تكلفة مأساوية لأدمغة البشر الأكبر حجمًا، حسب ما توصلت إليه إحدى الدراسات
لم يسمح الذكاء للنوع البشري بالبقاء فقط ولكنه جعلنا نزدهر عبر مجموعة من البيئات، إلا أن بحث جديد كشف أن ذكائنا المفيد كان له ثمن وهو احتمالية أكبر كثيرًا لتدهور المخ.
ووجد عالم الأعصاب سام فيكري وزملاؤه من جامعة هاينريش هاينه أن السعة العصبية الإضافية التي طورناها منذ الانفصال عن أقرب أقربائنا منذ أكثر من ستة ملايين عام جعلت المادة الرمادية أكثر عرضة للتأثر بتقدم العمر.
ولقد طبق فيكري وفريقه الخوارزميات على التصوير بالرنين المغناطيسي على 180 شمبانزي (بان تروجلوديت) و480 دماغًا بشريًا كي يمسح أحجام المادة الرمادية ويقارنها. وأيضًا من أجل فحص الفروق بين أدمغة الشمبانزي وقرود البابون الزيتونية (بابيو أنوبيس)، وقرود المكاك الريسوسية (ماكاكا مولاتا).
ووجد الفريق في مقارنة بين الشمبانزي والبابون عدم وجود اقتران بين توسع الدماغ والانحدار المرتبط بالعمر، حتى أنهم وجدوا تحسن في صحة الدماغ مع تقدم العمر في مقارنة ما بين قرود المكاك والشمبانزي مما يشير إلى أن التوسع القشري الفريد لدينا هو الذي زاد من تعرض نوعنا للتدهور الدماغي المرتبط بالعمر.
ووضح فيكري وفريقه أن “قشرة الفص الجبهي تلعب دورًا هامًا في الوظائف المعرفية ذات الدرجة الأعلى، مثل التحكم التنفيذي والذاكرة العاملة واللغة، وأن التوسع الأكبر لقشرة الفص الجبهي التي كانت ذات دور فعال في التطور الإدراكي لدى الرئيسيات، يأتي على حساب الانخفاض الشديد في المادة الرمادية المرتبط بالعمر لدى البشر”.
تعد المناطق التي في أدمغة الشمبانزي أكبر مقارنة بالبابون والمكاك عادة وتلعب دورًا أكبر في المعلومات الحسية والحركية وهذا على نقيض طريقة توسع أدمغة البشر كي تستوعب الوظائف القشرية الأعلى، وقد كتب فيكري وزملاؤه في بحثهم: “قد يكون هذا مرتبطًا بتحسن قدرات الشمبانزي على استخدام الأدوات مقارنة بقرود السيركوبيثيكويد”.
ومع تقدمنا في السن، يمكن أن تتفاقم أنماط التغير العصبي المتميزة التي تظهر بسبب الاضطرابات الانحلالية مثل الزهايمر والشلل الرعاش.
وتعد قشرة الفص الجبهي من المناطق الأولى التي تتأثر بالتغيرات المصاحبة لتقدم العمر وللغرابة أنها تدعم نظرية تشير إلى أن أخر أجزاء تنضج في دماغنا عند النمو هي أول من يتعرض للتدهور عند التقدم في العمر. ويعتقد الباحثون أيضًا أن هذه المناطق من الدماغ تحتوي على كثافة أقل من الخلايا العصبية مقارنة بالمناطق الأخرى، مما قد يساهم في هشاشة خلاياها، بينما يتعرض الشمبانزي لفقدان المادة الرمادية عند التقدم فالعمر إلا أن ذلك الفقدان يحدث بمدى أقل كثيرًا من البشر.
ويحذر فيكري وفريقه من أن أغلب عينات التصوير بالرنين المغناطيسي للشمبانزي كانت من الإناث، وهو ما قد يحرف نتائجهم. لذا فإن هناك حاجة إلى مزيد من البحث مع نسبة متوازنة بين الجنسين في جميع الأنواع المقارنة لتأكيد نتائجهم.
وإذا ثبتت دقة نتائج الفريق، فمن المؤكد أنها تضفي لمسة شخصية على المثل القائل: مع القوة العظيمة تأتي مسؤولية عظيمة، إذ يتطلب الحفاظ على القدرات المذهلة لعضو التفكير لدينا استثمار المزيد من الوقت والجهد في الاعتناء به إذا أردنا أن تستمر قدراتنا العقلية الخارقة لفترة أطول.
- ترجمة: أسماء حسيني محمد
- تدقيق علمي ولغوي: رنا حسن السوقي
- المصادر: 1