تمنع وسائل التواصل الاجتماعي مستخدميها من جني المكاسب الإبداعية للملل العميق

أظهرت دراسة في فترة وباء covid أن الناس الذين يهربون من الملل سريعاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي، يمنعون أنفسهم من دون قصد من الدخول في حالة الملل العميق التي قد تفتح لهم الباب لأنشطة مبتكرة وذات معنى.

وقد حدد الباحثون من bath school of mangment and trinity college في دبلن أن الوباء، والإجازة، والوحدة القسرية قدمت للناس فرصة نادرة لاختبار مستويي الملل السطحي والعميق، وقد كان الفيلسوف الألماني مارتين هيدغر هو أول من عرفهما.

فالملل السطحي -وهو أشيع أشكال الملل- يمكن تعريفه على أنه شعور عدم الراحة المألوف الذي يراودنا جميعًا، فعلى سبيل المثال: عندما نكون بانتظار القطار نسعى لإيجاد ملهيات مؤقتة من حياتنا اليومية، التي تلعب فيها وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الهاتف دورًا أساسيًا.

وينبع الملل العميق من كثرة الوحدة غير المقطوعة التي تقود إلى اللامبالاة والخمول، وتقود الناس للتساؤل عن مشاعرهم وكيانهم الذاتي، وهذا ما قال عنه هيدجر أنه قد يمهد الطريق للمزيد من الأنشطة والتفكير الإبداعي.

لقد أجرى الباحثون الاختبار على الملل خلال فترة الوباء إما على الناس الذين لديهم إجازة للتخطيط أو ممن طُلب منهم العمل في المنزل.

وقال د. تيموثي هيل الكاتب المشارك في دراسة (المشاعر الدنيوية: افقد نفسك في الملل والوقت والتكنولوجيا):

إن المشكلة التي لاحظناها هي قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تخفيف الملل السطحي، ولكن هذا ما يشتت الانتباه ويهدر وقتا وطاقة كبيرين، كما أنه قد يمنع الناس من الدخول في حالة الملل العميق، حيث قد يكتشفون شغفًا جديدًا.

وأضاف أيضًا: لقد أتاحت لنا هذه الدراسة الفرصة لكي نفهم كيف أن ثقافات وأدوات “متصل دائما” التي تقدم المعلومات والتسلية بغزارة مع أنها تحل مشكلة الملل السطحي لدينا لكنها تمنعنا فعليًا من إيجاد أشياء ذات قيمة أكبر.

فأولئك الذين يدخلون في ما يسمى (التخلص من السموم الرقمية) وقد يكونوا على الطريق الصحيح.

لاحظ د. هيل أن الملل العميق كان متاحًا للكثير من الناس بفضل الظروف الاستثنائية للوباء، فقد أعفت الحكومات الناس من العمل مؤقتا، ونال البعض الأكثر حظًا وقت فراغ مدفوعًا، والذي بدوره يحتاج أن يملأ.

“قد يبدو مصطلح الملل العميق سلبي للغاية، لكنه إيجابي بشدة إن اغتنم الناس هذه الفرصة للتفكير والتطوير الخالص.

نحن نعلم أن الوباء كان مأساة، ومدمر كما أنه تجربة متلفة لآلاف الناس باستثناء القلة المحظوظة، ومع ذلك سمعنا جميعًا خلال فترة الحجر قصصًا كثيرة عن أولئك الذين وجدوا هوايات أو مهن أو توجهات حياتية جديدة “وفقًا للدكتور هيل.

وقد بين د. هيل أن نتائج الأبحاث جاءت مطابقة بشكلٍ مدهش لمحاضرات هيدجر السابقة عن نوعي الملل، والتي نوه خلالها لإمكانية وجود الملل العميق.

فالأبحاث أخذت عينة من 15 فرد من انجلترا وايرلندا مختلفين عمريًا ومن ناحية العمل والتعليم، وكانوا إما في إجازة أو طُلب منهم العمل من المنزل.

وقال د. هيل أن هذه التجربة محدودة نسبيًا، واقترح رفدها بدراسات أخرى، على سبيل المثال دراسة تأثير كل من الوضع الاقتصادي أو الطبقة الاجتماعية في تجربة الملل.

وأضاف: نعتقد أن هذا الاكتشاف الأولي سوف يحدث فرقًا في تعامل الناس مع وسائل التواصل الاجتماعي لمحاربة الملل وتعاملها مع تجربة الوباء، كما يستحق مننا المزيد من البحث والدراسة.

  • ترجمة: نور مخلوف
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1