عكست الشيخوخة بنجاح لدى الفئران فهل سينجح الأمر مع البشر؟

  • أظهر العلماء مسبقًا إمكانية عكس بعض آثار شيخوخة الخلية لدى الفئران.
  • لكن أُظهر ذلك لدى الفئران في بداية الشيخوخة.
  • أدَّت تجارب أخرى لتطور أورام قاتلة لدى الفئران.
  • غيّر الباحثون في هذه الدارسة الطريقة التي عكسوا بها آثار الشيخوخة لدى الفئران، وقاموا بذلك على فترة زمنية أطول.
  • وجد الباحثون أن هذه الطريقة عكست بأمان آثار الشيخوخة المتنوعة لدى الفئران.

وضعت الدراسة، والتي نُشرت في صحيفة Nature Aging، حجر الأساس للبحث الذي يدرس احتمالية تطبيق هذه النتائج على البشر.

الشيخوخة

اعتقد الناس تقليديًا أن الشيخوخة جزءٌ من الحياة لا يمكن تجنبه. لكن أدرك العلماء بعد عمل سينثيا كينيون-Cynthia Kenyon العظيم في التسعينيات أن الشيخوخة تخضع للسيطرة الوراثية.

يزداد العلماء اهتمامًا بإيجاد ما إذا كان يمكن تقليل الآثار السلبية للشيخوخة أو عكسها كليًا.

إنَّ 16% من سكان الولايات المتحدة حاليًا عمرهم 65 سنة أو أكثر. من المتوقع أن تصل النسبة ل22% بحلول عام 2050.

صرَّحت مراكز الحد من الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أن الشيخوخة تزيد من خطر إصابة الشخص بالعديد من الأمراض المزمنة الخطرة، كالسرطان، والخرف، والنمط 2 من السكري، وأمراض القلب.

أشارت المؤسسة الوطنية للشيخوخة لوجود العديد من الأمور التي بإمكان الشخص القيام بها للمساعدة في التقليل من آثار الشيخوخة.

تتضمن هذه الأمور الحفاظ على النشاط البدني، واتباع نظام غذائي صحي يتضمن الكثير من الخضروات، والفواكه، والحبوب الكاملة، والحصول على كمية كافية من النوم الجيد، وتجنب التدخين وشرب الكحول، وزيارة الطبيب دوريًا.

نشرت منظمة الصحة العالمية (WHO) في عام 2020 تقريرًا أساسيًا في خانة(عقد-decade الشيخوخة الصحية)، مركزةً حول كيف يمكن أن تحافظ الدول على الصحة والعافية بينما يشيخ الناس.

يقول د. تيدروس أدهانوم غبريسوس وهو المدير العام لWHO : «إن البشر يعيشون اليوم لفترة أطول من أي وقت مضى. لكن إضافة سنوات أكثر للحياة يمكن أن تكون نعمةً مختلطةً إذا لم تقترن بإضافة حياة أكثر للسنوات».

«من المحتمل أن يغيِّر التقرير الأساسي في خانة عقد الشيخوخة الصحية الطريقة التي يتعامل بها واضعو السياسات ومقدمي الخدمات العديدة مع البالغين الأكبر سنًا. يجب أن نعمل سويًا، لتعزيز قدرات وصحة أجيالنا الأكبر سنًا، الذين يواصلون منحنا الكثير».

إعادة برمجة الخلايا

يدرس العلماء، إضافةً لفترة الحياة والتعديلات في السياسة، ما إذا كان بمقدور أنواع جديدة من التدخُّلات الطبية التقليل من الآثار الفيزيولوجية للشيخوخة.

وجد العلماء المسؤولون عن هذه الدراسة مسبقًا إمكانية إعادة برمجة الآثار فوق الجينية لدى الفئران باستخدام الجزيئات Oct4، وSOx2، وklf4، وcMyc. أطالت هذه الجزيئات، المعروفة باسم عوامل يامانكا-Yamanka، من فترة الحياة وقللت من آثار الشيخوخة لدى الفئران في بداية الشيخوخة.

