
كيف يتجاهل الدماغ المشتتات ليحافظ على تركيزه
ملخص:
عند التركيز في بيئات صاخبة، يتكيف الدماغ ليس عن طريق التركيز بشكل أكبر، ولكن عن طريق تجاهل المشتتات التي كانت تشتت الانتباه في السابق. لقد طوّر الباحثون نموذجًا للشبكة العصبية يُظهر أن الناس يضبطون انتباههم بناءً على تجاربهم السابقة مع المشتتات. وخلافًا للنماذج التقليدية التي تدرس مهمة واحدة مع مشتت واحد، اختبرت هذه الدراسة مشتتات متعددة ومتزامنة تحاكي ظروف العالم الحقيقي.
وقد أظهرت النتائج أن الناس يتكيفون في المقام الأول من خلال قمع المدخلات التي كانت تشتت الانتباه في السابق بدلًا من تعزيز التركيز على مهمة ما. ويوفّر هذا البحث فهمًا جديدًا لكيفية عمل الانتباه، وقد يكون له تطبيقات في التدريب المعرفي وعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
حقائق رئيسية:
يحدث القمع الانتقائي عندما يتعلم الدماغ تجاهل عوامل التشتيت بدلًا من التركيز بشكل أكبر على مهمة ما.
الأهمية في العالم الحقيقي: على عكس النماذج السابقة، اختبرت هذه الدراسة عوامل تشتيت متعددة في وقت واحد محاكيةً بذلك مواقف الحياة الواقعية.
الأساس العصبي: تهدف دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي القادمة إلى تحديد مناطق معينة في الدماغ تشارك في التحكم في الانتباه التكيفي.
تخيَّل أنك تنصت باهتمام إلى فرد يتحدث، وآخر بجانبه يصدر ضجيجًا عاليًا من كيس رقائق البطاطس. للتعامل مع هذا الوضع، يمكن للفرد تعديل انتباهه لتقليل هذه الأصوات المزعجة أو تركيز سمعه على المتحدث. لكن فهم كيفية قيام الدماغ البشري بهذا الأمر كان تحديًا.
لكن الآن، وبفضل نموذج الشبكة العصبية الجديد، أصبح لدى الباحثين في جامعة واشنطن في سانت لويس أداةً أفضل للكشف عن آليات الدماغ التي تعمل عندما يحتاج الناس إلى التركيز وسط العديد من عوامل التشتيت.
يوضح النموذج، الذي نُشر الآن في مجلة Nature Human Behaviour، أن الناس يوجهون تركيزهم ليس من خلال التركيز بشكل إضافي على موضوع ما، ولكن من خلال تجاهل المدخلات التي كانت تشتت الانتباه في الماضي.
قال مؤلف الدراسة ووتر كول، أستاذ مساعد في العلوم النفسية والدماغية في الآداب والعلوم بجامعة واشنطن: «لقد أظهرت الأبحاث السابقة أنه عندما يواجه الناس مهمةً صعبةً للغاية، فإنهم يوجهون انتباههم لجعلهم محصنين ضد التشتيت الجديد. ومع ذلك، ظل من غير الواضح كيف يضبطون انتباههم».
ذلك لا يعني أن الأفراد غير قادرين على فعل كلا الشكلين من التحكم في الانتباه، التركيز والحد من عوامل التشتيت، ولكن كيف يفعلون ذلك يمكن أن يتأثر بصعوبة المهام السابقة.
قال كول ملخصًا النتائج التي توصلوا إليها: «في بحثنا هذا، أثّرت الصعوبة السابقة وبشكل واضح أيضًا على حساسيتهم للصعوبة الحالية».
يُعد الابتكار الرئيسي في هذا البحث أن الباحثين عادةً ما يدرسون هذه المشكلة من خلال مصدر واحد فقط للمعلومات ذات الصلة ومصدر واحد للمعلومات المشتتة للانتباه.
ومن الأمثلة على ذلك، بحث مهمة ستروب الأقدم، والذي يتضمن قائمة من الكلمات التي تعبر عن الألوان والتي يمكن أن تتطابق أو لا تتطابق مع اللون الذي طُبعت به الكلمة.
