كم من الممكن أن تبلغ قوة الأعاصير؟

يوجد حد نظري للحد الأقصى لسرعة الرياح العاصفة المستمرة إلا أن التغير المناخي قد يزيد من “حدة السرعة”.

يبدو أن الإعصار ميلتون، المتوقع وصوله إلى اليابسة على ساحل فلوريدا يوم الأربعاء التاسع من تشرين الأول/أكتوبر أو في وقت مبكر من يوم الخميس العاشر منه، قد جاء من العدم. فقد كان الإعصار مجرد عاصفة استوائية يوم الأحد، ثم ازدادت شدته إلى الفئة الخامسة يوم الاثنين السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مع رياح مستمرة بسرعة 180 ميلًا في الساعة (289 كم/ساعة) قبل أن يضعف قليلاً يوم الثلاثاء الثامن من تشرين الأول/أكتوبر.

ولكن ما مدى قرب سرعة الرياح المستمرة في ميلتون من الحد الأقصى النظري؟ وهل هناك حد صارم؟

يوجد “حد أقصى للسرعة” لسرعة الرياح المستمرة يسمى “الحد الأقصى المحتمل للرياح”، إلا أنه ليس مطلقًا؛ فهو يتحدد بعدة عوامل، بما في ذلك الحرارة الموجودة في المحيط. وتبلغ الحسابات الحالية للشدة القصوى المحتملة للعواصف ذروتها عادةً حوالي 200 ميل في الساعة (322 كم/ساعة).

إلا أن هذا قد يتغير في العقود القادمة مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات وتغير المناخ. وقال كيري إيمانويل، الأستاذ الفخري لعلوم الغلاف الجوي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي طور النموذج: إن احتمالية حدوث عواصف قوية قد ارتفعت بالفعل على مدى السنوات الثلاثين الماضية. وكذلك العواصف الوحشية الفعلية، فقد شهدت خمس عواصف مسجلة رياحًا تجاوزت سرعتها 192 ميلًا في الساعة (309 كم/ساعة). وقد حدثت كل هذه العواصف منذ عام 2013.

وقال إيمانويل لموقع ليف ساينس (Live Science): “أعتقد أنه بحلول نهاية القرن، إذا لم نفعل الكثير من الكبح فستكون السرعة أقرب إلى 220 ميلًا في الساعة”.

ما الذي يقود العاصفة

قال جيمس كوسين، وهو عالم مناخ متقاعد من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ويعمل الآن مستشاراً لوكالة “فيرست ستريت” المتخصصة في نمذجة المخاطر المناخية: إن حساب الحد الأقصى لسرعة رياح الأعاصير سهلًا نسبيًا.

وقال كوسين: “إن وقود الأعاصير هو الحرارة التي تستمدها من المحيط، كلما كانت المياه أكثر دفئًا زاد الوقود المتاح”.

وتساعد عوامل أخرى في تحديد الشدة القصوى المحتملة، مثل الحرارة في الغلاف الجوي ودرجة حرارة قمم السحب التي تحدد مدى سرعة انتقال الحرارة من سطح البحر إلى قمة العاصفة، وقص الرياح، وهو الفرق في سرعة الرياح واتجاهها على ارتفاعات مختلفة في الغلاف الجوي. ويمكن أن يؤدي القص الشديد للرياح إلى تمزيق العاصفة وإضعافها ومنعها من الوصول إلى أقصى إمكاناتها. وقد وجدت دراسة للعواصف بين عامي 1962 و1992 أن 20 بالمائة فقط من الأعاصير الأطلسية تصل إلى 80 بالمائة أو أكثر من أقصى شدتها المحتملة، على الرغم من وجود أدلة على أن نسبة أكبر من العواصف بدأت تقترب من حدها النظري، بحسب إيمانويل.

ومع ارتفاع درجة حرارة المحيطات والغلاف الجوي، تزداد قوة العواصف. وأفاد كوسين وزملاؤه في عام 2020 أن نسبة الأعاصير الكبرى زادت بنسبة 8 بالمائة في كل عقد بين عامي 1997 و2017. وهذا يعني أنه مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، قد تصبح العواصف القوية والسريعة الاشتداد مثل ميلتون شائعة شيوعًا صادمًا.