تحدثت Medical News (اليوم) مع الأستاذ خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتيه وهو عضو في مختبر التعبير الجيني في مؤسسة سالك-Salk للدراسات البيولوجية في سان ديغو، كاليفورنيا، والكاتب الأساسي لهذه الدراسة.

«في ورقة العام 2016، طورنا برتوكولًا وأظهرنا لأول مرة إمكانية التعبير عن عوامل يامانكا لدى الفئران بأمان دون إحداث سرطان. إضافةً لذلك فقد استخدمنا فأرًا في بداية الشيخوخة كنموذجٍ لإظهار إمكانية إطالة عوامل يامانكا من فترة حياة هذه الفئران من خلال تجنب تكدس آثار الشيخوخة في الخلايا والنسج».

قال الأستاذ إيزبيسوا بيلمونتيه: « لكننا لم نعلم ما إذا كان التعبير عن عوامل يامانكا لفترةٍ مطوَّلةٍ لدى الحيوانات دون أيَّة آثار سابقة سيعمل أو سيكون آمنًا. كان هدف الدراسة الحالية معرفة ما إذا كانت البرمجة الجزئية طويلة الأمد ستمتلك تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا على صحة حيوانٍ برّي».

نماذج الفئران

وللقيام بذلك قسَّم الأستاذ إيزبيسوا بيلمونتيه وزملاؤه الفئران لثلاث مجموعات. أُعطيت المجموعة الأولى عوامل يامانكا من عمر 15 ل22 شهرُا أو حوالي 50 ل70 سنة لدى الإنسان.

أُعطيت المجموعة الثانية عوامل يامانكا من عمر 12 ل22 شهرًا أو 35 ل70 سنة لدى الإنسان.

أُعطيت المجموعة الثالثة العلاج لشهر واحد بعمر ال25 شهرًا أو 80 سنة لدى الإنسان.

آثار العكس الآمن للشيخوخة

وجد الباحثون أن الفئران التي تلقت عوامل يامانكا، بالمقارنة مع الفئران الطبيعية، لم تطوِّر أي سرطان ولم يلاحظوا أية تغيرات دموية أو عصبية.

هذا وأظهرت الفئران التي أُعطيت عوامل يامانكا العديد من الآثار المعكوسة للشيخوخة لعددٍ من الأشهر.

هنالك تشابه بين جلد وكُلى الفئران والفئران الأصغر سنًا، تعافى جلدهم من الجروج دون ترك الكثير من الندب، ولم يلاحظ العلماء أيَّة تغيرات استقلابية دموية تُرى عادةً لدى الحيوانات الكبيرة بالسن.

لم تظهر هذه الآثار على الحيوانات التي عُولجت لمدة شهر واحد في وقت متأخر من حياتها.

قال الأستاذ إيزبيسوا بيلمونتيه أنَّه لا زال هناك خطوات مهمة لنقوم بها قبل إمكانية تجريب هذا البحث على البشر.

«يتطلب تطبيق نهجنا على البشر تطوير طرقٍ لإعطاء العوامل والسيطرة على مستوياتها والمدة التي تعبّر خلالها عن نفسها. ستمكن(نا) هذه الخطوات من معرفة الطريقة الآمنة لإعطاء العوامل، وهي أمرٌ مهمٌ علينا القيام به قبل إمكانية البدء بالتفكير بإجراء التجارب السريرية».

تقدم هذه النتائج مع ذلك دليلًا محمِسًا حول إمكانية امتلاك هذه التقنية لفوائدَ أكثر من عكس آثار الشيخوخة وحسب.

«استخدم مختبرنا، بعد دراستنا المبدئية في عام 2016، بالإضافة إلى مختبرات أخرى عديدة حول العالم نفس النهج لإظهار التطور في إعادة توليد الأنسجة المختلفة لدى الفئران وتجديد الخلايا البشرية».

قال الأستاذ إيزبيسوا بيلمونتيه: «تثبت كل هذه الدراسات أيضًا أن التعبير المضبوط عن عوامل يامانكا لإعادة برمجة الخلايا يمكن أن يفيد حالات طبية متنوعة وقد يصبح منهجًا طبيًا عامًا في المستقبل للتعامل مع المضاعفات العديدة التي تحدث أثناء الحياة».

  • ترجمة: شادي الصعوب
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1