المتفائلون هم الأفضل في العثور على وظائف جديدة!
بما أنني باحثة في ما يخص السعادة، فربما يتبادر إلى ذهنك أنني أسعى جاهدة لمساعدة الناس على تخفيف التعاسة في حياتهم المهنية. إلا أني وجدت أن التعاسة في الواقع تؤدي وظيفة بالغة الأهمية، فهي تبث إشارات الحاجة إلى التغيير، وتدفعنا إلى تبديل الشركات أو المجالات التي نعمل بها، أو حتى أنها تحفزنا فقط على تحديث سيرتنا الذاتية سراً في البيت (للاحتياط فقط). التعاسة هي التي حفزتني على التحول من مهندسة حاسوب إلى مذيعة أخبار قناة CBSالوطنية ومن ثم إلى باحثة إيجابية في علم النفس، لحسن الحظ حالياً!
ولكن هنا تكمن المشكلة: إن التعاسة ذاتها التي بإمكانها أن تدفعنا للبحث عن شيء ما، ملائم بشكلٍ أفضل لنا، لا تخدمنا غالباً بشكلٍ جيد عند التزامنا في هذا المسعى. من منظور علمي، فإن العقلية التفاؤلية الإيجابية هي وقود طاقةٍ أفضل لرحلة الإنسان من الاستياء أو السلبية التي دفعتنا أصلاً للبدء بمسارٍ جديد في حياتنا.
يعزز التفكير الإيجابي قدراتنا خلال أوقاتٍ عصبية قد تلم بنا، دافعاً بنا إلى اتخاذ خطوات عمل إيجابية. يكمن السبب في ذلك إلى أن المتفائلين يتوقعون عموماً حدوث الأشياء الجيدة في مواجهة التحديات، والأهم من هذا، أنهم يؤمنون بأن سلوكهم مهم لخلق تغيير إيجابي.
في العمل، أقوم أنا وزملائي بإسداء المشورة إلى أشخاص قد خسروا مؤخراً وظائفهم، بإمكاننا على الفور تقريبًا تحديد هوية المتفائلين منهم في الغرفة: أولئك الذين يتخذون خطوات بشكلٍ أسرع للعثور على وظيفة جديدة لأنهم يؤمنون بأن الأحداث السلبية مؤقتة؛ يقومون بتحديث سيرهم الذاتية، ينشؤون صفحات شخصية على Linked In، يتواصلون إلكترونيًا مع زملائهم السابقين للعثور على بداية جديدة أو فرصة ما. سيلتف المتشائمون حول هذه السلوكيات، إلا ذلك سيستغرق معهم زمناً أطول، وسوف ينفَّذ بحماس أقل، ولهذا آثاره في كل الحالات تقريباً على النتائج النهائية.
التفاؤل مفيد أيضًا أثناء إجراء المقابلات الشخصية، فهو يجعل المرشحين أكثر قبولاً وتمكناً. عندما يسأل مدير التوظيف عن تحدٍ واجهته مؤخراً وكيف تمكنت من إيجاد حلول له، فإن الطريقة التي تؤطّر بها استجابتك لهذا السؤال تدلي عن أداءك المستقبلي. أنا أطلب بشكلٍ دوري من المدراء الباحثين عن موظفين متفائلين الاستماع فقط لكيفية إجابة الناس عن هذا السؤال.
ينصب تركيز المتفائلين بشكلٍ أكبر على الجوانب المحفزة من العمل والمجالات التي يمتلكون فيها زمام التحكم. إن قدّم الشخص الذي يتم إجراء المقابلة معه إجابة معززة بالتركيز على إيجاد الحلول بدلاً من مناقشة المشكلة فقط، فإن هذا الشخص يستحق مقابلة ثانية.
عند الحصول على وظيفة جديدة، فإن التفاؤل يؤتي ثماره فيها أيضاً. توصل البحث الذي أجريته مع Shawn Achor(الذي يصادف أن يكون زوجي أيضاً) بأن المتفائلين في العمل هم أقل عرضة بخمس مرات للاستنزاف الوظيفي من المتشائمين وأنهم أكثر احتمالاً بثلاث مرات للانخراط بشكلٍ كبير في حياتهم المهنية.
وجد علماء من جامعة بنسلفانيا في دراسة أجريت في MetLife، بأن محترفي المبيعات المتفائلين تتفوق مبيعاتهم على نظرائهم المتشائمين بنسبة 37%. كما وجد أيضاً أن المتفائلين يكسبون المزيد من الأموال على مدار حياتهم المهنية، وأنهم أكثر رضا عن مسيرتهم. يتجلى جانب الأمل الأكبر من بحوث التفاؤل بأن عقلياتنا تتمتع بالمرونة – تماماً كعضلة جسم يتم تمرينها في النادي الرياضي، بإمكاننا العمل عليها لتقويتها. إن عقلياتنا ليست مجرد حصيلة مورثات وتربية. بإمكاننا إعادة تدريب الدماغ بشكلٍ علمي على إهمال طريقة التفكير تلك، من خلال إعادة تركيز الانتباه على الأجزاء الإيجابية وذات المغزى في الحياة ونقاط قوتنا الشخصية.
تتضمن العادات الثلاث اليومية التي قمنا البحث فيها ووجدناها فعالة بشكل مذهل لبناء التفاؤل: التفكير بثلاث أشياء جديدة محددة تشعر بالامتنان اتجاهها كل يوم؛ إرسال ملاحظة إيجابية مدتها دقيقتان عبر البريد الإلكتروني إلى شخصٍ جديد كل صباح، تتضمن ثناءً أو شكراً؛ تخصيص بضعة دقائق كل يوم في الكتابة عن أكثر اللحظات قيمة ومعنى مررت بها في اليوم الماضي. بدلاً من التركيز على المشاحنات، والشكاوى، والمضايقات. تعيد هذه السلوكيات البسيطة توجيه أدمغتنا على غمر حياتنا بالمعاني القيّمة والشعور بالامتنان. هذه الممارسة جيدة في الوقت الحالي، إلا أنها تساعدنا أيضاً على غرس السعادة، وبالتالي النجاح في حياتنا المهنية الجديدة أيضاً.
- ترجمة: نور مهنا
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1