فئات الأعاصير الجديدة

تُصنف الأعاصير على مقياس سافير-سيمبسون، وتتراوح من الفئة 1 (تبدأ من رياح مستمرة بسرعة 74 ميلاً في الساعة، أو رياح بسرعة 119 كم/ساعة) إلى الفئة 5 (تبدأ من رياح مستمرة بسرعة 157 ميلاً في الساعة، أو رياح بسرعة 252 كم/ساعة). وقال إيمانويل إن هذا المقياس غير مكتمل، لأنه يعتمد على سرعة الرياح ولا يشمل الأضرار الناجمة عن العواصف العاتية أو الفيضانات التي تعتبر أشد فتكًا من الرياح.

وقد دفع الاحتمال المتزايد للعواصف القوية كوسين وزميله مايكل وينر من مختبر لورانس بيركلي الوطني إلى اقتراح مقياس سافير-سيمبسون في فبراير/شباط الماضي بأن مقياس سافير-سيمبسون قد يحتاج إلى “الفئة 6″، التي ستشمل العواصف التي تزيد سرعتها عن 192 ميلًا في الساعة (308 كم/ساعة).

وقد حدد الباحثون خمس عواصف مؤهلة بالفعل لهذه الفئة: إعصار هايان (2013) وإعصار باتريشيا (2015) وإعصار ميرانتي (2016) وإعصار غوني (2020) وإعصار سوريجاي (2021). وقد كان إعصار باتريشيا هو الأكثر شدة على الإطلاق والوحيد الذي تجاوزت سرعة رياحه 200 ميل في الساعة. وبلغت سرعة رياح الإعصار 215 ميل في الساعة (345 كم/ساعة) لكنها ضعفت إلى 150 ميل في الساعة (241 كم/ساعة) بحلول الوقت الذي وصلت فيه العاصفة إلى اليابسة.

ونظر ويهنر وكوسين في الأخذ بالحسبان الأعاصير في “الفئة 7” النظرية مع رياح تزيد سرعتها عن 229 ميلًا في الساعة (368 كم/ساعة)، إلا أن حساباتهما أظهرت أن هناك خطرًا ضئيلًا في الوقت الحالي من حدوث عاصفة بهذه القوة، كما قال فاينر لموقع ليف سينس، لذلك استبعدا هذا الاحتمال من ورقتهم البحثية.

وقال فاينر إن لا أحد يعرف حقًا الحد الأقصى للرياح التي يمكن أن يتحملها الإعصار نظريًا إذا استمرت درجات حرارة المياه في الارتفاع. وقال: “تكون هذه التدفقات في جدران هذه الأعاصير القوية والمتميزة حقًا مضطربة كثيرًا إذ تتحرك الرياح بجنون”.

وقال فاينر إن الديناميكيات الدقيقة لجدار الإعصار ليست مفهومة تمامًا. وجاء ضعف ميلتون بعد استبدال جدار الإعصار، وهو ما يحدث عندما يتشكل نطاق جديد من العواصف الرعدية حول عين العاصفة، مما يخنق الرطوبة في جدار الإعصار الأصلي. وقد أدى هذا التحول إلى عدم تركيز طاقة ميلتون، مما أدى إلى زيادة الحجم الكلي للعاصفة ولكنه أدى أيضًا إلى تقليل ذروة رياحها. وقال فاينر إنه ربما تصبح هذه الظواهر التي تضعف العاصفة أمرًا حتميًا عند سرعات الرياح الشديدة، إلا أن هذا ليس مفهومًا تمامًا.

وقال: “لنفترض أننا في عالم أكثر دفئًا بمقدار 4 درجات مئوية، وهو أمر لا يمكن تصوره تقريبًا، إذ تكون أقصى شدة ممكنة أعلى بكثير من 192 ميل في الساعة. فهل يمكن لهذه العواصف أن تحافظ على نفسها بالفعل؟ لا أعتقد أننا نعرف ذلك.”.

  • ترجمة: عبد الرحمن موسى
  • تدقيق علمي ولغوي: رنا حسن السوقي
  • المصادر: 1