البيوتين قد يحمي الدّماغ من الأضرار النّاتجة عن التّعرّض للمنغنيز
بحسب دراسة من المركز الطّبّيّ لجامعة روتشستر
رغم أنّ المنغنيز معدن أساسيّ يساهم في العديد من وظائف الجسم، إلّا أنّ نقصه أو التّعرّض المفرط له يمكن أن يؤدّي إلى مشاكل صحّيّة. عادةً ما يوفّر النّظام الغذائيّ المتوازن كمّيّة كافية من المنغنيز لمعظم الأفراد، ولكن التّعرّض لمستويات مرتفعة منه قد يكون سامًا، خاصّة للجهاز العصبيّ المركزيّ.
يمكن أن يؤدّي التّعرّض المُزمِن للمنغنيز إلى حالة تُعرف باسم «التّسمّم بالمنغنيز – Manganism»، الّتي تتميّز بأعراض مُشابهة لمرض باركنسون، مثل: الرّعاش، تيبّس العضلات، واضطرابات إدراكيّة.
كشفت دراسة بحثيّة جديدة نُشرت في مجلّة «إشارات العلوم (ساينس سيغنالينغ) – Science Signaling» الآليّات الّتي يُسبّب بها المنغنيز الضّرر للجهاز العصبيّ المركزيّ، وذلك باستخدام نماذج تجريبيّة وخلايا عصبيّة بشريّة. وتشير الدّراسة إلى أنّ فيتامين البيوتين قد يلعب دورًا وقائيًّا، ممّا يساعد في التّخفيف من الأضرار النّاجمة عن التّعرّض للمنغنيز.
يقول الدّكتور ساركار سوفاريش، الأستاذ المساعد في قسمَي الطّبّ البيئيّ وعلوم الأعصاب في المركز الطّبّيّ بجامعة روتشستر، والمؤلّف الرّئيسيّ للدّراسة:
“ارتبط التّعرّض للمعادن السّامّة عصبيًّا، مثل المنغنيز، بتطوّر أعراض مشابهة لباركنسون. في هذه الدّراسة، استخدمنا تقنيات تحليل أيضيّة متقدّمة وغير مستهدفة تعتمد على مطياف الكتلة عالي الدّقّة وحوسبة معلوماتيّة كيميائيّة حديثة، ضمن نموذج جديد لدراسة مرض باركنسون. وقادتنا هذه الجهود إلى اكتشاف أنّ أيض البيوتين قد يكون عاملًا مؤثّرًا في التّدهور العصبيّ النّاتج عن المنغنيز”.
فهم أضرار المنغنيز على الدّماغ
يزيد التّعرّض المهنيّ أو البيئيّ المزمن للمنغنيز، خاصّة من أبخرة اللِّحام وبعض مصادر مياه الشّرب الرّيفيّة، من خطر الإصابة بمتلازمة باركنسون، الّتي تتشارك أعراضًا عصبيّة مع داء باركنسون، لكنّها تختلف عنه في بعض الجوانب. أظهرت دراسات سابقة أنّ المنغنيز يرتبط بالبروتين «ألفا-سينوكلين – Alpha-Synuclein»، ممّا يؤدّي إلى طيّه بشكل خاطِئ وتراكمه في الدّماغ.
استخدم الباحثون في الدّراسة الجديدة ذبابة الفاكهة «الهَمَجة (الدّروسوفيلا) – Drosophila» لتطوير نموذج يحاكي التّعرّض المهنيّ للمنغنيز لدى البشر. وجد الباحثون أنّ التّعرّض للمنغنيز تسبّب في عجز حركيّ، واختلال في وظائف المُتقدِّرات (الجسيمات الكوندريّة) والجُسيمات الحالّة (اللّيزوزومات) داخل الخلايا، وفقدان للخلايا العصبيّة، وتقصير العمر لدى الذّباب.
أثبت الفريق صحّة هذه النّتائج باستخدام الخلايا العصبيّة الدّوبامينيّة البشريّة المُشتقّة من الخلايا الجذعيّة مُتعدّدة القدرات المستحثّة (iPSC) وأظهرت التّجارب أنّ التّعرّض للمنغنيز يُسبّب تلفًا انتقائيًّا لهذه الخلايا، ويُعدّ فقدان الخلايا المُنتِجة للدّوبامين سمة مميّزة لداء باركنسون ومتلازمة باركنسون أيضًا.
هل يمكن أن يُنقذ البيوتين الموقف؟
تشير الدّراسة إلى أنّ فيتامين البيوتين، وهو أحد فيتامينات ب الدّقيقة الّتي يتمّ تصنيعها بواسطة بكتيريا الأمعاء، يُعزّز إنتاج الدّوبامين في الدّماغ. وأظهرت التّجارب أنّ مُكمّلات البيوتين يُمكن أن تعكس السُّمّيّة العصبيّة النّاتجة عن المنغنيز لدى الذّباب والخلايا العصبيّة المُشتقّة من الخلايا الجذعيّة مُتعدّدة القدرات المستحثّة، كما حسّن البيوتين من وظائف المُتقدِّرات، وقلّل من فقدان الخلايا.
يتماشى هذا الاكتشاف مع الاعتراف العلميّ المتزايد بأنّ داء باركنسون يُعتبر اضطرابًا متعدّد الأنظمة، إذ تبدأ أعراضه المبكّرة غالبًا في الأمعاء، وأي تغييرات في ميكروبيوم الأمعاء قد تسهم في تطوّر المرض.
يقول الدّكتور سوفاريش: “تُبدي مكمّلات البيوتين إمكانيّات كاستراتيجيّة علاجيّة للتّخفيف من التّدهور العصبيّ النّاتج عن المنغنيز. ونظرًا لأنّ البيوتين آمن ومُتحمَّل جيدًا لدى البشر، فإنّه يُعتبر مرشّحًا واعدًا لمزيد من الاكتشافات”.
ويضيف: “قد توفّر السّابقات الحيويّة (البريبيوتيكس) الغنيّة بالبيوتين أو المُعينات الحيويّة (البروبيوتيكس) الّتي تنتج البيوتين خيارات تدخُّل غير دوائيّة، لكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدّراسات”.
المساهمون في الدّراسة
من بين المؤلّفين المُشاركين الإضافيّين في الدّراسة كلّ من: بابلو رينا-غونزاليس من مركز جامعة روتشستر الطّبّيّ، وغالي ماور من جامعة هارفارد، ويونجيا لاي وغاري دبليو ميلر من جامعة كولومبيا.
- ترجمة: نِهال عامر حلبي
- المصادر: 1