
15 دافعًا رئيسيًا يؤثر على السلوك الإنساني
ملخص: حلل الباحثون الدافع الإنساني من منظور تطوري، وحددوا 15 دافعًا رئيسيًا يؤثر على سلوك الأفراد. تم تصنيف هذه الدوافع إلى خمس فئات: بيئية، فيزيولوجية، تناسلية، نفسية، واجتماعية، والتي تعكس التكيفات التي ساعدت على بقاء البشر منذ القدم.
استخدمت الدراسة تحليل إجابات استبيان نُشر عبر الإنترنت لتوضيح كيفية ترابط الدوافع وتأثيرها المتبادل. ومن الجدير بالذكر أن المكانة والدور برزا بشكلٍ رئيسي في تركيبات الدوافع، مما يسهل دخول الموارد وتطور المهارات. كما أظهرت النتائج أن هناك اختلافات في العمر والجنس تؤثر على أولويات الدوافع. حيث كان الأشخاص الأصغر سنًا يركزون على المكانة والدور الاجتماعي، بينما كانت أولوية الأشخاص الأكبر سنًا تتمثل في الراحة والخوف. لهذه النتائج تطبيقات عملية في مجالات التسويق والتكنولوجيا والصحة النفسية، كما ساعدت المصممين في تنظيم الاحتياجات المختلفة للدوافع.
حقائق أساسية:
– 15 دافعًا رئيسيًا: تؤثر على السلوك الإنساني وتشمل الدوافع البيئية والفيزيولوجية والتناسلية والنفسية والاجتماعية.
– المكانة والدور هما دافعان رئيسيان: يؤثران على سلوكيات متنوعة ويحددان كيفية الوصول إلى الموارد والقدرة على التكيف.
– اختلافات العمر والجنس: أولوية الأفراد الأصغر سنًا هي المكانة والدور، بينما يولي الأكبر سنًا أهمية أكبر للراحة والخوف.
المصدر: هيئة الصحة والسلامة
لطالما كان علماء النفس في حيرة من أمرهم بشأن العوامل التي تحفز السلوك البشري. وقد تم استخدام أساليب متعددة لتحديد تلك الدوافع الخفية. ومن بين النظريات الأكثر شهرة، تبرز نظرية أبراهام ماسلو التي طرحها في منتصف القرن العشرين، والمعروفة باسم هرم الاحتياجات.
بينما تركز معظم المناهج على الجوانب الاجتماعية للدوافع، فإنها غالبًا ما تتجاهل الأسس التطورية لها.
وقد اقترح مجموعة من الباحثين في جامعة الصحة والسلامة والبيئة وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي دراسة دوافع السلوك البشري من منظور تطوري.
تم اعتبار جميع الدوافع في إطار العمل المقترح كتكيفات تطورية ساهمت في تعزيز قدرة البشر الأوائل على البقاء في بيئتهم، ولا تزال تؤثر على سلوكهم حتى اليوم.
استند العلماء في فرضياتهم إلى أنه إذا كانت آليات تطورية معينة قد حفزت سلوكيات محددة في مناسبة معينة، فإنه يمكن الكشف عن الدوافع الخفية باستخدام تقنيات قياس العمليات النفسية. لتحقيق ذلك، أجرى مؤلفو البحث استبيانًا عبر الإنترنت شارك فيه أكثر من 500 شخص، حيث طُلب منهم تصنيف تعبيرات تتعلق بتفضيلاتهم اليومية ومخاوفهم ورغباتهم وطموحاتهم الاجتماعية.
استندت العبارات إلى دوافع محددة تم تحديدها في دراسات سابقة، والتي توضح الاحتياجات الجسدية أو التناسلية أو الاجتماعية لدى الأفراد. على سبيل المثال، هناك عبارات مثل “أستمتع بالذهاب إلى مدينة الملاهي” و”أعتبر تناول الطعام أقل أهمية مقارنة بمعظم الناس” و”أقضي الكثير من الوقت في التواصل مع أصدقائي”.
استطاع الباحثون من خلال التحليل الشبكي تحديد مجموعات ثابتة من الدوافع. وأظهرت الدراسة أن هناك 15 دافعًا رئيسيًا يؤثر في السلوك الإنساني، والتي يمكن تصنيفها إلى خمس فئات واضحة: الفئة البيئية (مثل الذخيرة والإبداع)، الفئة الفيزيولوجية (مثل الخوف والاشمئزاز والجوع والراحة)، الفئة التناسلية (مثل الرغبة والانجذاب والحب والتغذية)، الفئة النفسية (مثل الفضول والدور)، والفئة الاجتماعية (مثل الانتماء والمكانة والعدالة).
