علماء يدربون النمل على تتبُّع رائحة خلايا السرطان في ثلاثين دقيقة فقط

تحاكي الحشرات دقة الكلاب المُدرَّبة، ولكنها لا تضاهي قدرتها على العناق.

درب فريق من الباحثين -مقرهم الرئيسي جامعة (السوربون) في باريس- عدداً من النمل ليتمكن من تعرُّف الرائحة الدقيقة لخلايا السرطان، مشيرين إلى إمكانية الكشف عن السرطان لدى البشر عن طريق إغراء النمل، وقد نُشرت اكتشافات الباحثين المذهلة مؤخّرًا في صحيفة (iScience).

إن النمل معروف بقدرته الملحوظة على التعاون وبقوّته النسبية المضحكة، إذ يمكنه حمل ما يتراوح بين عشرة إلى خمسين ضعفاً من وزنه، وعلاوةً على ذلك أُشير حديثاً إلى حدة حاسة الشم لديه، وذلك على إثر اكتشاف العلماء في جامعة (فانديربلت) في عام 2012 امتلاك النمل مستقبلاتٍ حسية للروائح تفوق تلك التي تمتلكها معظم الحشرات الأخرى بأربع إلى خمس مرات، وقد تبيّن أن النمل -بصفته الاجتماعية النموذجية- يستخدم حاسّة الشمّ لديه للتواصل مع الأفراد والتعرُّف عليهم في مستعمرة النمل كثيفة السكان.

وبالتأكيد ساهمت هذه الاكتشافات الحديثة في إشباع فضول باحثي جامعة (السوربون) لتجربة النمل كاشفاً عن السرطان، ففي البداية درب الباحثون في دراستهم أعداداً كبيرة من النمل من نوع (Formica fusca) -الموجود بكثرة في أوروبا- على تمييز خلايا الإنسان السرطانية الموجودة في ورم عن الورم وحده وتمييزها عن الصمّامات المُفرَغة، وذلك من خلال وضعهم محلولاً سكّريًّا مُغرياً للنمل قرب الخلايا السرطانية كمكافأة، ثم بعد أن يُزال ذلك المحلول السكري يستمر النمل في البحث عن الخلايا السّرطانيّة رابطاً رائحتها بمذاق السكر اللذيذ.

لاحقاً، نجح الباحثون في إجراء اختبارٍ مشابه مُستخدِمين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة في صدر الإنسان، ولم يقف الباحثون عند هذا الحدّ، بل قاموا بتدريب النّمل فيما بعد على التّمييز بين مجموعتين مختلفتين من الخلايا السرطانيّة، وقد اكتسب النمل دقة عالية في التعرُّف على الخلايا السّرطانيّة المُستهدَفة، وذلك بعد ثلاث محاولات تدريبٍ فقط.

ولإظهار مدى نموذجيّة أداء النمل، قارنه الباحثون بأداء الكلاب؛ لأن الكلاب حالياً أكثر الحيوانات التي تُدرس قدرتها وتُستخدم في الكشف عن الروائح، وقد توصل الباحثون إلى أن «النمل مساوٍ للكلاب… من حيث القدرة على الكشف لدى كلٍّ منها»، «وفي بعض الجوانب، فإنّ النّمل يتفوّق على الكلاب لأن النمل يتطلب وقتاً أقل بكثير لتدريبه (30 دقيقة مقارنة ب 6-12 شهراً للكلاب) كما يتطلب تكاليف أقلّ للتدريب والبقاء “.

الكلاب مقابل النّمل

غير أن الكلاب قد دُرّبت كذلك على كشف علامات السرطان في الثدي، والبلازما، والبول، وعيّنات اللُّعاب، ولكن التساؤل الذي ما زال قائماً فيم إذا كان النمل قادراً على الوصول إلى هذه الدرجة من الثبات، وهو ما يخطط فريق جامعة (السوربون) لاكتشاف إجابته.

كما يتساءل الباحثون عن إمكانية الإفادة من النمل في الحالات الطبيعية الأخرى التي يستفاد فيها من الكلاب البوليسيّة حاليًّا، وتعقيباً على ذلك كتب الباحثون: «من الممكن أن يُكيَّف منهجنا لسلسلة من المهام المعقّدة للكشف عن الروائح، والتي تتضمن الكشف عن المواد المخدِّرة، والمتفجّرات، والطعام الفاسد، أو أمراضٍ أخرى (الملاريا، والأمراض المُعدية، ومرض السكّر على سبيل المثال)».

احذري أيتها الجِراء، فقد يستأثر النمل بعملكِ!

أُعيدت طباعة هذا المُقتطف بإذن من “Big Think”، حيث نُشر هناك أوّلاً.

  • ترجمة: آلاء أشقر
  • تدقيق لغوي: دانية دويرج
  • المصادر: 1