الدراسات تُغير قواعد اللعبة: موعد احتساء القهوة قد يحمل المفتاح لتعزيز آثارها الصحية

تشير دراسة حديثة إلى أن احتساء القهوة في الصباح فقط قد يساعد عشاقها على تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وخفض معدل الوفيات بمختلف أسبابها، ما يستدعي إعادة النظر في تناولها بعد الظهر والمساء.

أشرف فريق بحثي من جامعة تولين في نيو أورلينز على دراسة وصفية تناولت عادات شرب القهوة لدى 40,725 بالغًا، بما في ذلك عينة مكونة من 1,463 فردًا خضعوا لاستبيان مفصّل حول نظامهم الغذائي من الأطعمة والمشروبات.

وعلى مدى فترة متابعة استمرت نحو عقد من الزمن، أظهرت النتائج أن شرب القهوة في الصباح يقلل من احتمالية الوفاة لأي سبب بنسبة 16%، ومن خطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة 31%، مقارنة بمن لا يشربون القهوة على الإطلاق. وفي المقابل، لم تُظهر الإحصائيات أي فوائد مماثلة لمن يتناولون القهوة طوال اليوم.

يصرح لو تشي عالم الأوبئة بجامعة تولين: «تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تبحث في العلاقة بين أنماط توقيت شرب القهوة وآثارها على الصحة، إذ تشير النتائج إلى أن التأثير لا يتعلق فقط بشرب القهوة أو الكمية المستهلكة، بل بتوقيت تناولها أيضًا خلال اليوم». كما أضاف: «نادرًا ما نقدم توصيات بشأن توقيت تناول الطعام ضمن إرشاداتنا الغذائية، ولكن ربما يجب أن نأخذ ذلك في الاعتبار مستقبلًا».

وكما هو شائع في الدراسات الوصفية الهدف ليس إثبات علاقة سببية مباشرة، وإنما تسليط الضوء على ارتباط واضح بين المتغيرات. وأجرى الباحثون تعديلات لأخذ بعض العوامل التي قد تؤثر على صحة القلب ومعدلات الوفيات بعين الاعتبار، مثل: العمر والجنس ومستوى النشاط البدني وأنماط النوم.، إلا أنه من المحتمل وجود عوامل أخرى لم تؤخذ في الاعتبار كالعوامل الوراثية.

يعد انخفاض المخاطر لدى مستهلكي القهوة في الصباح متشابهًا بين من يتناولونها بشكل معتدل (2-3 أكواب يوميًا) ومن يستهلكونها بكثرة (3 أكواب أو أكثر يوميًا). بينما لوحظ انخفاضات أقل في المخاطر لدى الفئة التي تتناول القهوة بقدر محدود صباحًا (أقل من كوبين يوميًا).

ما لم تتطرق إليه هذه الدراسة هو السبب وراء وجود هذه العلاقة، ولكن تفتح المجال للعديد من الاحتمالات. كما نعلم أن الكافيين له تأثير محفز، وقد يرجع ذلك إلى تأثيره على اضطراب العمليات الطبيعية للجسم خلال فترتي مابعد الظهيرة والمساء.

ووفقًا لما أشار إليه تشي: «يعد أحد التفسيرات المحتملة هو أن تناول القهوة في فترة ما بعد الظهر أو المساء يؤدي إلى اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية ومستويات الهرمونات مثل الميلاتونين؛ الأمر الذي يفضي إلى تغييرات في عوامل الخطر المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية، مثل الالتهاب وضغط الدم».

أكدت العديد من الدراسات السابقة أن شرب القهوة يرتبط بعدة فوائد صحية كبيرة، من بينها تقليل مخاطر ارتفاع ضغط الدم والسكتات الدماغية، إطالة العمر، والحد من مخاطر عودة أنواع معينة من السرطان.

تحوي القهوة عددًا كبيرًا من العناصر التي تصل إلى المئات، ولا يزال العلماء في طور اكتشاف طبيعتها وآليات تأثيرها على الجسم. وحتى تتضح الرؤية العلمية وضوحًا كاملاً، قد يكون من الحكمة تقليل تناول القهوة في ساعات اليوم المتأخرة.

يشير تشي إلى الحاجة لإجراء المزيد من الدراسات لاختبار النتائج على فئات سكانية أخرى، كما يجب إجراء تجارب سريرية لاختبار تأثير تغيير توقيت شرب القهوة.

  • ترجمة: ندى ماهر قاسم
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1