حدد الباحثون أيضًا العلاقات الوظيفية بين الدوافع، مما ساعد في تحقيق فهم أعمق لتركيباتها. على سبيل المثال، ترتبط العدالة ارتباطًا وثيقًا بدوافع التغذية والفضول، مما يشير إلى أنها تلعب دورًا في كلا الجانبين: سعادة الآخرين والحاجة إلى البقاء، حيث يمكن أن تظهر سلوكيات معادية للمجتمع في هذا السياق.
من اللافت للنظر أن دوافع الدور والمكانة برزت كنقاط ارتباط رئيسية تتفاعل بشكلٍ ملحوظ مع العقد الأخرى، مما يدل على تأثيرها الواسع على مجموعة متنوعة من الدوافع المرتبطة.
ويبدو دافع المكانة ذو أهمية إذ أنه يسهّل تحقيق الأهداف الأخرى من خلال منح الوصول إلى الموارد التي تعزز فرص النجاح في الحياة، بما فيها جذب الشريك.
يتطلب الحفاظ على المكانة تخزين الموارد والقلق من فقدانها، بالإضافة إلى استخدامها بفعالية في مختلف الحالات. ويسهم دافع الدور في تعزيز المهارات اللازمة للحفاظ على المكانة والتكيف مع الظروف المتغيرة.
ألبينا جالياموفا
توضّح ألبينا جالايموفا، زميلة أبحاث مبتدئة في مركز الصحة والسلامة والبيئة للبحوث الاجتماعية والثقافية، أنه: “باستخدام تقنيات القياس النفسي القائمة على الشبكة، تمكنا من ملاحظة كيفية ترابط الدوافع مع بعضها البعض. على سبيل المثال، تتموضع دوافع الحب والتنشئة بالقرب من بعضهما البعض في الشبكة، وهو أمر منطقي من منظور تطوري، حيث أن رعاية النسل تعزز فرصهم في البقاء على قيد الحياة.
على النقيض من ذلك، فإن دوافع الخوف والفضول غالبًا ما تؤدي إلى نتائج متناقضة. فبينما يحمي الخوف من المخاطر، إلا أن الإفراط فيه قد يعيق الفضول الذي يعزز من السعي نحو المعرفة والإبداع “.
كما كشفت الدراسة عن التنوعات المرتبطة بالعمر والجنس في أهمية الدوافع المختلفة. بينما تميل النساء لإظهار اهتمام أكبر في دوافع التنشئة والراحة، يركز الرجال على الأرجح على دوافع المكانة والانجذاب. لاحظ الباحثون أن لهذه الاختلافات صلة بالأدوار التقليدية التي يؤديها الرجال والنساء في ماضينا التطوري.
يساهم العمر في تشكيل أولوياتنا. حيث يميل الشباب إلى التركيز بشكل أكبر على المكانة والدور الاجتماعي، بينما مع تقدمهم في السن، تتجه اهتماماتهم نحو القلق بشأن الراحة والأمان. وأوضحت جالياموفا: “تعكس هذه التغيرات مراحل الحياة المختلفة؛ في البداية، نسعى لتأمين مكانتنا في المجتمع، ثم نركز لاحقًا على السلامة والبقاء”.
يمكن أن تكون اكتشافات هذه الدراسة مفيدة في مجالات متنوعة، مثل التسويق وتكنولوجيا المعلومات. على سبيل المثال، فإن فهم الدوافع لدى مجموعات من بيئات اجتماعية مختلفة في مجال الإعلان يسهم في تحقيق تواصل أكثر دقة وفعالية.
من المحتمل أن يتفاعل الشباب الذين يهتمون بالمكانة والدور بشكلٍ أكبر مع الحوافز المرتبطة بالمنصب والترفيه، بينما يفضل الجمهور الأكثر نضجًا القيم المتعلقة بالسلامة والمصداقية والراحة.
في سياق الذكاء الاصطناعي، يوفر فهم الدوافع التطورية نهجًا يركز أكثر على الإنسان، حيث يقدم الألعاب والتفاعل الاجتماعي للمستخدمين الأصغر سنًا، مع التركيز على الراحة والبساطة للجيل الأكبر.
وفي إطار العلاج، يمكن أن يساعد فهم الدوافع الخفية في تقديم إجابات أكثر دقة تلبي احتياجات العميل. على سبيل المثال، عند معالجة القلق، يمكننا مراعاة الآلية التطورية التي تدفع الأفراد لتجنب المخاطر، مما يسهم في تحقيق توازن بين الشعور بالأمان والفضول.
كما تشير جالياموفا: “في النهاية، فإن إدراك الدوافع التطورية التي تؤثر على سلوكنا يمكن أن يساعدنا في إيجاد حلول تجعل حياة الناس أكثر راحة وأمانًا وإثارة”.
- ترجمة: تقوى العبيدي
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1