدّقيقة في السّائل المنويّ البشريّ، لصحيفة الغارديان: «هناك حاجة لاتّخاذ إجراءات خاصّة لتجنّب أضرار إضافيّة دائمة على الكوكب وعلى جسم الإنسان». وأضاف: «إذا كان التّلوّث باللّدائن الدّقيقة يؤثّر على العمليّة التّكاثريّة الحيويّة كما يبدو من خلال تدهور جودة السّائل المنويّ الّذي سُجّل في العقود الأخيرة عالميًّا، فقد يكون لذلك تأثير مدمّر على نوعنا البشريّ في المستقبل القريب».
- ترجمة: نِهال عامر حلبي
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1