
الماء يحارب القلق والاكتئاب
يُعدّ شرب الماء مفيد للصحة العقلية والجسدية. إذ قد يساعد شرب كميات كافية من الماء في التقليل من الصداع، والتعب، والضعف الجسدي والإدراكي. وقد أظهرت دراستان أن الماء قد يساهم في تقليل خطر القلق والاكتئاب. لذا، احرص على شرب أكثر من لتر واحد (ما يعادل 40 أونصة) من الماء يوميًا.
لقد قررت أخيرًا أن أُعلن عن ذلك: أنا لا أشرب كمية كافية من الماء. فعندما يحاول أحدهم سكب ماء الصنبور لي في أحد المطاعم، قد أقول مازحًا: «لا تلمسني، الماء يؤذيني». وكمدرِّس، قد يكون من الصعب الحفاظ على رطوبة الجسم، إذ ينبغي عليك تنسيق أوقات استراحات الحمام بعناية لتتوافق مع أوقات الغداء أو التحضير.
لكن في الآونة الأخيرة، قررت أن أبحث في هذه النصيحة القديمة. ربما يفيدني أن أشرب المزيد من الماء. كنت أبحث عن دافع للحفاظ على رطوبة الجسم، ولا أظن أنني الوحيد في ذلك. إذ لطالما شعرت بأن نصيحة “اشرب المزيد من الماء” مُرهقةً مثل نصيحة “خذ نفسًا عميقًا” عندما أكون منزعجًا.
فهل شرب الماء مفيد فعلًا لصحتنا العقلية؟ وإن كان كذلك، كيف؟
سأمنحك فرصة لترتشف بعض الماء، قبل أن أبدأ بمشاركة بعض الإجابات التي اكتشفتها.
العواقب الجسدية لعدم شرب كمية كافية من الماء
توجد دراسات كثيرة توضح الفوائد الجسدية للبقاء مرطَّبًا، أكثر من تلك التي توضح الفوائد النفسية. فليس من المستغرب أن الجفاف الشديد قد يؤدي إلى الارتباك، والهذيان، وضعف وظائف المناعة، والكلى، والجهاز الهضمي. وهذا هو النوع من الجفاف الذي يدفع المرء إلى غرفة الطوارئ. لكن من الواضح أنه أمر ينبغي تجنُّبه، ولا جدال في ذلك. ومع ذلك، فإن الجفاف الطفيف قد يسبب أيضًا عواقب غير مرغوبة، مثل الصداع، والانفعال، وانخفاض الأداء، وتراجع الوظائف المعرفية. وهذا يُشبه حالي في أي يوم ثلاثاء. لذا، أنا منفتح على فكرة شرب المزيد من الماء.
العواقب العقلية لقلة شرب الماء
سنتحدث لاحقًا عن كمية الماء التي ينبغي شربها يوميًا، ولكن دعونا أولًا نلقي نظرة على دراستين تُظهران تأثير الجفاف الطفيف على الصحة العقلية.
لقد أظهرت دراسة إسبانية أُجريت على 65 طالبة جامعية وجود علاقة بين الجفاف الطفيف وقلق الحالة. ولكن تجدر الإشارة إلى وجود فرق بين قلق الحالة وقلق السمة؛ فقلق الحالة مؤقت (يعكس ما تشعر به حاليًا)، أما قلق السمة فهو أكثر ديمومة (أشبه بصفة شخصية).
أولًا، أظهرت الدراسة أن أكثر من 90% من المشاركات لم يشربن كمية كافية من الماء لتعويض ما فقدته أجسامهن خلال اليوم، وظهرت على أكثر من 90% منهن (أي ممن يعانين من ترطيب منخفض) مستويات مرتفعة من قلق الحالة. كما أظهرت نحو 97% منهن مستويات قلق حالة أعلى من 85%. والأهم من ذلك أن توازن الرطوبة كان أقل لدى المشاركات ذوات قلق الحالة المرتفع بنسبة تفوق 95%، مما يدل على وجود علاقة بين الترطيب والقلق.
وفي دراسة أخرى إيرانية أُجريت على أكثر من 3000 مشارك، ظهر ارتباط آخر بين قلة شرب الماء وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب. فقد قُسِّم المشاركين إلى ثلاث مجموعات: أقل من كوبين من الماء يوميًا (أي أقل من نصف لتر ما يعادل 16 أونصة)؛ من كوبين إلى خمس أكواب يوميًا (أي بين نصف لتر ولتر واحد ما يعادل 16 إلى 40 أونصة)؛ وأكثر من خمس أكواب يوميًا (أي أكثر من لتر واحد ما يعادل 40 أونصة).
كن صادقًا، ضمن أي مجموعة تصنّف نفسك اليوم؟
وجدت الدراسة علاقة عكسية بين شرب الماء والاكتئاب، أما العلاقة مع القلق فكانت أقل حسمًا.
اشرب المزيد من الماء
آمل أن تكون قد اقتنعت بأن شرب أكثر من لتر واحد من الماء يوميًا يُعدّ استراتيجية منخفضة التكلفة لمكافحة الصداع، والتعب، وضعف الأداء الجسدي والعقلي، وربما الاكتئاب والقلق. لكن هل ستذهب إلى الحمام أكثر؟ بالتأكيد. لكن لا بأس؛ فقد بدأت هذا الأسبوع بشرب نحو 3 لترات (ما يعادل 96 أونصة) من الماء يوميًا، وكان ذلك منعشًا! إذ شعرت باليقظة، والنشاط، والتركيز. لكنني سأكون صادقًا: لا أستطيع الحفاظ على مستوى مرتفع من الترطيب دومًا، لذا أصبحت أهدف الآن إلى شرب لتر واحد على الأقل يوميًا.
نصائح سريعة للحفاظ على رطوبة الجسم
اشرب كوبًا من الماء بمجرد الاستيقاظ من النوم. واشرب الماء مع كل وجبة. كما أنه يجب شرب الماء أثناء التمارين الرياضية. ثم كافئ نفسك عند تحقيق أهدافك في شرب الماء. ونافس أصدقاءك أو زملاء العمل لمحاسبة بعضكم بعضًا.
ما زلت أشعر بالضيق أحيانًا عندما ينصحني أحدهم بأخذ نفس عميق. لذا، أتمنى ألا تنزعج إذا أخبرتك أنت أيضًا بأن تشرب بعضًا من الماء. قد تبدو هذه نصيحة تقليدية، لكنها حكيمة.
حسنًا يا رفاق… اشربوا كوبًا من الماء قبل إغلاق هذه الصفحة.
- ترجمة: مريم مجدي
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1