ومن خلال التحقيق في التأخير في وقت رد الفعل عندما يُطلب من المشاركين تسمية لون الكلمات غير المتطابقة، ابتكر الباحثون نماذج بسيطة للشبكات العصبية لفهم كيفية تركيز البشر على المهام. ولكن مرة أخرى، هذا تشتيت واحد، ومهمة واحدة. لذا، أراد الباحث في ما بعد الدكتوراه كول ديفيد جيزا تغيير الأمر.
قال جيزا: «لقد زدنا مصادر التشتيت في محاكاةٍ لحفل كوكتيل أو اجتماع في مؤتمر».
على النقيض من مهمة ستروب التي تتضمن كلمات ملونة بسيطة، تتطلب مهمتهم الاختيار بين اثنين من المحفزات المعقدة ذات الأشكال والألوان والحدود واتجاهات الحركة المتنوعة. وهذا من المفترض أن يوفر أربعة مصادر إجمالية للمعلومات.
ومن خلال إخضاع المشاركين لسلسلة من التجارب بطريقةٍ يمكن أن يكون كل من المصادر الأربعة إما المهمة المستهدفة أو أحد مصادر التشتيت، قال كول: «وجدنا أدلة قوية على أن الناس كانوا حقًا يضبطون انتباههم على المشتت وليس على الهدف».
وأضاف: «يضبط الناس انتباههم بشكل محدد للغاية. فإذا كان هناك شيء أو شخص ما يشتت انتباهك من قبل، فإنك تتعلم تجاهله في المستقبل، لكنك تظل منفتحًا على المدخلات الأخرى التي قد تساعد في إكمال المهمة».
ستكون الخطوة التالية اختبار هذا النموذج على بيانات الدماغ التي جُمِعَت أثناء قيام المشاركين بهذه المهمة في ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي. إذ يعتقد جيزا وكول أن هذا سيساعدهم في تحديد ماذا يحدث على وجه التحديد في أدمغة الناس أثناء مواجهتهم لمصادر التشتيت المتعددة والتغلب عليها.
التمويل:
دُعِمَ هذا العمل ماليًا من خلال منحة مبادرة الأبحاث متعددة الجامعات لكول ومنحة مركز ماكدونيل لعلوم الأعصاب النظمية لجيزا.
ملخص
التكيف مع التحكم بمشتتات الانتباه في بيئات متعددة الأبعاد.
يتطلب السلوك الموجه نحو الهدف من البشر الإدارة والتبديل باستمرار بين مصادر متعددة ومستقلة ومتضاربة للمعلومات. ومع ذلك، فإن مهام التحكم الإدراكي التقليدية تتضمن مهمة واحدة ومصدرًا واحدًا للتشتت. لذلك، من غير الواضح كيف يُوزَّع التحكم في البيئات متعددة الأبعاد.
لمعالجة هذا السؤال، طورنا نموذجًا للتداخل في مجموعة من المهام متعددة الأبعاد، إذ يحتاج الناس إلى إدارة التشتت من ثلاثة أبعاد مستقلة.
نستخدم هذه المهمة لاختبار مدى تكيّف الناس مع النزاع السابق عن طريق تعزيز المعلومات ذات الصلة بالمهمة أو قمع المعلومات غير ذات الصلة بها. وقد أظهرت ثلاث تجارب أدلة قوية على صحة الفرضية الأخيرة.
علاوةً على ذلك، كان التكيف مع التحكم محددًا للغاية من حيث الأبعاد. إذ إن النزاع من بُعد معين أثّر فقط على معالجة البُعد نفسه في التجارب اللاحقة، دون وجود دليل على التعميم.
يُظهر نموذج الشبكة العصبية الجديد أن نتائجنا يمكن محاكاتها فقط عند تضمين وحدات اكتشاف النزاع المستقلة المتعددة.
وتدعو هذه النتائج إلى تحديث النماذج الكلاسيكية للتحكم الإدراكي وأسسها العصبية الحسابية.
- ترجمة: زينه المراد
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1